الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

لبنان ووقائع الاختبار بالنار

5 يونيو 2006
بيروت - رفيق نصرالله:
اسرائيل تعتبر انها أجرت اختباراً ناجحاً الاسبوع الماضي عندما نفذت يوماً نارياً طويلاً أدى الى ضرب بعض مراكز المراقبة التابعة لحزب الله على بعد أمتار من الخط الأزرق·
حزب الله يعتبر ايضاً انه أجرى اختباراً ناجحاً عندما لم يستدرج الى قصف عشوائي، بل وجه قذائف صاروخية الى أحد مقرات القوات الجوية الاسرائيلية على بعد 22 كلم جنوب الخط الازرق·
اذن انه اختبار النار الذي سيمهد لاختبارات أقوى وأشد عنفاً في المستقبل في ضوء تزايد المؤشرات التي توحي بأن اسرائيل اتخذت قراراً بتغيير قواعد اللعبة وانها ستنقل من موقع المنتظر المراهن على ما يجري في الداخل اللبناني الى موقع الشريك الكامل في اللعبة·
فإسرائيل تعاطت مع مطلب غربي عملت عليه فرنسا والولايات المتحدة بأنه لا بد من اعطاء فرصة لتنفيذ ما تبقى من القرار 1559 خاصة بعد انسحاب الجيش السوري، ووفق المصادر الغربية فإن بيروت طلبت ولأسباب مختلفة ان تمنح مثل هذه الفرصة من أجل اتخاذ ما يلزم من إجراءات بواسطة الحوار لاقناع حزب الله بالتخلي عن سلاحه في سياق مفاعيل قرار مجلس الامن الدولي· وحدث ما حدث في الداخل اللبناني من تحولات لا تزال تحول دون تحقيق هذا المطلب وهو ما بدأ يعكس نفسه على حركة غير عادية سواء للاميركيين الذين يتعاطون بشكل مباشر مع الملف اللبناني او الاسرائيليين الذين اكتفوا خلال الاشهر الستة الماضية بالمراقبة ومتابعة التداعيات اللبنانية مع تصاعد الجدل الداخلي حول مزارع شبعا وهويتها واسرائيل تحتل هذه المزارع او حول السلاح الفلسطيني وبعضه خارج المخيمات في مواقع تابعة لحركة فتح الانتفاضة او للجبهة الشعبية - القيادة العامة وكلاهما على علاقة وثيقة بدمشق·
التسريب المقصود
والواضح ان اسرائيل الساعية بعد زيارة اولمرت الى واشنطن مؤخراً تسعى لتغيير قواعد اللعبة وتعرف ان لذلك بعض الثمن لان الخروج من حالة الستاتيكو القائمة حالياً يعني ايضاً ان حزب الله سيخرج من قواعد اللعبة وعندها سيكون الجنوب اللبناني كما شمال اسرائيل مسرحاً للعبة النار بكل احتمالاتها وما قد تشهد من مفاجآت في ظل وضع اقليمي معقد، ومن الطبيعي ان تكون سوريا وايران على مقربة من هذه التطورات كذلك بما ستترك من انعكاسات على طبيعة ما يجري في الاراضي الفلسطينية المحتلة·
لكن اللافت هو توقيت ما سربته صحيفة معاريف الاسرائيلية حول مشروع ناقشه حسب رأي معاريف رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة خلال زيارته الاخيرة للولايات المتحدة والذي ينص على خطوات وآليات معينة لدفع اسرائيل الى الانسحاب من مزارع شبعا مقابل خطة تقضي بنزع سلاح حزب الله والسلاح الفلسطيني وبإعطاء صلاحيات أكبر لقوات الطوارئ الدولية·
لكن السنيورة سارع الى نفي هذه التسريبات وبشيء من الحدة معتبراً ان ما سرب انما هو من صنع خيال غرف الموساد وانه لم يناقش مثل هذا الأمر في واشنطن فيما ذهبت معاريف الى الاشارة بأن نص المقترحات قد نقل فعلاً الى الرئيس السوري بشار الاسد·
مرحلة القلق
ان مرحلة من القلق تحكم الوضع اللبناني الآن وهو يقترب أكثر وأكثر من التجاذبات الاقليمية ومن الملفات المعقدة، وجاءت الغارات الاخيرة على المواقع الفلسطينية ثم الاشتباك مع مواقع حزب الله لتعطي صورة واضحة عن النظرة الاسرائيلية الواحدة للعلاقة التي تربط حزب الله بالفصائل الفلسطينية ودلت الغارات وعمليات القصف على ان اسرائيل تتعاطى مع هذه القوى على انها جبهة واحدة ومن هنا ايضاً يمكن فهم بعض الاصوات التي خرجت في بيروت لتفتح مجدداً ملف السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وايضاً لتتحدث عن العلاقة الميدانية التي تربط الفصائل وتحديداً فتح الانتفاضة والقيادة العامة وحماس والجهاد الاسلامي مع حزب الله وعلاقة كل هؤلاء بكل من سوريا وايران بما يظهر ان هناك حرباً غير معلنة بين مشروعين كبيرين في لبنان·
دب كبير
ان تغيير قواعد اللعبة والخروج من حالة الستاتيكو يبدو اقرب الى المشهد المتحرك الآن على الساحة اللبنانية، وكل المؤشرات تؤكد ان الامور تتجه الى الصدم بعد ان بدأ الحوار الداخلي بدون جدوى وان المناقشات الدائرة سواء حول ضرورة وجود استراتيجية دفاعية لدى لبنان او عدم وجودها لن تترجم على الارض لا بسحب سلاح حزب الله ولا ايضاً بمطاولة السلاح الفلسطيني، بل على العكس من ذلك ثمة معطيات تؤكد ان من مصلحة بعض الاطراف تسخين هذا الملف خاصة وان اسرائيل بدأت تتعاطى بشكل مباشر مع الملف اللبناني بعد انتهاء مرحلة الانتظار·
واذا كان البعض يربط ما جرى بأنه يتقاطع مع مسار ملف ايران النووي والاوضاع في العراق وما جرى في الاراضي الفلسطينية المحتلة بعد وصول حماس الى السلطة فإن الواقع الجديد يوحي بأن اللعبة بدأت تتبدل فعلاً وان حالة جديدة ستفرض نفسها خلال الاسابيع القليلة القادمة سوف تتجلى في رفع وتيرة التصعيد وجعل كل الاطراف تسير على مقربة من حافة الهاوية من اجل حسم الخيارات الصعبة·
ان البعض يراهن على الزمن وتمرير الوقت وانتظار تقرير برامرتس ويعتبر انه لا بد من تحمل تداعيات هذه الفترة بما في ذلك ما تواجهه حكومة السنيورة على الصعيد الداخلي الا ان برميل البارود سينفجر قريباً لان الاحتقان القائم انما يدل على ان الامور باتت بيد اكثر من لاعب اقليمي ودولي وان ضرب الاكتاف قد بدأ فعلاً وعلى اللبنانيين ان يتحملوا ما سيفعله الدب الكبير وهو يرقص في غرفة صغيرة·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©