الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

زيد بن سهل..عاش صائماً ومات مجاهداً ودفن في البحر

زيد بن سهل..عاش صائماً ومات مجاهداً ودفن في البحر
11 يوليو 2014 22:55
أحمد مراد (القاهرة) هو زيد بن سهل بن الأسود بن حرام الخزرجي النجاري، المكنى بأبي طلحة الأنصاري، صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن بني أخواله. ذات يوم عرف زيد بن سهل أن الرميضاء بنت ملحان النجارية المكناة بـ «أم سليم»، قد غدت أيما بعد أن توفي عنها زوجها، وكانت أم سليم سيدة مسلمة راجحة العقل مكتملة الصفات، فعزم على أن يبادر إلى خطبتها ووقتها لم يكن مسلما، وكان أبو طلحة على ثقة من أن أم سليم لن تؤثر عليه أحدا من طالبيها، فهو رجل مرموق المنزلة طائل الثروة، وفارس بني النجار، وأحد رماة يثرب المعدودين. مضى أبو طلحة إلى بيت أم سليم، ولما بلغ منزلها استأذن عليها، فأذنت له، وكان ابنها أنس حاضراً، فعرض نفسه عليها. فقالت: إن مثلك يا أبا طلحة لا يرد، ولكني لن أتزوجك فأنت رجل كافر. وظن أبو طلحة أن أم سليم تتعلل عليه بذلك، وأنها قد آثرت عليه رجلا آخر أكثر منه مالاً، فقال لها: والله ما هذا الذي يمنعك مني يا أم سليم. قالت: «وما الذي يمنعني إذن؟». قال: الأصفر والأبيض أي الذهب والفضة. قالت: «بل إني أشهدك يا أبا طلحة وأشهد الله ورسوله أنك إن أسلمت رضيت بك زوجاً من غير ذهب ولا فضة، وجعلت إسلامك لي مهراً. قال: ومن لي بالإسلام؟. قالت: تنطق بكلمة الحق فتشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ثم تمضي إلى بيتك فتحطم صنمك ثم ترمي به. فانطلقت أسارير أبي طلحة وقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ثم تزوج من أم سليم. وكان المسلمون يقولون: ما سمعنا بمهر قط كان أكرم من مهر أم سليم فقد جعلت صداقها الإسلام. أحد السبعين ومنذ ذلك اليوم انضوى أبو طلحة تحت لواء الإسلام، ووضع طاقاته الفذة كلها في خدمته، فكان أحد السبعين الذين بايعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيعة العقبة ومعه زوجه أم سليم، وكان أحد النقباء الاثني عشر الذين أمرهم الرسول في تلك الليلة على مسلمي المدينة. ثم شهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جميع غزواته. وأحب أبو طلحة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حبا كبيراً، فكان لا يشبع من النظر إليه، ولا يرتوي من الاستماع إلى عذب حديثه، وكان يقول له: نفسي لنفسك الفداء، ووجهي لوجهك الوقاء، وفي يوم أحد عندما انكشف المسلمون عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنفد إليه المشركون من كل جانب، فكسروا رباعيته، وشجوا جبينه، وجرحوا شفته، حتى إن المرجفين أرجفوا بأن محمدا قد قتل، فازداد المسلمون وهنا على وهن، وأعطوا ظهورهم لأعداء الله، لم يثبت مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم - غير نفر قليل في طليعتهم أبو طلحة، ولهذا قال فيه رسول الله: «صوت أبي طلحة في الجيش خير من فئة». وفاته وكان أبو طلحة جواداً بنفسه في سبيل الله، فيروى أنه كان له بستان من نخيل، وفي يوم كان أبو طلحة يصلي فيه وأثار انتباهه طائر غرد أخضر اللون أحمر المنقار، مخضب الرجلين، فأعجبه منظره، وسبح بفكره معه. ثم ما لبث أن رجع إلى نفسه، فإذا هو لا يذكر كم صلى؟ فما إن فرغ من صلاته حتى غدا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشكا له نفسه التي صرفها البستان، وطيره الغرد عن الصلاة. ثم قال له: «اشهد يا رسول الله أني جعلت هذا البستان صدقة لله تعالى فضعه حيث يحب الله ورسوله». وبينما كان أبو طلحة على ظهر السفينة مع جند المسلمين في وسط البحر، مرض مرضا شديداً فارق على أثره الحياة، وبحث المسلمون له عن جزيرة ليدفنوه فيها، فلم يعثروا على مبتغاهم إلا بعد سبعة أيام، وأبو طلحة مسجى بينهم لم يتغير فيه شيء كأنه نائم، وفي عرض البحر دفن أبو طلحة. الصائم المجاهد عاش أبو طلحة حياته صائماً مجاهداً، ومات كذلك صائماً مجاهداً، فيروى أنه بقي بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نحو ثلاثين عاماً صائماً لم يفطر إلا في أيام الأعياد، وامتدت به الحياة حتى غدا شيخاً كبيراً، لكن شيخوخته لم تحل دون مواصلة الجهاد في سبيل الله، وعندما عزم المسلمون على غزوة في البحر في خلافة عثمان بن عفان، أخذ أبو طلحة يعد نفسه للخروج مع جيش المسلمين، فقال له أبناؤه: يرحمك الله يا أبانا، لقد صرت شيخاً كبيراً، وقد غزوت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر، فهلا ركنت إلى الراحة، وتركتنا نغزو عنك. فقال: «إن الله عز وجل يقول: «انفروا خفافاً وثقالاً» فهو قد استنفرنا جميعاً شيوخاً وشباناً، ولم يحدد لنا سناً. ثم أبى إلا الخروج».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©