الوتائر المتسارعة للتطور في عالم الكمبيوتر تنبئ أنها ستأخذنا إلى عوالم سنقف مشدوهين حيالها، ونجد أنفسنا أمام واقع جديد سيقلب حياتنا رأساً على عقب، وسيكون التأثير عميقاً في فترة وجيزة كما لم يحدث سابقاً، وسيحدث كل ذلك أمام ناظرينا، كما يتسلل الآن، مع أن قوانين الحياة تثبت أن هناك ميلاً نحو الاختفاء في تصرف الإنسان، كما يقول فايرز «إن الاختفاء ينجم أساساً عن نفسية البشر وليس بسبب التكنولوجيا، فكلما تعلم الإنسان شيئاً بشكل جيد بما يكفي فإنه يتوقف عن الإحساس به»، ومن هنا فإن التطور لا يكون ملحوظاً، ولكنه سرعان ما يغير كل شيء، وبالرجوع إلى التطور وما يحدثه في كل شيء، فقد كانت الكهرباء نادرة في وقت ما ولكنها أجبرت الإنسان ليتلاءم معها، فكانت المصانع وقطع الغيار، وما إلى ذلك، حتى وصلنا إلى أنها منتشرة في كل مكان، ومخبأة في بيوتنا عبر الجدران، وكذلك المحركات ونحن نقود السيارة أو نركب قطاراً أو طائرة، وقديماً تطور الكتابة بدا صغيراً ومحتكراً من قلة، وأدواتها لا يملكها إلا الملوك، أما اليوم فهي عملية لا يلحظها أحد حتى أنها أصبحت من المسلمات، هكذا في حياتنا «يغير التطور كل شيء»، «ولن يكون هناك غضاضة يوماً في المستقبل القريب أن نذهب إلى البقالة ونشتري ست حزم من الكمبيوتر، تماماً كما نشتري البطاريات اليوم»، وما دامت الفكرة في عالم الكمبيوتر من نشأتها حتى دخولها السوق 15 سنة في المتوسط، فالكمبيوتر الشخصي الأول بني في معامل بالوالتو عام 1972 ولكنه لم يستأثر على اهتمام الناس إلا في أواخر الثمانينيات، وهو الآن مهيمن على حياتنا كلياً، مع ملاحظة أن الكمبيوتر الأول بدأ ضخماً ومع مرور الزمن تمت معالجات وأنشئت شاشة للكمبيوتر مؤسسة على الصور والأيقونات، واستعارت شركة آبل بعد ذلك أفكار مركز بالوالتو لأجهزتها، فكان كمبيوتر ماكنتوش، وجاءت مايكروسوفت لتصمم برامج النوافذ، ووصلنا الآن طور الحوسبة الواسعة الانتشار، وها نحن الآن ندخل في طور جديد هو إدخال الذكاء الصناعي في أنظمة الكمبيوتر، ربما يأتي وقت تستطيع فيه الآلات أن تدرك ذاتها وتعي ذاتها، وتتفوق على الإنسان، وهذا الأمر ليس ببعيد في العالم الذي نعيشه، فهل نحن جاهزون؟!
إياد الفاتح
عدد اليوم
