الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خلود المعلا.. تقتفي أثر الضوء

خلود المعلا.. تقتفي أثر الضوء
25 يونيو 2013 21:30
ذات مرّة شردت روح الشاعرة إلى فضاء بعيد، إلى تخوم الشعر العالية.. مذّاك تسعى وراءها لتقطف من حدائقها بعض الومضات العذبة.. في انجذابها دارت في أفلاك شتى.. سارت دروباً وقطعت مهاداً لها أكثر من لون.. صعدت إلى الغيم حيناً، تناثرت وتشظت واجتمعت واتحدت وحصلت على الوصل الشعري وقطفت شيئاً من أغصان الارتواء.. ولما أرادت أن تعبر إلينا جمعت لنا شيئاً من حصاد الرحلة، بعد أن شذبتها من الشوك والحزن وأحضرتها لنا بهية، طافحة بالأمل، لتحتفي بالحياة على طريقتها.. الهجرة الى الداخل تهاجر خلود المعلا إلى نفسها باحثة عن ومضة إنسانية تمنح الروح قدرة إضافية على الحياة.. تهرول إلى وجودها لتصوغه وفق هوى المعنى، تنبش الذاكرة أو تفتح باباً وتعبر إلى أرض الخيال.. تلتقط من حديقته ومضاتها التي ترتبها بعناية كما تفعل المرأة مع أضمومة ورد..، ترتب الفصول وفق مشاعرها، ترصف المسافات بنبضات القلب وربما بفناجين الزنجبيل، تقول المساءات أو النهارات على النحو الذي يحلو لها، تأخذها إلى القيظ أو تبللها بالمطر، تتندى، تخضرّ روحياً بكثافة العبارة، وتعود من رحلتها الوجودية في سديم المعنى وأرض الدلالة بسلال ملآى بالكثير الذي يدهش القلب، ويعيده إلى العمل. لا تكتفي خلود بالقطفة كما هي، تجلس الى القصيدة، تختصر، تكثف، باحثة عن مستوى رائق من الجمال الفني والروحي، في محاولة لتحريض القارئ على الذهاب في الخيال إلى آخره.. وإذ تفعل تعتني عناية شديدة بروحها، تطلق لها العنان لتشرب من ينابيع الحكمة ما يلون الحياة، التي تبدو أحياناً بلون واحد، عدتها الشعر وعتادها روح متوثبة، تطل على فرحها الداخلي أو أنوارها الجوّانية التي تنعكس على كل شيء حولها، تهبها معنى مغايراً لما توحي به وتأخذها من أرض الدلالة المألوفة إلى أرض أخرى للدلالات التي تشكل شبكة من العلاقات الفكرية والصور البصرية، حيث معظم الاشياء اليومية، والتفاصيل الصغيرة، تعثر على معناها الآخر بين يدي الشاعرة: الباب، الصمت، القيظ، و حتى فنجان القهوة. في “أدوات” على سبيل المثال تحوّل كل ما يحيل إلى الحزن إلى فعل قوة وحياة: هذا الصمت الذي لا أطيق هذا الزمن الذي أخاف هذا العمر الناقص الذي يمرّ هذا القلب الذي لا يسمعه أحد هذا الوطن البعيد هذا الانتظار هذا الهذيان إذاً، ها أنا أمتلك أدوات الحياة. بضربة إدهاش تنقل الشاعرة القارئ من حالة متوقعة إلى حالة غير متوقعة، تأخذه الى فعل حياة فيما كل مفردات القصيدة تضعه في مناخ الفقد، وهي ممارسة تقنوية محببة إلى خلود المعلا، تشتغل عليها بانتباه وعمق، وتضفي عليها من رؤيتها ما يمنحها بعداً رؤيوياً، ويمكن للقارئ أن يلاحظ أنها سمة ظاهرة في المجموعة كلها. من الآخِر (ها أنا الآن أنصت/ ها أنا أسمعه أخيراً).. بهذا المفتتح الشعري المفاجئ تفتتح خلود المعلا ديوانها الجديد “أمسك طرف الضوء”.. تقدمه لنا هكذا، ليبوح بنفسه، من دون أي حاجة إلى إهداء.. ليقوم هو بنفسه بدور الإهداء واضعاً إيانا على عتبة النصوص التي ستأتي وراءه.. ذلك أنه سيفتح لنا باب حالة شعرية مبنية على التوقع: من هو هذا الذي تنصت له الشاعرة؛ إنسان، طيف، إلهام، ولماذا تأخر كثيراً حتى وصل إلى مسامعها؟ يحيل الإنصات هنا إلى الكلام، الكلام الذي تسمعه الشاعرة بعد انتظار طويل يدلنا عليه ملفوظ (أخيراً)، فيما يظل المتكلم متوارياً، مغيباً، خلف ضمير الغائب الذي سرعان ما تفصح عنه النصوص وترسم لنا ملامح وجهه: إنه الضوء الذي تقتفي الشاعرة أثره، تركض معه كما تفعل طفلة مع طائرتها الورقية، مع فارق شاسع هو أن الضوء ليس لعبة مرحة تلوّن بجمالها الطفولة بل لعبة وجودية تدلف منها الشاعرة الى ذاتها وذواتنا لتحكي عن كل ما يجعل الإنسان إنساناً، وتبحث عن موطئ فرح في عالم يشقى به الوعي. في مستوى آخر، تسرّب لنا الشاعرة بشكل غير مباشر، بالتصريح لا بالتلميح، بالهمس القريب من النفس البشرية أن كل ما يحياه الإنسان، الكائن البشري، في هذا القرن من أحزان وآلام وإخفاقات إنسانية توجع الروح لا ينبغي أن تنسينا ذلك الضوء الرائع، الضوء الروحي والنور الداخلي، الذي يمكنه أن يجعل الحياة أبهى وأجمل، ولهذا افتتحت ديوانها بخاتمة رحلتها: بحصولها على الضوء.. وهنا، تبدو الشاعرة في رهان على جمال الحياة، و حكمة الغبطة... في قصائد خلود المعلا الجديدة تبرق الروح بشكل لافت، وفي نصوصها تتحقق الذات المبدعة للأنثى الذاهبة في الأشياء بكامل ألقها. تتمظهر أشياء الحياة وتفاصيلها الصغيرة في لبوسات وجودية وإنسانية غالباً، وتبقى في إطارها الشخصي المحدود في بعض الأحيان.. لكنها في كلتا الحالتين تتميز بصدق وبوح واجتراء على إعادة صوغ الأشياء لعلها تقول الروح في ومضة. وفي سيرها الحثيث في أرض الشعر، تبدو مأهولة بكل ما يجعل من نصها محاولة للاحتفاء بالحياة، مأهولة بالعلامات والإشارات، مأهولة بالأسئلة البسيطة والمعقدة.. وإذ تقول غربتها الوجودية تقول غربة الإنسان في الآن نفسه: (تفاصيل لا تشبهني/ ذاكرة لم أعشها/ بدايات لم أتمّها/ غيب يحجب ليلتي عن صباحها/ متى تلتفت الدنيا لي؟). في هذا السؤال الموجع (متى تلتفت الدنيا لي) تتمثل الشاعرة الإنسان، في رحلته الطويلة الباحثة عن معنى الأشياء والحياة والوجود. ورغم أن الشاعرة تستخدم في قصائدها ضمير الأنا لتبوح بما في ذاتها، إلا أن المضامين التي تتوفر عليها النصوص تمارس انزياحاتها الدلالية آخذة ضمير الأنا باتجاه أنا جمعية؛ (أنا / المرأة، نون النسوة)؛ الأنا التي تستحضر الهم النسوي وتتماهى معه، بهدوء شديد، بأقرب ما يكون من طرف الروح.. ثم تنزاح هذه الأنا إلى (أنا/ نحن) (أنا/ الإنسان).. من هذا السؤال الموجع نفسه وحتى الصفاء العالي في: (ها أنا الآن أنصت... ها أنا أسمعه أخيراً) قطعت الشاعرة رحلة طويلة، وعاشت ارتطامات روحية وإنسانية متنوعة لا تقف عند تجربة الحب رغم أهميتها، بل تذهب عميقاً في حال العزلة والتيه والبحث والتحدي لكي تتحقق، ومع التحقق تبدو عتمتها من ذلك النوع المضي، إنها عتمة ماسيّة تنير العزلة. مادة التحقق لدى خلود المعلا هي الشعر، ومادة الشعر هي الومضة التي اشتغلت على تجلياتها البوحية والقزحية لتنسج في كلمات قليلة صورها الفنية.. باحثة عن عبارة ثرية تكثف من خلالها حمولاتها الدلالية، إشاراتها، مقايساتها، مقارناتها أيضاً في ضربات شعرية متقنة تشبه برقاً يومض سريعاً تاركاً خلفه بوحاً كثيراً، وثورة مستترة. خلف الريح في قراءة ما خلف البوح، المستور و المستتر بقرابات تومئ ولا تفصح، يمكن للقارئ أن يقع في نصوص الشاعرة على حضور الأنوثة وارتباكاتها وما تجترحه من جماليات تخصها حتى في حالات الوحدة والحزن... ثمة هنا ما يبحث عن الضوء الروحي، عن الحكمة التي تغيب وراء كوارث شخصية صغيرة أو هاويات جماعية تنفتح للبشري الذي يسجل كل يوم تراجعاً في منسوبه الإنساني، كما لو أنه يقفل عائداً إلى بدائيته المتوحشة.. هذه الحكمة التي تتجلى في صياغات نورانية وألفاظ تتصل بعوالم التصوف: الضمّة نقطة وجودي لام لغتي بالضمة على النقطة أصيرُ ولهذا أكتب اسمي ألف مرّة كلّما هبط الليل وأذوب عناقاً. ويبدو أن الشاعرة قبل أن تشرع في رحلتها إلى داخلها، إلى النور أو الفيض الذي ترتجيه، مزقت حجباً وأستاراً وسدفاً كثيرة لتعبر إلى الضفة الأخرى من المعنى، بحيث تحيل الضمة إلى الروح لا إلى الجسد: لتكن ليلتنا الأخيرة مشتهاة وعناقنا مديداً مضى أكثر العمر لا أضمّكَ إلا بروحي كي لا تغيب. بالروح، بقوتها على وجه الدقة، تواجه الشاعرة في امتحانها المعرفي هذا جفافاً هائلاً، وظمأ متمادياً حتى “تكاد أوردة البيوت تجف”، وفي هذه العبارة الذكية تأخذ الشاعرة القارئ إلى أن الجفاف المقصود هو جفاف عام وليس شخصياً، جفاف إنساني أو تصحر لشدة عمقه يضرب حتى البيوت.. إنه جفاف يشكو منه الإنسان والمكان والزمان الذي صارت أيامه متشحة بالأصفر.. ولكي تجسد الشاعرة عمق هذا الجفاف تطوع كائنات الطبيعة لتقوله، وربما تسقطه على الشوارع والظلال والناس والمارة والشتاء والنهار والفضاء: ظلي الذي في الشارع ليس لي ظلك الذي في الشارع ليس لك الشارع يأكله المارة يستتر الحب يضيق الرصيف، يضيق الفضاء ونضيق في الضيق لا تسقط القصيدة، بل في مدار متسع يجعل الشاعرة تتماهى مع الكون، تصبح خيطاً من نسيجه الكلي. هناك، في مداها اللامحدود تندغم الشاعرة مع سكون الكون، وترى الكون من الأعلى: أجمل، فتسكن أوجاعها.. وتقرر أن تتشبث بالأمل، وبأغصان الحياة المتاحة: سأمشي طريق العودة وحدي ورغم تهاوي الصباحات سأتعلق بأغصان الحياة المتاحة وأبتسم بقلبي أكثر من أي وقت مضى، سأترك روحي ترافقني تحت ضوء السحاب في هذه الليالي الجميلة. في رحلتها تلك، مرّت بالشاعرة حالات كثيرة، مرّت بها قصائد كثيرة، احتطبت من غابة الشعر ما شاءت لها شاعريتها، أتقنت الضربات غالباً وهربت منها غنيمتها في مرات قليلة، لكنها في تحققها الشعري والروحي حظيت بقصائد عذبة، مشغولة فنياً بشكل رائق، بتؤدة، وكأن الحالة نفسها تكثف نفسها، أو كأن القصيدة تعرف في الطفو طريقها الى الشعر، إلى بلاغة الروح: رأيتك في الضَّوءِ رأيتَني كادت ملامحُنا تشتعل وحدَهُ الغياب كشف سرَّ العتمة بيننا قطاف الى الحرية الفاتنة ركضت الشاعرة بكل ما في قلبها من توق، بكل ما في روحها من شغف.. تارة كانت هذه الحرية تتمظهر في شكل رغبة تحاول النهوض أو سؤالاً تعلقه في سقف الكون وسقف القصيدة ليظل مفتوحاً قابلاً للتأويل، أو ممارسة شخصية بسيطة تعجز عن فعلها في المكان الأمر الذي يترتب عليه أن يتغير المكان.. ها هنا إشارة مبطنة للقيد الاجتماعي والضبط العُرْفي الذي يسحق أحياناً روح المبدع، فلا يجد وسيلة للخلاص منه سوى الهرب إلى مكان آخر يتيح له أن يتنفس بحرية، تقول خلود المعلا في قصيدة “في المكان”: يَجرَحُني عميقاً أنْ أمْشيَ على أطرافِ أصَابعي في وضَحِ النَّهار ثمَّةَ شيءٌ في المكانِ يَجعلُني أكثرَ هشاشةً فلأسافرْ إذاً إلى بلادٍ شمْسُها رحيمةٌ يسْكُنها المطرُ أركضُ فيها بحريةٍ خلفَ الغَمام لا تفصّل الشاعرة كثيراً في غربتها عن المكان، لا تشرح ولا تسهب في القول لكي تقول لنا كم أن الشاعر غريب عن مكانه.. أما سرّ الغربة فلا يظهره انجراح الذات الشاعرة العميق فقط بل من خلال المقارنة بين (مكانها) وبين مكان آخر في ظل الكيفية التي تمارس بها الروح حريتها في الحياة. بالطبع، لا تنجرح الروح إلا في المحبة.. لو لم تكن الشاعرة حريصة على أن يكون هذا المكان أفضل وأبهى لما شعرت بالانجراح ولا بالهشاشة التي تنجم عن وجودٌ منفيّ، وجود يضارع الغياب، ومن هنا تأتي رغبة الركض بحرية خلف الغمام، لكن ما يدلل على عمق هذا الاغتراب المكاني أن تسمي الشاعرة مكانها (المكان) وتسمي مكان الحرية (بلاد).. هل هي إشارة إلى أن مكان المبدع الحقيقي ليس الجغرافيا بل حيث يمكنه أن يمارس حريته. لا تحكي خلود حرية صاخبة.. هي تبوح بها عبر ممارسة التفاصيل اليومية، مكتفية بالتلميح أو الإشارة. إذن.. هناك دائماً خيارات أجمل للحياة.. هناك فعل ما يمكن أن يجعلنا أكثر خفّة.. أكثر قدرة على الحركة / الفعل الذي يتجلى في (الركض خلف الغمام) وهي صورة لا تخلو أيضاً من شقاوة الطفولة التي تحيل بدورها إلى العفوية والانطلاق والحرية.. بالطبع، لم تكن الرحلة سهلة ولا كانت الطريق مفروشة بالورد، كان ثمة هجر، وحذر، وارتدادات وأسئلة حارقة، وفقد موجع، وندم وثمن لا بد من دفعه... فالشعر لا يمنح نفسه لكل عابر سبيل.. الشعر لا يسلم مفاتيحه إلا لعابرين حقيقيين، مولعين به، محكومون بالشغف عليه ينامون وفيه يقيمون.. ولهذا، يحتمل الشعر خسارات كبرى، أصلاً ليست أرض الشعر سوى أرض الخسارات لكن التحقق الشعري، الحصول على القصيدة الجميلة، كتابة النص أو الانكتاب فيه هو الحرية الحقيقية، الحرية التي يمكن أن تتجرح أقدامنا وراءها لكننا في النهاية نعثر على ضالتنا، ونكتب الشعر الجميل: ما أن يتسع العمر حتى يضيق في الليالي ذاتها تجزأت مرات شتى مدّي ضيع جزره وليلي يشبه نهاري ليس من السهل أن أتذكر اسمي بعد الآن. هذه واحدة من التحولات التي مرّت بها الشاعرة، وهي تحولات لا تقتصر على الشاعرة بل تمس الأزمنة والأمكنة والأشخاص والفصول وهي ما يمنح النص تحولاته أيضاً، يبدأ من مطرح شعري ليتموضع في مطرح آخر ثم ينتهي في مطرح مختلف تماماً، مانحاً إيانا تلك المتعة التي نسميها: الدهشة. لكن ما يضاهي جمال الشعر هو جمال الاندغام والصفاء الروحي الذي يتحقق للشاعر، عندها يعثر على بغيته، على ذاته، على الحرية، على الحب، يتسع ويتسع وينفتح إنسانياً، يتماهى مع الكون والطبيعة، مع المطر والرذاذ والخريف ويضطرب عشقاً وخوفاً، ويدخل في كهف الحكمة النوراني ليحظى بلؤلؤته الدفينة.. هكذا، تعود الشاعرة من رحلتها بحصاد من التأمل والحكمة، تعود إلى نفسها، تعود من الصخب الى السكون، فتصرخ على طريقة نيوتن حين صرخ وجدتها: (كم هو رائع أن أعود إليَّ)، وعندما تتحقق عودة كهذه، تصبح الحياة بكل ما فيها أجمل، ويصبح المرء أكثر قدرة على الأمل والعطاء، ويعد الضيق تتسع إنسانيته: حين تمتلئ السماوات بالغمام أهرع إلى الكون بكل ما لديّ من محبة قاطعة مرارة الحياة وفي الوقت الموعود، أنثر قلبي رذاذاً على وجه الأرض لتبتهج العيون. لقد امتلأت الشاعرة بالحياة، وفاضت أنوارها الروحية، حتى إن العزلة صارت مملوءة بالألق: العزلة التي أرويها بقصائدي عامرة أراها تنير فضائي تعلمني الكون كما ينبغي ها هي بحفيفها تملؤني ألقاً أما وإن الروح تحررت، وحلقت، وعرفت معنى التحليق فإن القمة هي المأوى، والحرية المطلقة هي المكافأة: عند َ أعلى قمم الكون أقفُ أدخل التوق المستثار وأغني: لا يمكن لروحي أن تكون ملكا لأحد.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©