بهيجة مصري إدلبي
نبوءة الأنهار
لأني لا أجيد سوايَ
أحفرُ في الرُّؤى ظلّي
أجيدُ قراءةَ الأنهارِ
أَفْرطُ أبجدياتِ المدَى حولي
أعيدُ صحائفي الأولى
إلى كينونتي وعمايَ
أسألُ عن خفايا الريحِ
عن منفايَ
من قبلي
كأني لمْ أَعَدْ مِثلي
يقولُ الماءُ
حينَ أُشِكّلُ الأسرارَ والأسماءَ
رُدّي لي قميصَ الغيبِ
من آلائِه غيما
أعَيدي نبوءَتي لأرى
فَمي قد غصَّ بالطُّوفانِ
والطوفانُ بي أَعمى
تغصُّ يدي بشهقَتِها
فأدخلُ في غوايةِ رحلتي حُلما
***
أجيدُ نبوءةَ الأنهارِ
قلتُ
فتاهَ حينَ سعَيْتُ
عن مسعايَ وجهُ قصيدتي عني
وما عدتُ
محوتُ فصاحتي بالصمتِ
أَدركَ دهشتي الصّمتُ
طويتُ الوقتَ خلفَ الوقتِ
ينزفُ في دمي الوقتُ
أرى وجعَ المسافةِ
في نزيفِ مَدايْ
يقولُ الماءُ
وجهِي لم يَعُدْ مرآيْ
أنا في حَيرتي تهتُ
أرى لولاكِ في لولايْ
ولولا نا لما كنتُ
***
أجيدُ نبوءةَ الأنهارْ
فغَضَّ الماءُ
عن أسراريَ الأسرارْ
فحِرتُ
وحلّت الأنهارُ بي
فحللتُ في رؤيايْْ
كأنّي لم أكن إلايَّ في نجوايَ
حين حللتُ في جهلي... لأنِّي... لا أُحيدُ سوايَ... أحفرُ
في الرؤى ظلّي
غيبوبة
معلّقَةٌ بينَ صَمْتَين.. مَوْتَيْنِ
تُنبِئُنْي الهَاوَيهْْ
بأنَّ اختِلالَ المَدَى والصَّدَى
آيَةٌ آتِيَهْْ
وأنَّ المواجِعَ مثلُ المواجدِ
أنّى صَحَتْ عاتِيَهْ
تُؤرْجِحُنِيْ بينَ وَقْتَيْنِ
وقتٌ تُؤَوِّلُهُ طِفْلَةٌ
بينَ أسرارِهَا غَافِيَهْ
ووقتٌ يُفاجِئُ حُلْمِيْ
بِضَرْبَتِهِ القَاضِيَهْ
كأنّي على مَوْعِدٍ
ضربَتْهُ الظُّنونُ
وما زِلْتُُ في ظَنّهَا ثاوِيَهْ
بكامِلِ أُغُنِيَتْي الآنَ
أَدْخُلُ غيبوبَتِيْ
كَي أرَىْ ما تَسلَّلَ
من خمرةِ الصمتِ في الخَافيَهْ
فتأخُذني رهبةٌ
أن أرى شكلَ صَوتِيْ
وأسمعَ صرخَتِيَ العَاليهْ
وتأخذُني رغبةٌ
أن أؤجِّلَ ما أجَّلَتْهُ القصيدةُ
حين رأيتُ القصيدةَ
تركضُ مذهولةً حافيهْ
أنا الآنَ
لا أستطيعُ التنبُّؤَ
لا أستطيع التنبُّؤْ
أَنَّى تفاجِئُنِي الهَاويَهْ