الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هل تفتقر الصين إلى الأصدقاء؟

12 يوليو 2014 00:52
علي ويان محلل مساهم في «ويكيستارت» في عام 2010، ذكرت وزيرة الخارجية الأميركية في ذلك الوقت «هيلاري كلينتون»، أمام المنتدى الإقليمي لرابطة جنوب شرق آسيا «آسيان»، أن الولايات المتحدة «لديها مصلحة قومية في حرية الملاحة، والوصول الحر إلى المشاعات البحرية في آسيا واحترام القانون الدولي في بحر جنوب الصين». وإلى ذلك قامت 12 دولة مجاورة للصين بإصدار بيانات تدعم موقف هيلاري، فأعلن وزير الخارجية الصيني «يانج جيه تشي»، والذي استشاط غضباً، أن «الصين دولة كبيرة، والدول الأخرى هي بلدان صغيرة، وهذه هي الحقيقة المجردة». وكما ذكر «جيف داير» بصحيفة «فاينانشيال تايمز»: «في أقل من نصف ساعة، استطاع يانج تحطيم أكثر من عام من الدهاء والمثابرة والدبلوماسية الصينية الفعالة للغاية». إنه مجرد مثال واحد من بين أمثلة عديدة على حقيقة بسيطة: إن الصين لديها عدد قليل من المعارف وعدد أقل من الأصدقاء. وتتضح عزلة هذه البلاد مرة أخرى قبل انعقاد الحوار الاستراتيجي والاقتصادي بين الولايات المتحدة والصين هذا الأسبوع. وكما ذكرت صحيفة «واشنطن تايمز»، فإن تطور الجيش الصيني ومطالبات الصين المتزايدة بأن تكون لها السيادة على الكتل غير المأهولة من الصخور والرمال والشعب المرجانية في بحر الصين، قد وضعتها على مسار تصادمي محتمل مع جيرانها الذين يطالبون أيضاً بمجموعة من الجزر، وكذلك مع الولايات المتحدة التي لديها تحالفات مهمة مع ثلاثة من المطالبين المنافسين وستكون مجبرة على الدفاع عنهم حال وقوع أي هجوم. وفي كتابه «لا تزال لنا الريادة»، يشير «بروس جونز»، الباحث بمعهد «بروكينجز»، إلى أن الولايات المتحدة «لديها أكثر من خمسين حليفاً، أي أكثر من ربع دول العالم». ومع ذلك فإن «حلفاء الصين الاستراتيجيين قليلون ». فما الذي يفسر هذه الفجوة؟ التاريخ: إن تجربة الصين فيما يتعلق بالحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي شكلت نفورها الحالي من تكوين تحالفات. فقد التزمت الصين عام 1982 باتباع «سياسية خارجية سلمية مستقلة وتعتمد على الذات». وكما ذكر «فينج زانج»، الباحث في الجامعة الوطنية الأسترالية، فإن «الصين كانت ترفض باستمرارالتحالف كمبدأ للسياسة الخارجية، وتستهين به كونه من آثار الحرب الباردة غير المستساغة بالنسبة للأخلاق الصينية». وفي ضوء إعلان إدارة أوباما إعادة التوازن نحو آسيا والمحيط الهادئ، بدأت الصين في رؤية شبكة الولايات المتحدة من التحالفات في المنطقة كأداة لمحاصرة نهوضها. الأيديولوجية: بينما تؤمن الصين بأن لديها قيماً استثنائية، فإنها ليست مهتمة بأن تشكل تحدياً، على النمط السوفييتي، للديمقراطية والرأسمالية. ورغم ذلك، لا تزال الصين دولة استبدادية وأحادية الحزب، لذلك فستجد من الصعوبة إقامة تحالفات مع الديمقراطيات. السمك الكبير والبركة الصغيرة: إن تاريخ الصين الذي يعود لآلاف السنين، وموقعها الذي يشكل تحدياً (حيث إن لديها 14 دولة مجاورة)، يعني أن ريبة بعض جيرانها تحمل أسباباً في ثناياها. لكن سلوكها في السنوات الأخيرة، فيما يتعلق بفرض الحدود البحرية التي أعلنتها والتي تشمل نحو 80 بالمائة من بحر الصين الجنوبي، وممارسة ضغوط متزايدة لتأكيد سيادتها على المناطق المتنازع عليها هناك وتبني مفهوم مرن بصورة متزايدة بشأن مصالحها الأساسية، كل ذلك ساهم في تقويض قدرتها على تحقيق «نهضة سلمية» في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. أولوية التنمية الداخلية: فبينما كان سلوك الصين نحو جيرانها صارماً على نحو متزايد، فإن سلوكها خارج منطقة آسيا والمحيط الهادئ غالباً ما يكون تصالحياً. فهي تهتم على نحو أساسي بتنمية علاقاتها التجارية مع غيرها من الدول الكبرى. ومن أجل ذلك فقد أقامت الصين علاقات اقتصادية في جميع أنحاء العالم، حيث تقدم القروض وتساهم في تشييد البنية التحتية، مقابل الحصول على السلع الحيوية، دون اكتراث بطبيعة الحكومات التي تتعامل معها. ورغم ذلك، فثمة فجوة كبيرة بين الترتيبات التجارية والتحالفات الدائمة، فالأخيرة تتطلب على الأقل بعض أشكال القيم المشتركة ومواءمة الضرورات الاستراتيجية. النهوض الصيني السريع: لقد قام «دانيال كليمان»، الباحث في صندوق مارشال الألماني، مؤخراً بمقارنة نهوض الصين في فترة لا تتجاوز 30 عاماً (1982 –2012) مع فترة نهوض الولايات المتحدة (1870– 1900)، وألمانيا (1870 –1900)، والاتحاد السوفييتي (1945 –1975)، واليابان (1960 –1990)، بالنظر إلى مساهمات تلك الدول في النمو الاقتصادي العالمي، والتجارة والإنفاق العسكري. وخلص إلى أنه «في فترة صعود لا تتجاوز 30 عاماً، أصبحت الصين أبعد وأسرع من أي من القوى الصاعدة الأخرى في المجموعة التي تمت مقارنتها». وأي نهوض بهذا الحجم لابد وأن يثير القلق، خاصة إذا كان يحدث في الخليفة المفترض للقوة العظمى في العالم. وبينما كانت الصين تدافع عن وجود بنية أمنية إقليمية جديدة من شأنها أن تقلل من أهمية تحالفات الولايات المتحدة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، فلا يبدو أنها تعيد النظر في موقفها الأساسي من تشكيل التحالفات. لكن كما يشير الكاتبان «يان شيتونج» و«هوانج يوشينج» في كتابهما «الفكر الصيني الجديد والقوة الصينية الحديثة»، فإن «حدود مبدأ عدم الانحياز قد أصبح بالفعل واضحاً». وقد لا تطمح الصين إلى التفوق العالمي، لكن إذا ما كانت تطمح إلى التكافؤ الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، فلابد أن تصبح أكثر نشاطاً في إقامة التحالفات. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©