الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

السلوك الإيجابي للمستهلك

السلوك الإيجابي للمستهلك
25 يونيو 2015 20:50
من المتعارف عليه لدى الباحثين والدارسين أن سلوك المستهلك سواء كان فرداً أو مؤسسة وسواء كان إيجابياً أو سلبياً، لا ينحصر في الشراء فقط، بل أصبح علماً له تقنياته الحديثة وأساليبه، ويرتبط ارتباطاً مباشراً بعلوم النفس والاجتماع والاقتصاد والبيئة وغيرها. لا يتعلق سلوك المستهلك في شخص المستهلك فحسب، بل له أبعاد في تأثيره بالآخرين، وبكيفية استخدام المنتج، وكذلك بالمجال الإعلامي في وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، وبالدراسات المتعلقة بالسوق، وغير ذلك، وهناك عديد من التعريفات العلمية لسلوك المستهلك، ولكن يمكن القول بأن سلوك المستهلك هو مجموعة من الأفعال والتصرفات التي يقوم بها الفرد في موقف معين، وبحسب إمكاناته المتاحة والمعبر عنها بقراره في شراء المنتج الذي يتوقع أنه يشبع حاجاته ورغباته فيها (لحظة الشراء). إن الهدف عملياً من دراسة سلوك المستهلكين هو التعرف على كيفية حدوث السلوك الفعلي، بالإضافة إلى تحليل العوامل التي تؤثر على السلوك قبل حدوثه وبعد حدوثه فعلاً، ومما لا شك فيه فإن رجال التسويق الذين لديهم معرفة وإلمام وتفهم لطبيعة سلوك المستهلك هم الأقدر على تحديد ما يحتاجه المستهلكون الحاليون والمحتملون من منافع أو فوائد في السلع أو الخدمات المطروحة للتداول في الأسواق المستهدفة، وذلك من أجل تصميم المزيج التسويقي السلعي أو الخدمي المناسب. تبدأ عملية السلوك الاستهلاكي للفرد بمعرفة وإدراك احتياجاته، ثم يقوم بالبحث عنالمنتجات المختلفة التي تشبع حاجاته ليختار ويفاضل من بينها قبل ممارسة عملية الشراء، وتتضمن عملية النشاطات التي يمارسها المستهلك بعد استخدام المنتج تقييماً لمدى الإشباع والرضا عن المنتج، ثم عملية التخلص من مخلفات المنتج. يقول المهتمون بسلوك المستهلك: «إن الفلسفات التسويقية السابقة (الإنتاجية والبيعية) أثبتت فشلها وقصورها مع مرور الزمن، وذلك بسبب إهمالها دراسة سلوك وتصرفات المستهلك وتركيزها على طبيعة المنتجات وطريقة بيعها فقط، حيث إن عديداً من المنظمات التي تبنت هذه الفلسفات لم تستطع الصمود والمنافسة بسبب غياب الرابط بينها وبين أسواقها، والمتمثل أساساً في دراسة سلوك المستهلك، لذا وجب على المنظمة الراغبة في النجاح أن تسعى لخلق أنشطة تسويقية تُبنى على أساس تحليل سلوك المستهلك لتتلاءم وتتكيف معه بشكل يخدم مصالح المؤسسة ويحقق أهدافها، خصوصاً على المدى الطويل. تستخدم كلمة مستهلك لوصف نوعين مختلفين من المستهلكين أولهما المستهلك الفرد، وهو الذي يقوم بالبحث عن سلعة أو خدمة ما وشرائها لاستخدامه الخاص أو العائلي، وثانيهما المستهلك الصناعي أو المؤسسي الذي يضم جميع المؤسسات الخاصة والعامة، حيث تقوم هذه المؤسسات بالبحث أو شراء السلع والمواد والمعدات التي تمكنها من تنفيذ أهدافها المقررة في خططها واستراتيجياتها، وتجدر الإشارة إلى أن هناك فرقاً واضحاً بين المشتري والمستخدم حيث قد لا يكون الشخص المشتري هو نفسه المستخدم للسلعة أو الخدمة. هناك اتجاهات متعددة فيما يتعلق بتحليل وقياس سلوك المستهلك، منها ما يتعلق بالسمات الشخصية، تتعلق بأربع عشرة نقطة، وهي: الإنجاز، درجة الإتقان، الترتيب، حب الظهور، الانتماء، درجة التحليل، درجة الاعتماد، تقدير الذات، تقديم المساعدة، درجة تقبل الغير، القدرة على التحمل والثبات، الموقف من الجنس الآخر، الاندفاع والعدوانية، بالإضافة إلى الاستقلالية. ومنها ما يتعلق بالنواحي الاجتماعية باعتبار أن للعوامل الاجتماعية أثراً كبيراً في تطوير خصائص الشخصية. على صعيد آخر، فإن من القضايا المحلية التي يجب على الباحثين المتخصصين في حقل سلوك المستهلك التعامل معها بإيجابية وعقلانية، قضية الاستخدام الأمثل للسلع المطلوبة من خلال تصميم وتوجيه مختلف إرشادات التوعية للمستهلكين المستهدفين، بالإضافة إلى محاولة إيجاد بعض الحلول العملية لقضايا النفايات والعبوات الفارغة للسلع أو المواد التي تم استهلاكها فعلاً، ولقد خطت دولتنا العزيزة خطوات إيجابية في هذا المجال، وبخاصة في موضوع إعادة تدوير المياه والورق وغيرها من الإنجازات المتعلقة بالبيئة أيضاً، ولا شك أن من بين أفضل الإنجازات المحلية في هذا الصدد بالسنوات الأخيرة هو صدور القانون الاتحادي رقم 24 لسنة 2006 في شأن حماية المستهلك، حيث يعالج القانون عديداً من القضايا ذات العلاقة بسلوك المستهلك مثل نشر الوعي الاستهلاكي، والعمل على تحقيق المنافسة الشريفة، وتلقي شكاوى المستهلكين، ومراقبة حركة الأسعار، والعمل على الحد من ارتفاعها، وتعويض المستهلك. وقد جاءت اللائحة التنفيذية لقانون حماية المستهلك والصادرة سنة 2007 مكملة للقانون، وتحتوي على مواد أكثر تفصيلًا في شأن سلوك المستهلك مثل حق المستهلك في الاختيار بين عديد من البدائل من السلع والخدمات، والحق في إشباع حاجاته الأساسية، والحق في الاستماع لآرائه، وغير ذلك، وتم أيضاً ذكر واجبات المستهلك، والتي ورد من ضمنها أن يغير من أنماط استهلاكه في جميع مناحي حياته كتحديد المواد التي يستهلكها والامتناع عن تخزين المواد الغذائية لمدة طويلة، وكذلك الامتناع عن الهدر الكبير في الأطعمة وغيرها. من جانب آخر، وسواء على الصعيد المحلي أو الخارجي، هناك سلوكيات واتجاهات تحدد ميل الفرد المستهلك للاستجابة بشكل معين سواء كان إيجابياً أو سلبياً إزاء مؤثرات معينة في السوق سلبية كانت أو إيجابية، مثل الاتجاهات المعرفية، والتي تشمل الآراء والمعلومات الموجودة بذاكرة المستهلك، وكذلك المكونات العاطفية والتي تتعلق بمشاعر المستهلك سواء كانت إيجابية أو سلبية، وقد تكون سلوكيات المستهلك إيجابية أو سلبية أو محايدة. من السلوكيات الإيجابية للمستهلك الراشد البعد عن الإسراف والتبذير، وتجنب استهلاك المواد المضرة بالصحة مثل التدخين، وكذلك تجنب المنتجات المحرمة والممنوعة قانوناً مثل المخدرات، ومراعاة تعليمات استخدام المنتج، وغير ذلك. لا شك بأن جهود كل الجهات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني ذات العلاقة تتضافر من أجل حماية المستهلك وإرشاده إلى السلوك الصحيح في قراراته ونمطه الاستهلاكي. * مدير إدارة حماية المستهلك / وزارة الاقتصاد
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©