الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

الإمارات..استراتيجية الحكمة والاعتدال والحوار في حل النزاعات

الإمارات..استراتيجية الحكمة والاعتدال والحوار في حل النزاعات
1 ديسمبر 2016 21:40
لهيب عبد الخالق (أبوظبي) تمثل السياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة، نموذجاً للحيوية والفاعلية والديناميكية، لارتكازها إلى قواعد استراتيجية ثابتة، شعارها الحكمة والاعتدال في إدارة العلاقات مع العالم الخارجي من منطلق الالتزام بميثاق الأمم المتحدة واحترام المواثيق والقوانين الدولية، وإقامة علاقات مع جميع دول العالم على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين، واعتماد نهج الاعتدال في حل النزاعات الدولية بالحوار والطرق السلمية. وشهدت سياسة الدولة خلال 2016 تفعيلاً للدور الخارجي في حل أزمات المنطقة والعالم. وقادت الدبلوماسية منذ بداية العام تحركاً نشطاً من أجل العمل على احتواء العديد من حالات التوتر والأزمات والخلافات الناشبة، سواء على صعيد المنطقة أو خارجها. وترى الإمارات أن منطقتنا والعديد من دول العالم، واجهت وتواجه العديد من الأزمات والصراعات التي انفجرت منذ عام 2011، ما تسبب بانزلاق العديد من الدول العربية نحو التقاتل الداخلي مثل اليمن وليبيا والعراق وسوريا والصومال، فيما تستمر محنة الشعب الفلسطيني الذي يرزح تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي دون أن يبدو في الأُفق أي بادرة لحل عادل يعيد للشعب حقوقه السليبة في إنشاء دولته على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية. وتعارض السياسة الإماراتية التدخلات الإقليمية في الشأن العربي، وعلى رأسها تصدير إيران ثورتها خارج حدودها، وهي الدولة الوحيدة في العالم التي يشمل دستورها نصاً صريحاً بذلك، ما أسهم في حالة عدم الاستقرار والاقتتال، ويستدعي تحركاً فاعلاً على المستوى الإقليمي والعربي وفي إطار مشترك، لإيجاد الحلول للأزمات المتفاقمة والتي تلد أزمات أخرى في سلسة التداعيات الاستراتيجية بالمنطقة والعالم على حد سواء. وتعتبر الإمارات أن السنوات القليلة الماضية أثبتت عقم الاكتفاء بإدارة الأزمات، فوجهت جهودها بمشاركة المجتمع الدولي لإيجاد الحلول الأساسية لهذه الصراعات التي أنشأت بيئة أفرزت اندلاع موجات الإرهاب والتي اتخذت أشكالاً غير مسبوقة وأساليب من البشاعة لا تخطر على بال، مثيرة الذعر والفزع ليس في الشرق الأوسط فحسب، بل في العديد من دول العالم، حيث لم يعد الإرهاب محصوراً في حدود دولة أو إقليم معين، بل إن مسرح عملياته صار العالم أجمع، متجاوزاً الحدود ومخترقاً الحواجز. وتقف القيادة الحكيمة للدولة، وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، إلى جانب قضايا الحق والعدل، لتسهم بشكل فعال في دعم الاستقرار والسلم الدوليين، كما هو عهدها منذ وضع نهجها مؤسس الدولة المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه. ويؤكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حرص الإمارات على تعزيز وتنمية وتطوير العمل العربي المشترك، تحقيقاً للأهداف والتطلعات المنشودة للشعوب العربية في التنمية والبناء والاستقرار. وقد كان إدراك حجم التحديات التي تحيط بالأمة العربية ومدى تأثيراتها في أمن واستقرار المنطقة، المنطلق الأساسي للتحرك السياسي للدولة التي اعتبرت أنها وشقيقاتها العربية تتحمل مسؤولية تاريخية أمام ما يحدث من فوضى ودمار لبعض الدول العربية. وذلك كان الدافع الأقوى لتشكيل التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن الذي تقوده السعودية، والذي حقق نجاحاً في فترة زمنية حرجة، ووضع حداً لتدخلات أجنبية في المنطقة. وتتجه الدولة إلى تطوير استراتيجياتها وسياساتها الخارجية انطلاقاً من مبدأ التضامن والتكاتف وتوحيد الرؤى والطاقات وتسخير الإمكانات المشتركة، وكانت الداعم الأساسي لبناء العمل العربي المشترك، ووضع الخطط الاستراتيجية الحقيقية لمستقبل وأمن المنطقة. وقد شدد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، على أهمية وفاعلية العمل العربي المشترك وتطوير آلياته وأدواته ليس فقط على الجانب السياسي فقط، بل على جميع الصعد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وفي المحافل الدولية، أكد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، أن الآمال ما زالت منعقدة على تجاوز منطقتنا الأزمات التي تعصف بها، رغم صعوبة ما تجتازه. وقال في كلمة أمام الدورة الـ 71 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، إن بعض الحلول التي اعتمدتها الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية الشقيقة في المنطقة، تبعث على التفاؤل من تجربتها الوطنية، متأملاً أن تمتد آثارها الإيجابية إلى غيرها من دول المنطقة. وتبنت القيادة السياسية في الدولة رؤية ذات محددات وركائز واضحة لإدارة العلاقات مع العالم الخارجي. وعمل الجهاز الدبلوماسي للدولة على التحرك انطلاقاً من هذه الرؤية، ووفق الأسس التي تقوم عليها والثوابت التي تنطلق منها. ودفعت تلك الرؤية القيادة الحكيمة في الدولة إلى السعي بشكل دؤوب مستمر لتعزيز مختلف برامج المساعدات الإنسانية والإغاثية والإنمائية والاقتصادية المباشرة وغير المباشرة للعديد من الدول العربية والنامية، خاصة تلك التي تشهد حالات نزاع أو كوارث طبيعية، فضلاً عن مساهماتها الأخرى الفاعلة في العديد من عمليات حفظ السلام وحماية السكان المدنيين وإعادة الإعمار في المناطق بعد انتهاء الصراعات، وهو ما يجسد شراكتها المتميزة مع أطراف عدة، وتفانيها من أجل تحقيق الأهداف النبيلة من صيانة واستقرار السلم والأمن الدوليين. وقد حققت دبلوماسية دولة الإمارات انفتاحاً واسعاً على العالم الخارجي، أثمر عن إقامة شراكات استراتيجية، سياسية، اقتصادية، تجارية، ثقافية، علمية، تربوية، وصحية مع العديد من الدول في مختلف قارات العالم، بما عزز المكانة المرموقة التي تتبوأها في المجتمع الدولي. ولابد من الإشارة إلى أن الدبلوماسية الإماراتية، حققت بالتعاون مع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ومن خلال العمل بشكل متوازٍ ضمن منظومات المجتمع الدولي التي تصدت لمعالجة هذه الأزمات، تفوقاً مشهوداً وضع الدولة في مكانة بارزة ضمن حسابات العواصم الدولية الكبرى، أو ما يعرف بعواصم صنع القرار العالمي. مكافحة الإرهاب.. جهود جبارة ودانت الإمارات وما زالت، الإرهاب والتطرف بشدة بجميع الأشكال، وأثبتت باستمرار التزامها مواجهة هذا الإرهاب والقضاء على التطرف الموجود في منطقة الشرق الأوسط والعالم. وطالبت المجتمع الدولي بعدم إعطاء أي دور مهما كان، لقوى التطرف والإرهاب والشر، ولا إلى دعاة الطائفية والساعين إلى تمزيق الشعوب، فضلاً عن قيام الحلول على أساس العدل واحترام القانون. ورفضت وترفض ما تقوم به إيران في المنطقة، كما أنها دعت إلى أن يكف أي طرف إقليمي أو دولي عن القيام بدور سلبي في هذا الصدد، مؤكدة أن الخطر سينال بالضرورة من الجميع لو استمرت الأزمات على حالها. وشاركت الإمارات بنشاط مع شركاء التحالف الآخرين في مكافحة تنظيم «داعش». وشملت مساهمات الدولة في مكافحة الإرهاب محاربة الحركات المتطرفة مثل تنظيم «القاعدة» و«حزب الله» وحركة «طالبان»، و«الحوثيين»، وغيرهم. وما زالت الإمارات تؤدي دوراً فاعلاً في إطار التحالفات الدولية لمكافحة الإرهاب، وفي المعركة ضد الإرهابيين والمتطرفين. ومن خلال الرصد الدقيق والتنفيذ الصارم، فإن الإمارات عملت بشكل فعال على تعطيل التمويل غير المشروع للجماعات المتطرفة من خلال النظام المالي للإمارات وداخل حدود الدولة، كما كانت عضواً فاعلاً في تحالفات دولية لمكافحة وإغلاق شبكات تمويل الإرهاب، وقطع تدفق الأموال للمتطرفين. وتبذل الدولة جهوداً جبارة في إطار الحرب على الإرهاب. التعاون الخليجي.. أواصر لا تنفصم استمرت الإمارات في سعيها لتحقيق التكامل بين دول مجلس التعاون الخليجي في مختلف الميادين، وتنسيق مواقفه وسياساته الخارجية والاقتصادية وعلاقاته الإقليمية والدولية مع دول العالم كافة، بما يحقق مصالح دوله القومية ومنفعة شعوبه الوطنية وطموحاته في الازدهار والاستقرار، ما أكسب منظومة المجلس ثقلاً ووزناً كبيرين على الصعيدين الإقليمي والدولي. ولم يوفر سعي الدولة في هذا الإطار أي صعيد سواء العمل الجماعي أو الثنائي أو أعمال اللجان العليا المشتركة التي تربط الإمارات مع دول المجلس، وبما يحقق المصالح المشتركة والمتبادلة بين شعوبه. من هذا المنطلق عمدت الإمارات إلى تنسيق المواقف بين الدول الأعضاء تجاه مختلف القضايا باعتباره ركناً مهماً من أركان التعاون الخليجي. وقد أسهم التجانس بين دول الخليج العربية في تمكين مجلس التعاون من تبني مواقف موحدة تجاه القضايا السياسية، واعتماد سياسات ترتكز على مبادئ حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، واحترام سيادة كل دولة على أراضيها ومواردها، واعتماد مبدأ الحوار السلمي وسيلة لفض المنازعات، الأمر الذي أعطى المجلس قدراً كبيراً من المصداقية، كمنظمة دولية فاعلة في هذه المنطقة الحيوية للعالم بأسره. وذكر التقرير السنوي لمسيرة مجلس التعاون في مايو 2016، أن قادة دول التعاون عملوا على المضي بمسيرة المجلس نحو تحقيق أهدافه التي تصب في مصلحة أبناء الخليج، وتطور علاقات دولهم بالدول والشعوب المختلفة، مؤكداً أن المجلس لم يتوان عن اقتناص كل فرصة لتفعيل العمل المشترك نحو المستقبل بغية الوصول إلى تكامل اقتصادي واجتماعي وسياسي يجسد الوحدة الخليجية التي تتوافر لها جميع المقومات التاريخية والحضارية والبشرية والمادية، في مرحلة تعد من أهم المراحل في مسيرة التعاون المشترك. وتصدرت الإمارات جميع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، من حيث ترتيبها في تنفيذ القرارات المتعلقة بالعمل المشترك، والسوق الخليجية المشتركة، كما كانت من السباقين إلى إزالة الحواجز التي تعيق التجارة البينية وتشجيع انتقال العمالة والاستثمارات بين الدول الأعضاء لمجلس التعاون، بما يدعم تحقيق المواطنة الخليجية، ويلبي تطلعات وآمال المواطن الخليجي في الأمن والاستقرار والتكامل الاقتصادي بين دول المجلس، بحسب التقرير السنوي للعمل الاقتصادي الخليجي المشترك الصادر أمس عن وزارة المالية في الإمارات. وتعرض مجلس التعاون لاختبار صعب عقب اندلاع فوضى واضطرابات إقليمية عارمة في عام 2011، وأخذت بعض دول المجلس، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، على عاتقها الإمساك بزمام المبادرة وتقديم الدعم الكامل للدول العربية المتضررة في هذا الظرف التاريخي، وهي النظرة التي أثبتت صحتها، وأكدت بعد نظر قادة دول مجلس التعاون ورؤيتهم الاستشرافية العميقة التي اعتبرت أن ما يوصف بـ «ثورات الحرية والتغيير ليست سوى مؤامرات تدار بأيدٍ خارجية وتنفذ عبر أدوات داخلية من تنظيمات وجماعات مثل جماعة «الإخوان المسلمين» الإرهابية وغيرها، بحيث استغل منفذو المؤامرة ظروفاً تنموية قاسية تعانيها هذه الدول، وتلوح بها من أجل إحداث الفوضى التي باتت واضحة في دول مثل سوريا والعراق واليمن وليبيا وغيرها». وفي اليمن، استمر التحالف العربي الذي تقوده السعودية بمشاركة الإمارات في حصد النجاح لتحقيق أهدافه في دعم الشرعية وحماية الشعب اليمني، بما في ذلك الأطفال، من ممارسات مليشيات الحوثي وصالح الانقلابية، في ظل وجود حكومة شرعية معترف بها دولياً، ووفق ما أكد عليه القرار الأممي 2216. ومنذ 26 مارس 2015، يشن التحالف العربي عمليات عسكرية في اليمن ضد الانقلابيين، وذلك استجابة لطلب الرئيس عبد ربه منصور هادي بالتدخل عسكرياً لحماية اليمن وشعبه من عدوان المليشيات، ومحاولتها السيطرة على كامل اليمن، بعد سيطرتها على صنعاء في سبتمبر 2014. وساندت الإمارات شقيقاتها في دول مجلس التعاون، حيث عبرت عن قلقها الشديد من إقرار الكونجرس الأميركي ما يعرف بقانون العدالة ضد رعاة الإرهاب الذي استهدفت به السعودية خاصة، واعتبرت أن هذا القانون يتعارض مع قواعد المسؤولية بوجه عام ومبدأ السيادة التي تتمتع بها الدول. وأكدت أن هذا القانون لا يستوي مع أسس ومبادئ العلاقات بين الدول، ويمثل خرقاً صريحاً لها بكل ما يحمله من انعكاسات سلبية وسوابق خطيرة. وحذرت من الآثار السلبية للقانون على الدول كافة، بما فيها الولايات المتحدة الأميركية، وما قد يحدثه من فوضى في إطار العلاقات الدولية، مؤكدة أن مثل هذه القوانين ستؤثر سلباً على الجهود الدولية والتعاون الدولي لمكافحة الإرهاب. ويمثل الدعم الذي قدمته الدولة لليمن، حكومة وشعباً، أحد ثوابت السياسة الإماراتية، حيث روت دماء أبناء الإمارات تراب اليمن لتطهره من دنس الانقلابيين. ولم تتوان الدولة عن تقديم كل أوجه المساعدات له، كي يتجاوز الأوضاع الصعبة التي يشهدها في الوقت الراهن، كما قدمت أنواع الدعم لليمن، اقتصادياً وسياسياً وأمنياً وعسكرياً، من أجل إعادة الأمن والاستقرار إليه. وأكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في مناسبات عدة أن الإمارات تقف دائماً وأبداً مع الشعب اليمني وإرادته الوطنية، وتنحاز إلى الشرعية التي تمثله، ولن تتخلى عنه حتى يعود الاستقرار والأمن إلى ربوعه. ومنذ بدء الأحداث التي يشهدها اليمن، وجهت القيادة الرشيدة الجهات المختصة في الدولة بتقديم كل عون ومساعدة لتخفيف معاناة الشعب اليمني الشقيق، وكانت الإمارات من أوائل الدول التي استجابت للنداء الإنساني ، ليتجاوز محنته ويعود إلى ممارسة دوره الطبيعي في محيطه العربي. القضايا العربية.. دعم متواصل وثابت ويشكل دعم القضايا العربية محوراً رئيساً في سياسة الإمارات، والذي لم يحد عن الثوابت التاريخية للدولة. وتحذر الدولة من أن عدم تدارك الأزمات في المنطقة ومنع تفاقمها وإيجاد الحلول الكفيلة بتلافي أخطارها، أدى إلى معاناة العديد من الدول من نتائجها، مؤكدة أن ما تشهده منطقتنا العربية وتداعيات أزماتها وآثارها السلبية، تمتد إلى خارج حدودها وحدود إقليمها، لتؤثر على محيط جغرافي أكبر. وأشارت إلى أزمة اللاجئين والنزوح الجماعي من مناطق الصراع والضغوط في المنطقة التي نجمت عن ذلك على العديد من الدول، داعية إلى ضرورة تكاتف الجميع داخل المنطقة وخارجها، لوضع الحلول التي تسمو على المصالح الفردية لهذا الطرف أو ذاك، وعدم استثمارها سياسياً لمصلحة طرف ضد آخر، مؤشرة تجاهل المنظمة الدولية لهذه الأزمات والاكتفاء بإدارتها، ما أسهم في تعقيدها وتشعبها. وتؤكد الإمارات باستمرار دعمها للقضية الفلسطينية على كل الصعد، وهو دعم تاريخي. وأشار سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي إلى أن نكبة الشعب الفلسطيني ومعاناته ما زالت مستمرة منذ نحو سبعين عاماً، بل إنها أسهمت في تزايد ظاهرة العنف والعنف المضاد بسبب الاكتفاء الكسول بإدارة الأزمات دون السعي الجاد لحلها، واكتفاء القوى الفاعلة والمؤثرة، بل والمسببة لهذه النكبة. وقد بقي الدعم الإماراتي للقضية الفلسطينية ثابتاً لم ينقطع منذ نشأة الدولة في عام 1971، بل هو مقترن بتاريخها. ولا تزال القضية في صدارة اهتمامات السياسة الخارجية الإماراتية على الرغم من المتغيرات التي طالت القضية في السنوات الأخيرة، فهو ينطلق من ثوابت سياسية وأخلاقية ودينية لا تتغير. وفي الشأن المصري، اتسمت العلاقات التاريخية بين الإمارات ومصر بالتميز من حيث قوتها ومتانتها وقيامها على أُسس راسخة من التقدير والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة أو من حيث استقرارها ونموها المستمر أو من حيث ديناميكية هذه العلاقة والتواصل المستمر بين قيادتي البلدين وكبار المسؤولين فيها. وتميزت العلاقات بين الدولة ومصر بالخصوصية والاحترام المتبادل منذ نشأتها، خاصة في ظل العلاقات الأخوية الوطيدة بين حكام البلدين، ما انعكس إيجابياً على مجمل العلاقات الثنائية في مساراتها الرسمية على المستوى السياسي والاقتصادي، وفي مسارها الأهلي على المستويات الثقافية والاجتماعية والتجارية. غير أن من أهم ما يميز العلاقات السياسية بين البلدين، قدرتها على إرساء جذور الصداقة والأخوة القائمة بينهما، وتطويرها في إطار تحكمه أهداف مشتركة عدة، أهمها التضامن والعمل العربي المشترك، والعمل في المحافل الدولية على نبذ العنف وحل الخلافات بالطرق السلمية. وأكدت الإمارات أنها ترى في مصر الشقيقة ركناً أساسياً في هذا الاتجاه، وبالمقابل أكدت مصر وقوفها مع الإمارات في مواجهة أية تهديدات إقليمية أو خارجية. وفي الشأن الليبي، أعلنت الإمارات عن دعمها الحل السياسي للأزمة الليبية. وأكدت وزارة الخارجية أهمية الاعتماد الدستوري للحكومة الليبية من قبل مجلس النواب، وذلك وفقاً لمخرجات الاتفاق السياسي الموقع بمدينة الصخيرات، وأنها ترى أن هذا الاعتماد أساسي في تعزيز المسار السياسي التوافقي ونجاحه. وأكدت الدولة أنها تشعر بمسؤولية تجاه استقرار الأوضاع في ليبيا، كما أكدت دعمها مسيرة الوفاق في ليبيا، ومضاعفتها العمل من أجل أن تتجاوز ليبيا الأزمة التي تمر بها. وفي الشأن العراقي، أكدت الدولة دعمها لتحسين الأوضاع الإنسانية الناجمة عن تصاعد وتيرة الأحداث في العراق. وأكد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان أن العراق ما زال ومنذ أكثر من عقد، يعاني الطائفية وأعمال العنف شبه اليومية، ناهيك عن سيطرة قوى الإرهاب الأسود على جزء من إقليمه، وعن نشر الرعب والفزع في نفوس شعبه، واحتمالات المساس بسلامته الإقليمية. كما أشار إلى التدخل الإيراني في شأن العراق الداخلي، ما فاقم من تأجيج عوامل الفرقة بين أبناء شعبه، مع غياب الحل السياسي الشامل لإرساء التوافق بين مكونات الشعب العراقي ووضع حد لتهميش طوائف كاملة منه. وانتقدت الإمارات عجز القوى الفاعلة وتنصلها من معالجة هذه الأزمات الخطيرة، مؤكدة وقوفها مع الشعب العراقي الذي لم تتوان الدولة في دعمه ودعم حقوقه، ومد أياديها البيضاء لنازحيه والمتضررين من حروبه. وفي الشأن السوري، أيدت الدولة حق الشعب السوري في تقرير مصيره ودعمت الحل السياسي وفقاً لاتفاق (جنيف-1)، مؤكدة أن الشعب السوري الذي يعاني الويلات، من حقه أن يحظى بالسلام والأمن والاستقرار، كما أكدت دعمها المستمر للشعب السوري. وأشارت الإمارات إلى أنها لا ترى أي احتمال لحل الأزمة السورية عن طريق القوة العسكرية التي لا ينتج عنها إلا زيادة معاناة الشعب السوري الشقيق، وتدفق اللاجئين على الدول الأخرى. وانتقدت تدخل إيران ومليشياتها الإرهابية في الشأن السوري الذي يزيد من تعقيدات المشهد، ما يحد من وضوح الرؤية والابتعاد عن المسار القائم على المرجعيات والقرارات الدولية باعتباره سبيل الخلاص من هذه المأساة المروعة. وقالت الإمارات أمام الدورة الـ 71 للجمعية العامة للأمم المتحدة «إن قلوبنا تدمى، إذ نرى أبناء الشعب السوري الشقيق يهربون من الموت إلى الموت، ونشعر بأعمق الحزن إذ نرى أبناء وبنات هذا الشعب الذي عُرف بإبائه وحضارته المديدة وقد اضطرته ظروف القتال في سوريا إلى الارتماء في مصير غامض من خلال تهجير قسري يعرفون بدايته ولكن لا يدركون نهايته، فضلاً عن امتهان كرامتهم على حدود هذه الدولة أو تلك. وإننا نرى أن آثار هذه الأزمة تطال أجيالاً مقبلة من السوريين من اكتووا بالعنف والتشريد والمستقبل المجهول». وفي الشأن الصومالي، تعهدت الإمارات على لسان معالي الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية، بمواصلة دعمها للشعب الصومالي ومساندة الأطراف المتنازعة على بدء محادثات مثمرة في سبيل التوصل إلى حل سياسي يمكن البلاد من استعادة قواها الاقتصادية والاجتماعية. وخصصت الإمارات نحو مليون دولار لدعم قدرات الصومال البحرية والساحلية، يوضع تحت إشراف الأمم المتحدة لاستخدامه في بناء قاعدة حراسة أمنية ساحلية للصومال، تضمن سلامة السفن البحرية، وتحميها من عمليات القرصنة البحرية الممتدة في منطقة يبلغ طولها مليوني ميل بحري.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©