الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

وكالة الفضاء الإماراتية.. مشروع عمره 40 عاماً

وكالة الفضاء الإماراتية.. مشروع عمره 40 عاماً
2 ديسمبر 2016 01:05
لم يكن اهتمام دولة الإمارات بعلوم الفضاء والكون وإنشاء الوكالة الإماراتية لعلوم الفضاء، وليد اللحظة، فما لا يعلمه هذا الجيل أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، منذ أن حمل على عاتقه مسؤولية بناء الإنسان والوطن، كان يحمل في فكره وقلبه أحلاماً وأمنيات كثيرة وكبيرة، وطموحات لا حدود لها، تحققت بفضل من الله عز وجل وبسواعد أبناء هذا الوطن.. أبناء زايد. حسين رشيد (أبوظبي) كان الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ،طيب الله ثراه، شديد الإيمان أنه بالعلم والمعرفة نصل إلى أعلى المستويات من التقدم والرقي، فقد حرص على معرفة ومتابعة الإنجارات التي يحققها الإنسان في أي مكان في العالم، ومن يقرأ التاريخ يدرك أن مشروع وكالة الفضاء الإماراتية عمره 40 عاماً، وفي تحدٍ جديد مع الزمن، جاء إعلان صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله ، عن إنشاء وكالة الفضاء الإماراتية، وبدء العمل على مشروع لإرسال أول مسبار عربي وإسلامي إلى كوكب المريخ بقيادة فريق عمل إماراتي في رحلة استكشافية علمية تصل الكوكب الأحمر خلال السنوات السبع المقبلة، لتدخل الدولة بهذا الإعلان التاريخي وبشكل رسمي السباق العالمي لاستكشاف الفضاء الخارجي وسبر أغواره. وتعد علاقة الشيخ زايد بالإنجازات العلمية وأصحابها علاقة وطيدة ، فهو يكرم منجزيها ويستقبلهم شخصياً، ويقدم إليهم الدعم والنصح والإرشاد، فقبل نحو أربعين عاماً، استقبل القائد المؤسس الدكتور فاروق الباز والذي كان يعمل مديراً للمتحف الأميركي الوطني لرحلات الفضاء آنذاك، ومعه رائد الفضاء الأميركي جيمس إروين، أحد رواد الفضاء الأميركيين الذين قاموا برحلات إلى القمر أثناء برنامج أبوللو، وكان ذلك في عام 1974. حينها، أثنى ،المغفور له، على ذلك باعتباره أكبر إنجاز حققه الإنسان حين وطأت قدماه سطح القمر، وأهدى رائد الفضاء إروين لوحة تذكارية للمركبة أبوللو وهي جاثمة على سطح القمر. وبعد ذلك بسنتين وبالتحديد في الثاني عشر من شهر فبراير من عام 1976 استقبل الشيخ زايد بقصره في منطقة البطين بأبوظبي، وفد رجال الفضاء الأميركي الذي ضم ثلاثة رواد فضاء أمريكيين هم توماس ستافورد، فانس براند، دونالد سايتون، والدكتور فاروق الباز، الذين زاروا أبوظبي بدعوة من حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة. في ذلك اللقاء التاريخي قال الشيخ زايد في حديثه للوفد الزائر: «إن الله سبحانه وتعالى قد أعطى الإنسان كل ما يريد وما يرغب، وعلى الإنسان بدوره أن يحمد الله ويشكره على ما وهبه من نعم، وأن يراعي الإنسان الجوانب الإنسانية في كل ما يقوم به من عمل، كما عليه أن ينظر إلى البشر كافة بعين واحدة، عين المحبة والأخوة، إننا في دولة الإمارات نساير أنفسنا مع الزمن، ومحاولة الحصول على كل ما هو جديد من شأنه أن ينفعنا في حاضرنا ومستقبلنا». وأثنى الشيخ زايد على إنجازات الوكالة ، وما حققه رواد الفضاء الأمريكيون، ووجه كلمة إلى رواد الفضاء الزائرين قائلاً: «إن ما توصلتم إليه من اكتشافات علمية يبشر بمستقبل طيب للعلم والعلماء وللبشرية أيضاً، فلا شك أن العلماء سيستفيدون من إنجازاتكم وخبراتكم في تجاربهم ودراساتهم وأبحاثهم العلمية التي يقومون بها لخدمة الإنسان والإنسانية، كالطب والعلوم الأخرى، إنكم بعملكم هذا قد مهدتم الطريق لغيركم من العلماء والرواد للوصول ومعرفة ما لم يتمكنوا من معرفته». واستمع الشيخ زايد خلال لقائه مع الرواد إلى شرح عن الرحلة الفضائية الأميركية السوفيتية المشتركة إلى الفضاء الخارجي وما حققته من نتائج إيجابية، كما عرض الدكتور فاروق الباز على الشيخ زايد اقتراح إطلاق قمر صناعي عربي لدراسة الصحارى العربية، الذي من شأنه تسهيل عمل الخبراء أو الباحثين العرب لدراسة ومعرفة بواطن الصحارى العربية وما تحتويه في جوفها من ثروات بترولية ومعدنية.. وأبدى الشيخ زايد ارتياحه لهذه الفكرة، وحث على العمل بها ووضعها موضع التنفيذ. وتسلم الشيخ زايد هدية تذكارية من الوفد الزائر عبارة عن نموذج مصغر لمركبتي أبوللو الأميركية وسويوز السوفيتية، كما قدموا إلى زايد لوحة تحمل صورة لمدار المركبة وبجانبها علم دولة الإمارات العربية المتحدة، الذي حمله الرواد معهم أثناء رحلتهم الأخيرة، وأكد زايد أن لهذه الصورة قيمة كبيرة وأنها هدية ثمينة يعتز بها الإماراتيون. كما وجه الشيخ زايد الوفد لزيارة عدد من المدارس بأبوظبي، حيث قام الرواد بزيارة لثانوية أبوظبي والتقوا طلابها، الذين تلقوا شرحاً وافياً حول غزو الفضاء ومعرفة أسراره، وأهمية ذلك للبشرية مستقبلاً، كما زار الوفد المدرسة الأميركية . الحوار والحلم من يقرأ اليوم الحوار الذي دار بين زايد ورواد الفضاء الأميركيين آنذاك، يدرك تماماً أن لزايد نظرة شمولية وفكراً نيراً وبعد نظر، وأنه حاكم يملك نظرة ثاقبة تجاه العلم والمعرفة وبناء الإنسان. فلم يثنِ المغفور له على تلك الصورة للفضاء الخارجي وفيها علم الدولة التي أهداها الرواد الأميركيون إلى سموه من فراغ، بل كان يتمعن في الصورة بكل اهتمام وهو يدرك تماماً أن يوماً ما سيحمل أبناء الإمارات بسواعدهم علم الدولة إلى الفضاء، اليوم وبعد أربعة عقود من الزمن سنبدأ في تحقيق ذلك الحلم، فخلال السبع سنوات القادمة سيحمل مسبار إماراتي راية الدولة إلى المريخ، وبقيادة فريق عمل إماراتي. وحين قال الشيخ زايد لرواد الفضاء: «لا شك أن العلماء سيستفيدون من إنجازاتكم وخبراتكم في تجاربهم ودراساتهم وأبحاثهم العلمية التي يقومون بها لخدمة الإنسان والإنسانية، كالطب والعلوم الأخرى».. لم يقل ذلك جزافاً، فاليوم تقام العمليات الجراحية الدقيقة في قارة ويتابعها الأطباء في قارات أخرى، وكذلك تقام المحاضرات في جامعة ما بالقارة الأميركية مثلاً ويحضرها طلبة وهم في جامعتهم بالإمارات، كل ذلك عبر الأقمار الصناعية التي تجوب فضاء العالم، ولولا اهتمام العالم بعلوم الفضاء الخارجي لما وصلنا إلى مثل هذه الإنجازات العظيمة. كان يدرك ،المغفور له، أنه لا يمكن لأي أمة أن تنهض إلا بالاهتمام واللحاق بمسيرة العلم والمعرفة والتقدم، فالإعلان التاريخي عن إنشاء وكالة الفضاء الإماراتية هو ثمار لما غرسه الشيخ زايد من بذور العلم والمعرفة في السنوات الأولى لقيام دولة الإمارات. لقد سخر الشيخ زايد كل الإمكانات في خدمة وطنه وأبناء شعبه بكل تفانٍ وإخلاص، ومن جملة اهتماماته حرصه على تطوير الجانب الأكاديمي من خلال إنشاء العديد من الجامعات وكليات التقنية، وثانويات التكنولوجيا التطبيقية التي توفد أفواجاً من الطلبة سنوياً لوكالة الفضاء الأميركية «ناسا» بغرض تأهيلهم وتعريفهم بالوكالة ودورها في خدمة الإنسانية. حاكم طموح وشعب متميز كان الشيخ زايد، يؤمن بأن كل إنجاز يحققه أبناء وطنه هو الداعم الأكبر لكل حاكم يطمح إلى تميز شعبه وأبنائه، وكل خطوة نجاح تشد من أزر كل من يعتلي هرم المسؤولية وتهيئ له من أسباب العون ليكون سداً منيعاً في وجه التحديات كافة. وكانت جهوده واضحة للعيان في بناء الدولة وتطويرها علمياً واجتماعياً واقتصادياً، مما كان سبباً بعد توفيق الله سبحانه وتعالى في تطور هذه البلاد وازدهارها ورفعة شأنها بين دول العالم أجمع. ولعل في الإعلان التاريخي لدولة الإمارات بإنشاء وكالة لعلوم الفضاء خير مثال على ذلك، فهذا الإعلان يشكل منعطفاً تنموياً في مسيرة الدولة عبر دخولها قطاع تكنولوجيا الفضاء واعتباره أحد المستهدفات لتضمينه في الاقتصاد الوطني خلال السنوات القادمة بالإضافة إلى العمل على بناء رأس مال إماراتي بشري في مجال تكنولوجيا الفضاء والمساهمة في زيادة المعرفة البشرية فيما يخص استكشاف الفضاء الخارجي والأجرام السماوية البعيدة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©