أحمد مراد (القاهرة)
في الوقت الذي يكتفي البعض بما جاء به الوحي من دون إعمال العقل، ويغالي البعض الآخر في تقديم العقل على الوحي، يوازن الإسلام الوسطي بين العقل والنقل، ويجعل العقل أساس النقل وثبوت الوحي، وينفي وجود تعارض بين النقل الصحيح والعقل الصريح، ويكفي الإشارة إلى أن القرآن يشير إلى العقل ومعانيه المختلفة ومشتقاته ومرادفاته في نحو 350 آية.
تقول د. آمنة نصير، الأستاذ في جامعة الأزهر: «من أهم سمات وسطية الإسلام الحنيف احترامه للعقل والتفكير، والدعوة إلى النظر والتدبر في آيات الله الكونية في الأنفس والآفاق وآيات الله التنزيلية في القرآن، وتكوين العقلية العلمية التي ترفض الخرافات، ولا تقبل دعوى إلا ببرهان، وهي العقلية التي أنشاها القرآن بتعاليمه، ومقاومة الجمود والتقليد الأعمى للآباء أو للسادة والكبراء، أو لعامة الناس، فضلاً عن أن الإسلام يعتبر العقل أساس النقل وثبوت الوحي، وهو المخاطب بأحكام الشرع والأداة الفذة في فقه الدين وفهم الدنيا، مع تأكيد نفي وجود التعارض بين النقل الصحيح والعقل الصريح أو بين الوحي الرباني والعقل الإنساني، بل هما نور على نور، وإذا كان هناك تعارض عقلي قدم القطعي على الظني منهما، وإذا كانا ظنيين قدم النقلي حتى يثبت العقلي أو ينهار، ومن ثم يرفض الإسلام موقف الذين يعطلون العقل أو يجمدونه باسم الشرع، وموقف الذين يقدمون العقل على الشرع أبداً وباسمه يريدون تحريف شرع الله، ويتخذ الإسلام بين هذا وذاك موقفاً وسطاً، يقدس النقل ويحترم العقل، ويرى أن الاثنين يتكاملان ولا يتعارضان».
وتضيف : «لقد خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان متميزاً عن سائر الخلق، حيث كرمه بالعقل ليتمكن به من السيادة على الكون وفق منهج الله، وآيات القرآن الكريم دعت بطريق مباشر وغير مباشر إلى تعظيم العقل والرجوع إليه واستخدامه في التفكير، مشيرة إلى أن الإسلام اعتمد في إثبات العقيدة الإسلامية على الأدلة العقلية، ولهذا قال العلماء (إن العقل أساس النقل)، فقضية وجود الله قامت بإثبات العقل، وقضية نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثبتت أيضاً عن طريق العقل أولاً، ثم دلَّت المعجزات على صحة نبوته».
عدد اليوم
