الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الجزائر في عيون الرحّالة الألمان في القرن التاسع عشر

الجزائر في عيون الرحّالة الألمان في القرن التاسع عشر
5 يناير 2008 01:38
صدر للكاتب والمترجم (أبو العيد دودو) كتابٌ بعنوان ''الجزائر في مؤلَّفات الرحالين الألمان'' بدعم من وزارة الثقافة الجزائرية في إطار تظاهرة ''الجزائر عاصمة الثقافة العربية'' التي تنقضي رسمياً يوم 11 يناير ·2008 يقع الكتاب في 208 صفحات قسَّمها المؤلِّف إلى أربعة عشر فصلاً تناول فيها أهم مؤلَّفات الرحالين الألمان الذين زاروا الجزائر منذ احتلال فرنسا لها في 5 يونيو 1830 إلى غاية ،1855 وما حدث في هذه الفترة من انتفاضات شعبية، وتغير جذري في حياة الجزائريين بعد الاحتلال· قام دودو بعرض ملخَّصٍ لكتب ثمانية رحالين تضمَّن أهم ما جاء فيها من معلومات ووقائع وشهادات ثمينة ليضعها بين أيدي الباحثين والمؤرِّخين الجزائريين· تناولت هذه الكتب تجارب الرحَّالين الشخصية في الجزائر وعلاقتهم بأهلها وبالمعمِّرين الفرنسيين في فترة الربع قرن التي أعقبت الاحتلال، ووصف العادات والتقاليد الجزائرية، وأساليب الحياة في المدن والقرى والأرياف التي زاروها، مما ألقى المزيد من الأضواء على الظروف التي كانت تعيشها الجزائر آنذاك، علماً أن هؤلاء الرحالين وضعوا كتبهم آنذاك لتكون دليلاً لمن أراد من مواطنيهم الألمان الهجرة إلى الجزائر للإقامة الدائمة بها مع المعمرين الأوروبيين والاستيلاء على أخصب أراضيها تحت حماية الاحتلال الفرنسي· 100 ألف بدأ دودو عرضه بكتاب ''رحلة فيلهلم شيمبر إلى الجزائر في سنتي 1831 و''1832 الذي أبدع في وصف الجزائر العاصمة بعد عام من الاحتلال، فقال: إن عدد سكانها وصل إلى مئة ألف· ووصف الحياة اليومية لبعض الأسر الجزائرية التي أُتيح له العيش معها بعض الوقت، ومدى غيرة الجزائري، وعادات تعليم أطفاله حفظ (القرآن) والفقه والحساب، ثم وصل شيمبر إلى هذا الاستنتاج الهام فقال: ''لقد بحثتُ قصداً عن عربي واحد في الجزائر يجهل القراءة والكتابة، غير إني لن أعثر عليه، في حين وجدتُ ذلك في جنوب أوروبا''· ينتقل المؤلَّف، بعد ذلك، إلى الحديث عن شجاعة الجزائريين في الحروب وأنواع أسلحتهم، لكنه يقف عند انقسامهم على أساس قبلي الأمر الذي مكَّن الفرنسيين منهم، وفي إطار ذلك كشف العديد من المجازر الوحشية التي ارتكبوها بحقِّ الثوار وعائلاتهم· أما الرحالة فرديناند فينكلمان فوضع بدوره كتابا بعنوان ''تاريخ احتلال الجزائر من طرف الفرنسيين سنة ،''1830 لكن المؤلِّف لم يركز فقط على ظروف وقوع الاحتلال بعد أن سحرته طبيعة الجزائر وموقعها وجبالها وهضابها· ودعا الألمان إلى استيطانها لأنها ''مستعمرة رائعة'' بها أراض خصبة مُهملة''، ليؤكِّد بذلك أنه ينطلق من خلفية استعمارية لا تختلف عن خلفية الفرنسيين· الجنرال بيجو من جهته، ألف هرمان هاوف كتابا بعنوان'' الجزائر كما هي'' واعتبر احتلال الجزائر أهم حادثة في القرن التاسع عشر، لأنها وضعت حدا لسيطرة الأسطول الجزائري على البحر المتوسط وإجباره مختلف الدول على دفع اتاوات مقابل مرور سفنها التجارية· ويصف الكاتب بعد ذلك الحياة الاجتماعية للجزائريين بعد الاحتلال وكيف هاجر الكثير منهم إلى المشرق العربي لأنهم لم يطيقوا فقدان حريتهم وتدنيس أراضيهم· أما المستشرق موريس فاغنر، فركَّز في كتابه ''رحلات في ولاية الجزائر سنوات 1836و1837و،''1838 على وصف أجمل المدن التي شاهدها، والمعارك التي حضرها، بل وصف حتى المجموعات الحيوانية الموجودة في البلد، ثم أرَّخ لبعض الوقائع المهمة، ومنها المقابلة التاريخية بين الأمير عبد القادر والجنرال بيجو سنة 1837 وما دار بينهما من حوار قبل التوصل إلى ''معاهدة صلح''، وخصَّص فصلاً من كتابه لوصف الأمير الذي قاد ثورة ضد الفرنسيين لمدة 17 سنة في غرب الجزائر، ثم فصلاً آخر لوصف الحياة الاجتماعية في مدينة الجزائر إبان الاحتلال ليسلِّط الأضواء على القضاء، والأسواق، والمقاهي، والتقاليد الدينية، واحتفالات رمضان، واحتفالات العيد، والحفلات العائلية، وحفلات الختان والولادة· من جهتهما، أبدع كليمانس لامبينغ ولودفيغ بوفري في وصف المدن والتضاريس والطبيعة في الجزائر، وكذلك الحياة الاجتماعية فيها، ولكن يبدو من كتب كل الرحّالين الألمان سابقي الذكر، أنها لم تكن كتب أدب رحلة ''عادية''، بل كانت أقرب ما تكون إلى ''دليل'' للمواطنين الألمان الراغبين في استيطان الجزائر بعد احتلال فرنسا لها وفتحها الأبواب لكل من يرغب في الهجرة إليها من الأوروبيين، مما يدعو إلى التساؤل: هل كان هؤلاء عشاق رحلات أم مكلَّفين بمهمة؟
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©