الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

الإمارات تجابه تهديدات المستقبل باستراتيجية ممنهجة

الإمارات تجابه تهديدات المستقبل باستراتيجية ممنهجة
18 أكتوبر 2017 21:12
أبوظبي (وام) أكد معالي محمد بن أحمد البواردي، وزير دولة لشؤون الدفاع أن دول وجيوش العالم تواجه تحديات كثيرة متنوعة، في القرن الحادي والعشرين، الذي يحمل بين ثناياه أنماطاً وتهديدات لا متماثلة، لاسيما أن التنظيمات والميلشيات والحروب بالوكالة باتت تمثل أحد أخطر أنماط الحرب اللا متماثلة أو غير التقليدية بين الجيوش، إذ أصبحت تمتلك أسلحة وأدوات عسكرية قادرة على خوض المجابهات الشرسة مع الجيوش. وقال معاليه، إن الإمارات لعبت دوراً مشهوداً في التصدي لتلك التحديات المستقبلية، ووضعت استراتيجية ممنهجة لمواكبة المتغيرات الحديثة والتطورات التي تشهدها المجالات العسكرية. جاء ذلك، خلال حوار معاليه لمجلة «درع الوطن»، بمناسبة انعقاد المؤتمر الثاني لوزارة الدفاع، بعنوان «القادة لحروب القرن الواحد والعشرين»، الذي ينطلق برعاية كريمة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، يوم الأحد المقبل الموافق 22 أكتوبر. وتناول الحوار الذي أجراه المقدم ركن يوسف جمعة الحداد، رئيس تحرير المجلة في مضمونه أهمية وأهداف هذا الحدث الكبير، لاسيما أنه سيضيف تراكماً إلى المخزون المعرفي لدى القادة والمؤسسات المعنية بالأمن الوطني في الدولة، فضلا عن المتغيرات والتطورات التي يشهدها القرن في المجال العسكري بمختلف مساراتها. وقال معاليه، رداً على سؤال حول أبرز أهداف والمخرجات المتوقعة من انعقاد مؤتمر القادة لحروب القرن الحادي والعشرين، «لاشك أن انعقاد مثل هذه المؤتمرات ضرورة حيوية بالغة الأهمية لإعداد قادة المستقبل، وتوفير المعرفة اللازمة لهم من خلال الاطلاع على أحد أهم النظريات المعرفية في المجال العسكري، والاحتكاك العملي مع القادة والخبراء والمتخصصين في دول أخرى، لاسيما في ظل الطبيعة بالغة التغير والتعقيد لمصادر التهديد الاستراتيجي القائمة والناشئة والمحتملة، وكذلك التحديات المتحولة والمتجددة في عالمنا، وبما يمكن من تعزيز الوعي الاستراتيجي للقادة، وينعكس بالتالي على مخزون الخبرات لدى قادة وأفراد قواتنا المسلحة، ومن ثم الإسهام في بلورة مصادر التهديد المحتملة وإعداد خطط الاستجابة المناسبة. وتابع معاليه، مؤكداً أن المؤتمر يسعى إلى جانب ما سبق تحقيق أهداف استراتيجية أخرى، مثل تعزيز التفاعل بين المؤسسات المعنية بالأمن الوطني في دولة الإمارات العربية المتحدة، وبناء فهم مشترك لمصادر التهديد المحتملة ودراسة تأثيراتها وسبل التعاطي معها.. والمؤكد أن هذا المؤتمر سيضيف تراكماً إلى المخزون المعرفي لدى القادة والمؤسسات المعنية بالأمن الوطني في الدولة، لاسيما على صعيد فهم البيئة الاستراتيجية للصراعات الإقليمية والدولية، ورصد تأثيراتها المحتملة على المصالح الاستراتيجية للدولة وبقية دول مجلس التعاون، والأمن القومي العربي في الإطار الأوسع والأشمل، باعتبار أن الأمن الوطني لدولة الإمارات جزء لا يتجزأ من الأمن الوطني لدول مجلس التعاون والأمن القومي العربي. وحول أبرز التحديات التي تواجه الدول والجيوش في هذا القرن؟، أكد معالي محمد البواردي، أن التحديات في القرن الحادي والعشرين بشكل عام تتسم بقدر هائل من التشابك والتداخل والتعقيد، وذلك كانعكاس لمستوى تعقد العلاقات الدولية وشبكات المصالح الثنائية والمتعددة بين الدول والتكتلات الأمنية والسياسية وغير ذلك، وفي مجال عملنا الاستراتيجي وشقه الأمني والعسكري، هناك تحديات تواجه الجيوش في مختلف الدول، وفي مقدمتها التحولات التي طرأت على أنماط التهديدات ببروز التهديدات اللامتماثلة، حيث يمكن القول إن التنظيمات والميلشيات والحروب بالوكالة باتت تمثل أحد أخطر أنماط الحرب اللامتماثلة أو غير التقليدية بين الجيوش وتنظيمات باتت تمتلك أسلحة وأدوات عسكرية قادرة على خوض المجابهات الشرسة مع الجيوش، فلم يعد ينقص هذه الميلشيات سوى أنظمة القتال الجوي كي تضاهي الجيوش النظامية في قدراتها القتالية وخططها العملياتية، وهذا الأمر يمثل تحدياً بالغ الخطورة على الأمن والاستقرار العالمي، ويجب العمل على مجابهته والتصدي له. وهناك أنماط أخرى من التهديدات غير التقليدية، مثل حروب الجيل الخامس، التي تعد الحروب غير النظامية أحد مظاهرها وليست كلها، فهناك أدوات أخرى للأجيال الجديدة من الحروب على الصعيد الإعلامي والدعائي والاقتصادي، لاسيما ما يتعلق بالحروب السيبرانية، التي أصبحت أحد أخطر مظاهر التهديد الاستراتيجي المحتمل للأمن الوطني للدول في القرن الحادي والعشرين. وهناك أيضاً أنماط جديدة من التهديدات التي تواجه الأمن والاستقرار الدوليين مثل ظاهرة التغير المناخي التي تفرز بدورها تحديات قد تقود مستقبلاً إلى صراعات وحروب ونزاعات عسكرية حول مصادر المياه وغير ذلك، وفي المجمل، فإن لدينا في القرن الحادي والعشرين ثلاثة تحديات أساسية، وهي الصراعات غير التقليدية أو اللامتماثلة، وتتجسد أساساً في الإرهاب الدولي والحروب السيبرانية وحروب الجيل الخامس، وهناك الطموحات التوسعية لبعض القوى الإقليمية التي تحاول استغلال الاضطرابات السائدة في بعض الدول من أجل توسيع نفوذها والتدخل الفج في شؤون الدول الأخرى، وهناك تصاعد خطر انتشار السلاح النووي والتجارب الصاروخية، حيث يعجز نظام منع الانتشار النووي حتى الآن عن إيقاف السعي للحصول على السلاح النووي، فضلاً عن عدم وجود آليات دولية فاعلة لحظر التجارب الصواريخ الباليستية متعددة المديات، التي باتت تنذر بنشوب حرب عالمية ثالثة في أي وقت من الأوقات. ورداً على سؤال حول نظرة معاليه إلى دور القادة العسكريين في ظل التحديات والتهديدات الاستراتيجية بالغة التعقيد والتشابك؟. أجاب معاليه قائلاً،«إذا كنا نتحدث عن تحولات نوعية كبيرة على صعيد أدوات القتال، ودخول الأفراد الآليين ميادين المعارك خلال السنوات والعقود المقبلة، وإذا كان النقاش يحتدم حول دور القوات البرية والجوية في حسم المعارك، فضلاً عن طبيعة الصراع ذاته وتغيره من النمط التقليدي إلى الأنماط اللامتماثلة، إلى جانب التغيرات الجذرية التي تطرأ تدريجياً على تأهيل الفرد المقاتل والتدريبات التي يتلقاها بما يتماشى مع طبيعة التهديدات الجديدة والمتجددة، فإن علينا أن نتوقع بالتبعية تغيرات هيكلية في أدوار القادة، في ضوء التحولات التي تطرأ على طبيعة العدو، ومن ثم ميادين القتال ومسارح العمليات والخطط القتالية، بما يعني أن هناك تحولات بنسبة مائة وثمانين درجة في أدوار القادة في هذا القرن، مقارنة بنظرائهم في بدايات القرن العشرين على سبيل المثال، والعامل الأساسي في هذا التغير هو مستوى التغير والتعقيد والتطور والتشابك الذي طرأ على التهديدات الجديدة، فلم يعد القائد العسكري بحاجة فقط إلى تلقي العلوم العسكرية المتطورة، بل بات لزاماً عليه الإلمام بالعلوم الاستراتيجية في أبعادها كافة الاقتصادية والسياسية والإعلامية والثقافية والعسكرية، وحتى الإلمام بالثقافات والحضارات، وذلك نظراً لمشاركة القوات المسلحة للدول في كثير من الأحيان في مسارح عمليات بدول أخرى تتطلب وعياً بثقافة المجتمعات وعاداتها وتقاليدها، حيث يكون التعاون مع عناصر البيئة المحيطة أحد العوامل المرجحة لفاعلية الأداء القتالي والعملياتي، وحتى الإنساني والإغاثي للقوات المسلحة في العصر الحديث. وقال معاليه رداً على سؤال حول كيفية تخطيط الاستراتيجيات الدفاعية للدولة في ظل الأهداف الطموحة لرؤيتي الإمارات 2021، ومئوية الإمارات 2071، قال «أعتقد أن محتوى هاتين الرؤيتين وما تتضمناه من أهداف طموحة تتعلق بتغيير بنية الاقتصاد الوطني من الاعتماد على النفط إلى الاعتماد على الطاقة الجديدة والمتجددة والاحتفال بتصدير آخر برميل نفط، كما قال سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وغير ذلك من ركائز حيوية لهاتين الرؤيتين، مثل تعزيز تنافسية الدولة في مختلف المجالات والقطاعات، والتحول نحو مجتمع المعرفة والاقتصاد الرقمي والاستثمار في التعليم والبشر، وفي إطار ما سبق، فإن التخطيط الاستراتيجي في جوانبه كافة لا يتجزأ، فالأمن الوطني لم يعد مسؤولية القوات المسلحة فقط، بل بات مسؤولية متكاملة وشاملة لها أبعادها وأطرافها بحجم تفرع وتشعب وتعقد وتداخل مصادر التهديد القائمة والمحتملة، واعتقد أن مستويات هذا التعقيد ستتفاقم خلال السنوات والعقود المقبلة، فكما ازدادت تطلعاتك وطموحاتك، فإن عليك أن تتوقع تلقائياً مزيداً من المسؤوليات والمهام للحفاظ على الأمن الوطني وصون المكتسبات، والنجاح يولد بالتبعية مسؤوليات الحفاظ عليه ضد الحاقدين والمتآمرين وغير ذلك، لذا فنحن نعمل على بناء قاعدة معرفية قوية تسهم في التخطيط للمستقبل، من خلال استشراف التحديات وما تفرضه من مهام ومسؤوليات لمؤسسات الأمن الوطني كافة، وفي مقدمتها القوات المسلحة. والمؤكد أن عقد المؤتمرات والندوات البحثية والعلمية والاعتماد على التفكير العلمي في التخطيط والنقاشات وتحديد المهام والمسؤوليات بات نهجاً أصيلاً في دولتنا ككل، وهو أيضاً جزء لا يتجزأ من مهام عملنا في وزارة الدفاع.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©