الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التمريض.. مهنة تتمرد على النظرة التقليدية

التمريض.. مهنة تتمرد على النظرة التقليدية
23 أكتوبر 2017 10:03
نسرين درزي (أبوظبي) يتزايد الإقبال على مهنة التمريض من قبل المواطنين والمواطنات كمهنة ناجحة مقارنة بالماضي، ولاسيما بعد توافر مسارات مهنية جديدة في الدولة. وباتت المستشفيات تسعى أكثر من السابق إلى إيجاد وظائف إضافية تجذب الخريجين والخريجات إلى العمل الجاد بهذا القطاع مع اتساع رقعة المنشآت الصحية، خاصة أن فرص التطور الوظيفي تلغي وجهة النظر غير المشجعة تجاه مهنة التمريض في صفوف أبناء الدولة ممن اعتادوا عدم اختيار التمريض مهنة لهم. تجربة رائدة كتجربة رائدة في هذا المجال، سجل مستشفى «كليفلاند كلينك أبوظبي» عام 2017 زيادة في عدد المواطنين الذين يتقدمون للعمل ممرضين على المستويين المبتدئ والمتقدم، بعد طرح مجموعة من الأدوار التمريضية الجديدة. وأدخل المستشفى إلى الدولة للمرة الأولى وظيفة الممرض الممارس ومساعد الطبيب ليشق بذلك مساراً واضحاً للتقدم الوظيفي في مجال التمريض، الأمر الذي يدعو إلى التفاؤل بأن تصبح المستشفيات، عبر تعزيز المسار الوظيفي المتاح للممرضين، قادرة على جذب المزيد من المواطنين إلى هذه الأدوار الرئيسة. ودعم استدامة قطاع الرعاية الصحية، وتوفير العدد الكافي من المتخصصين في التمريض. وعن تجربتها المهنية، تقول عبير البلوشي، المدير الإكلينيكي في «كليفلاند كلينك»، إنها تنحدر من أسرة عسكرية، وكانت بدأت العمل في مستشفى زايد العسكري عندما شعرت برغبة في التخصص بالتمريض لتحدث فرقاً في حياة الآخرين. ومن هنا كانت البداية عندما تخرجت عام 2002 في كليات التقنية العليا بدبلوم عالي في التمريض وبكالوريوس علوم اختصاص تمريض، ثم حازت عام 2010 شهادة الماجستير التنفيذي في إدارة الرعاية الصحية من جامعة زايد. وهي تستعد حالياً لنيل شهادة الدكتوراه في ممارسة التمريض من جامعة كيس ويسترن الأميركية. وعن تميز مهنة التمريض، التي تعمل بها منذ عام 2003، قالت إن الناس ينبهرون بالطبيب من دون أن يعرفوا أن هناك أشخاصاً آخرين يلعبون دوراً في إنجازاته ونجاحاته، موضحة أن الأطباء يتلقون الدعم من قبل العاملين في الكثير من المهن الصحية الأخرى مثل الممرضين الذين يلازمون المرضى، ويتولون رعايتهم على مدار 24 ساعة، ويعاونهم المعالجون الفيزيائيون والصيادلة. وذكرت أن ثمة تحديات تواجهها كممرضة مثلها، مثل أي وظيفة أخرى مثل نوبات العمل الطويلة، والتعامل مع المرضى صعبي المراس، لكنها لا تستسلم وتحاول السيطرة على الوضع. وقالت، «التمريض مهنة تستنزف الإنسان من الناحيتين الجسدية والعاطفية. وفي البدايات كنت أعمل 12 ساعة، وأصادف مرضى يصعب التعامل معهم. حتى أنني عندما عملت في وحدة العناية المركزة مررت بأوقات كنت أضعف فيها، وأشعر بأنني سأتخلى عن هذه المهنة، لكن عائلتي كانت تقف إلى جانبي وتشجعني على الاستمرار». وعلى صعيد اختصاصها في زراعة الأعضاء والرعاية الجراحية المركزة، فقد أرسلها المستشفى إلى أوهايو للتدريب في هذا المجال. وعليه ترى البلوشي أن هناك عدداً من العوامل المختلفة التي تشجع المزيد من الإماراتيين على اختيار مهنة التمريض مع تركيز الحكومة على الحاجة لسد النقص في كوادر التمريض، ولاسيما ضمن المواطنين وتوفير المزيد من الدعم لهم. مهنة دقيقة وتحدثت ليالي اليحيايي، الممرضة في قسم إدارة الحالات بالمستشفى، عن التمريض كمهنة صعبة تتطلب معاملة دقيقة للمرضى. وروت أنها مرت بتجربة ولادة سيئة، ما دفعها إلى اختيار التمريض مهنة تقدم من خلالها الرعاية الشاملة للمرضى للتخفيف من أوجاعهم. وهي حصلت على بكالوريوس التمريض من كلية فاطمة للعلوم الصحية، ثم أكملت برنامج الماجستير في التمريض في كلية الجراحين الملكية. وتتحضر حالياً للحصول على دكتوراه في ممارسة التمريض من جامعة كيس ويسترن الأميركية. وقالت إن العاملين في التمريض يواجهون ضغطاً نفسياً شديداً لارتباط المهنة بصحة الإنسان وبمسألة الحياة أو الموت، مضيفة أن المهنة نفسها مزيج من العلوم الفيزيائية والاجتماعية والنفسية، بالإضافة إلى الجانبين النظري والعملي من التمريض. وعن الصعوبات التي تواجهها المهنة، ذكرت اليحيايي أن نقص الكوادر يؤدي إلى زيادة أعباء العمل والإجهاد وتحمل المشقة لتلبية توقعات المرضى. وذكرت أنه رغم صعوبة العمل في المناوبات الليلية نظرا للاعتبارات العائلية التي قد تكون عائقاً، إلا أن التمريض مهنة تستحق التحدي لأن تقديم الرعاية الجيدة لشخص مريض يبعث في النفس السعادة والرضا. واعتبرت أن هناك تحسناً في المفهوم السائد عن مهنة التمريض إذ باتت تحظى بقدر أكبر من الاحترام والتقدير، والفضل في ذلك يعود إلى الجهود التي تبذلها الحكومة لتغيير نظرة المجتمع إلى التمريض والإضاءة على دور كوادر التمريض في قطاع الرعاية الصحية. إضافة إلى أن فرص العمل تتيح للممرضات والممرضين من المواطنين مواصلة دراستهم للحصول على الماجستير والمتابعة نحو الدكتوراه. منهجية مناسبة الاهتمام نفسه بمهنة التمريض سجلته الممرضة في قسم الإسعاف نوال الشرياني، التي قالت إنها دخلت هذا المجال بالمصادفة. وما إن بدأت بممارستها حتى شعرت بانتماء شديد إليها وعليه درست البكالوريوس بالتمريض من معهد أبوظبي للتمريض. وهي اليوم تعتبر أن من يمارس التمريض يعلم مدى ارتباط الإنسان بالآخرين في أوقات الشدة والمرض، وما للرعاية الإنسانية والنفسية والاجتماعية من مكانة عالية. وأوضحت أن مصاعب المهنة تكمن في مزاجية المرضى والمشاكل التي يواجهونها، حيث يبرز دور الممرضين في كيفية التعامل مع مثل هذه الحالات. أما المناوبات الليلية، فلا تعتبرها عائقاً، ولاسيما مع تفهم المجتمع لها تدريجياً، ودعم الحكومة ما يمنح الممرضات تحديداً الشعور بالقوة والمثابرة. ولا توافق الشرياني على اعتبار التمريض مهنة متاعب كما يصفها البعض، فهي تمارس التمريض منذ 13 عاماً، ولم تندم يوماً على أنها دخلت هذا الجال. وعلى العكس فهي تشجع المواطنين والمواطنات على الانضمام إلى فريق الممرضين والممرضات في الدولة. وقالت «عندما بدأت ممارسة عملي كممرضة كنت الممرضة المواطنة الوحيدة. هذا الواقع تغير اليوم، وبات الوعي أكبر لدى الطلبة بعد تغير نظرة المجتمع إلى المهنة». من جهتها، أوردت آن ويليامسون، الرئيسة التنفيذية للرعاية الطبية والتمريض في مستشفى «كليفلاند كلينك أبوظبي»، أن طلبات العمل في مجال التمريض تزداد بين المواطنين والمواطنات. وعليه كان لا بد من تجهيز منهجية مناسبة لهم يتم اعتمادها من حيث البيئة الوظيفية والتقدم الوظيفي. وذكرت أنه في إطار جهوده الحثيثة، أطلق المستشفى سلسلة من البرامج التي تهدف إلى تشجيع الشباب الإماراتي على اختيار مهن التمريض والمهمات الطبية في المستشفى. وتشمل هذه البرامج شراكة مع كلية فاطمة للعلوم الصحية التي تتكفل بدراسة 20 مواطناً إماراتياً يتخصصون في التمريض والاختصاصات الطبية التابعة له. وأضافت، «تساعدنا هذه البرامج في تعزيز صورة التمريض في عيون الإماراتيين، وجذب الشباب إلى هذا المجال عبر تقديم فرص ومجالات للتطور المهني تتجاوز النظرة التقليدية للتمريض». روابط إنسانية اعتبرت عبير البلوشي، المدير الإكلينيكي في «كليفلاند كلينك»، أن مهنة التمريض قد تكون شاقة لكنها سامية إلى حد بعيد، وذكرت أنها قابلت فتاة خضعت لزراعة كلية عام 2008، وهي واحدة من الحالات الأولى التي أشرفت عليها لمدة 6 أشهر عندما كانت تعمل في وحدة العناية المركزة مع الفريق الذي أجرى لها العملية، وأوضحت «الفتاة أصبح عمرها 13 عاماً، ولا تزال تواصل زياراتها لاختصاصيي أمراض الكلى، وتعيش حياتها بشكل طبيعي بعدما تخلصت من تعب إجراءات الغسل»، مضيفة «في عملنا تتشكل روابط بيننا وبين المرضى وأسرهم؛ لأننا نؤثر في تغيير حياتهم نحو الأفضل». وأوردت أن عملها ضمن فريق «كليفلاند كلينك» المرتبط باستشارات مباشرة مع الرعاية الصحية في الولايات المتحدة الأميركية يتيح لها فرصة الاستفادة من بعض أفضل الممارسات والخبرات العالمية في مجال الطب. فرص عمل يتوافر حالياً عدد من المؤسسات المرموقة في المنطقة، مثل «كليفلاند كلينك أبوظبي»، التي تسهم في تغيير الصورة السلبية لمهنة التمريض وطرح فرص عمل للتخصصات ذات الصلة، بالإضافة إلى دعم الممرضات والممرضين الراغبين في متابعة الدراسة للحصول على شهادات عليا مثل الدكتوراه في ممارسة التمريض. رعاية المرضى تسمح الأدوار المتقدمة للممرضين الإماراتيين بتولي مسؤوليات أكبر في المستشفيات مقارنة مع تلك التي كانوا يتولونها سابقاً، ليصبحوا أكثر انخراطاً في عملية رعاية المرضى من الأمراض المعقدة والإدارة الطبية وإدارة المستشفى. 35 طالباً أطلق مستشفى «كليفلاند كلينك» برنامج التدريب الصيفي لطلاب المدارس الثانوية، أول حملة تطوعية على مستوى المدارس في أبوظبي، ضمت 35 طالباً إماراتياً في المرحلة الثانوية أمضوا أسبوعين بالتعرف إلى مختلف الأدوار الطبية وغير الطبية في المستشفى.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©