الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حامد الآمدي تأثر بإبداعات العصر الذهبي للفن الإسلامي

حامد الآمدي تأثر بإبداعات العصر الذهبي للفن الإسلامي
12 يوليو 2014 23:33
مجدي عثمان (القاهرة) ولد فنَّان الخط العربي الكبير موسى عزمي المعروف بـ «حامد الآمدي» في ديار بكر التركية، وبدأ الكتابة بقلم الخط «القصبة» وعمره لم يتجاوز التسع سنوات، وحاول والده، الذي كان يعمل قصاباً، مراراً أن يمنعه عن ممارسة تلك الهواية حتى لا تؤثر على تعليمه، إلا أن حصول ولده على مكافأة عن رسمه طغراء السلطان عبد الحميد الثاني -خط يستخدم عند توقيع الفرمانات والرسائل السلطانية- بعد أن نالت تقدير إدارة مدرسته فبعثتها إلى إسطنبول العاصمة، جعله يعدل عن تلك المحاولات، فذهب الابن إلى إسطنبول للاستزادة من تعلم الخط، كغرض في نفسه. وكان عمره خمسة عشر عاماً، حين أرسله والده للدراسة في كلية الحقوق، وكانت تسمى بمدرسة القضاة آنذاك، وعندما لفتت قدرته الفنية انتباه أساتذته أشاروا عليه بالدراسة في أكاديمية الفنون الجميلة أو مدرسة الصنائع النفيسة، التي التحق بها بالفعل في قسم الرسم والجرافيك لمدة قصيرة، حيث تعرض لضائقة مالية كبيرة إثر وفاة والده وانقطاع إمداده المالي، مما اضطره إلى ترك دراسته وكسب عيشه من عمل يده، فعمل خطاطاً في مطبعة الأركان الحربية العمومية، وأرسلته قيادته إلى ألمانيا للتخصص في رسم الخرائط، ثم شرع في تعليم الخط والرسم في المدارس الابتدائية والإعدادية، وعمره لم يتجاوز الثامنة عشرة، وفي الوقت نفسه كان يراجع أساتذة الخط للمزيد من التعلم. اسم «حامد» واضطرته الظروف الحياتية القاسية، إلى ترك الوظيفة وأسس مكتباً للخط في منطقة جغال أوغلو، وفي أعقاب التحولات السياسية التي حدثت في تركيا عام 1928 فرضت الأحرف اللاتينية بدل من الأحرف العربية «أو ما سُمي بانقلاب الحرف»، فبدأ الخطاطون في غلق مكاتبهم تباعاً، إلا أنه أصر على الاستمرار في مجال عمله، وحول مكتبه إلى مشغل لطباعة بطاقات التعارف الشخصية وغيرها، وفي الوقت نفسه كان ينجز اللوحات الخطية بناء على الطلب، بالإضافة إلى تعليم الكثير من التلاميذ الوافدين عليه من داخل تركيا وخارجها. استفاد الآمدي كثيراً من أعمال نظيف بك ومحمد أمين نيزن أفندي في خط جلي الثلث، والحاج كامل آقديك في خطي الثلث والنسخ، كما تعلم الطغراء على أستاذها إسماعيل حقي، وخط التعليق من خلوصي، ودرس أول أسرار فنون الثلث على يدي الحاج نظيف بك واستمر على تفحص أعمال كبار الخطاطين العثمانيين ودرس أساليبهم، فكان ما يشاهده ينطبع في ذهنه، ثم ينقله على الورق، حتى كتب جميع أنواع الخطوط بسهولة، ولم يحصل على الإجازة في الخط من أي خطاط، وأخذ يوقع أعماله الخطية باسم «حامد» ويعود السبب في اختياره هذا الاسم إلى إصرار زملائه الخطاطين ومتذوقي فن الخط على أن أعماله بعد إبداعاً مميزاً ومهارة واضحة ورأى أنه يجب عليه أن يحمد الله على هذه النعمة الكبيرة فسمى نفسه «حامد». اعتراف وكان الآمدي لا يخفي إعجابه بالخطاط الكبير مصطفى راقم وإنه يطلع على خطوطه في مسجد نصرتية بإسطنبول، حتى إنه قام باستنساخ الشريط الخطي لهذا المسجد عن طريق القالب الورقي، كما قضى ستة أشهر في تقليد لوحته لسورة «الفاتحة»، وظل يفتخر بها ويعتبرها من أحسن أعماله وأقواها، وقام فقط أثناء تقليدها بإصلاح الألفات، التي وجدها كما قال «غير متقنة، ثم رآها نجم الدين رئيس الخطاطين آنذاك، وأخذها إلى جمعية الخطاطين، وأراهم اللوحة ونسبها لراقم، فأعجبوا بها أيما إعجاب، وبعد أن علموا بهوية كاتبها الفعلي «حامد» اعترفوا به، حيث كان الخطاطون العثمانيون المشهورون لا يعتبرونه خطاطاً، ربما لعدم تتلمذه على أيديهم. خالف الآمدي فكرة تأسيس خطوط عربية جديدة، موضحاً أن الأجداد وصلوا بهذا الخط إلى القمة، وورثناه عنهم وعلينا أن نحافظ على منزلته التي يستحقها، وأن الخط العربي وصل إلى ما وصل إليه من الإتقان خلال خمسة قرون، منذ الشيخ حمد الله الأماسي، وهو شيخ الخطاطين العثمانيين الذي أوصى بأن يدفن عند قدميه، أما الخط اللاتيني فإنه يحتاج إلى قرون ليصبح جميلا مثل الخط العربي. رؤية وقال إن المرء يحتاج لقرن لتعليم الخط وكان يخط ببطء شديد، لعدم ميله إلى التصحيح، إلا أنه بعد وفاة تلميذه حليم رآه يوماً في منامه، وهو يكتب بسرعة كبيرة فسأله: كيف تكتب بهذه السرعة؟ فأجابه: هنا علمونا الكتابة بسرعة، وبعد هذه الرؤيا كان يردد دائماً» إذن توجد الكتابة حتى بعد الموت، لذا فلن أخشى من الموت بعد الآن». وصفه الخطاط حسين قطلو أحد تلاميذه المقربين وإمام أحد مساجد إسطنبول، بأنه كان رجلاً متواضعاً، ويذكر أنه عندما كان يذهب ويسلم عليه، يقوم من مقعده احتراماً وتوقيراً، وحسين يهم بتقبيل يده كان يرفض قائلاً أنت الإمام أنت الذي تقبل يده، مؤكداً أنه كان مفعماً بالحب، ويحرص على مشاهدة لوحات تلاميذه ويشجعهم، ولم يكن أبدا لينتقدهم مقللاً من قيمة ما كتبوا، وعندما كان يزوره أحد تلاميذه، ورغم انشغاله بعمله الخاص يتوقف عن العمل، ويناقش اللوحة التي جاء بها التلميذ، ويشجعهم باستمرار، وخصوصاً من كانت لديه موهبة. وعن أسلوبه في التعليم قال قطلو إنه كان يبدأ بكتابة «رب يسر ولا تعسر» ويستغرق الطالب في تعلمها ستة أشهر، لأنها دعاء مبارك، وكان يراقب تلميذه، ليعلم هل يصبر على تعلم هذه الكلمات الثلاث في تلك المدة أم لا، ليُظهر خلالها قدراته، فإما أن يستمر وإما أن ينقطع، فإذا أثبت قدراته كان يكتب معه الحروف الهجائية، ويقوم الطالب بتقليد خط أستاذه، وحامد يصحح له، أسفل الحرف «التسقيط»، وبعد تمرين الحروف يبدأ بكتابة قصيدة الألفية وبعدها تنتهي الدروس. صور في «كليلة ودمنة» خلال عهد أكبر ظهرت عدة مخطوطات من كتاب أنوار سهيلي وهي نسخة هندية فارسية من الكتاب الشهير «كليلة ودمنة» ومن أجمل صورها واحدة تمثل المعركة بين الدب والقرود وأخرى يتكرر ظهورها في المخطوطات المختلفة من هذا الكتاب وهي لاصطياد راكب الجمل للثعبان. ويبدو التأثير الإيراني حاضراً بقوة في صور مخطوط من خمسة نظامي يعتقد أن مير سيد علي أشرف بنفسه على عملها وكذلك في مخطوط من تاريخ تيمورلنك الجد الأعلى لمغول الهند، ومن أجمل صورها واحدة تمثل تقديم هدية عبارة عن غزال لتيمور، وأخرى توضح احتفالات البلاط، وتعتبر بحد ذاتها توثيقاً تاريخياً لما عاينه المصور من احتفالات البلاط المغولي العامرة بالموسيقيين والراقصات.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©