الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إعدام لوحة

8 يونيو 2006

المكان: النادي العربي للشباب - مدينة دبي
الزمان: يوم الأربعاء 15-3-2006م الساعة الثانية بعد الظهر·
المناسبة: المسابقة المركزية للتربية الفنية على مستوى الدولة·
عندما بدأت أرسم تلك اللوحة لم أتمن الفوز والعودة إلى مدرستي بالمركز الأول أو الثاني ولكني مزجت ما في نفسي من مشاعر من حب للتراث الإماراتي بالتشجيع الذي لاقيته من معلمتي الفاضلة ومن أبي وأمي ووضعته في تلك اللوحة، لم يكن صعباً عليّ أن أبقى من العاشرة صباحاً وهو وقت بدء المسابقة حتى الثانية بعد الظهر بدون شراب أو طعام فرغم إلحاح معلمتي عليّ أن أشرب القليل من العصير المنعش أو آكل من شطيرة لذيذة، إلا أنني آثرت ألا ابتعد عن لوحتي تلك إلا وأنا منتهية منها·
ليست تلك بتضحية إنما مشاعر صبت في لوحتي، تشبعت بألوان حب الوطن الغالي وتراثه العريق، إني أعشق رسم الطبيعة الصامتة المستوحاة من تراثنا، (ستفوز لوحتك إن شاء الله) عبارة رددتها معلمتي الفاضلة التي سبقتها خبرتها الطويلة لاطلاق تلك العبارة على مسمعي كلما رأت ضربات الفرشاة في المرحلة الأخيرة من الرسم، (ما رأيك يا معلمتي؟) سؤالي الأول بعد انتهائي من اللوحة، وزففنا اللوحة إلى لجنة التحكيم وقلبي يقفز فرحاً، أحسست بأن لوحتي هي في المركز الأول في قلبي، وزادت سعادتي باتصالات أبي وأمي المستمرة لمعلمتي فرغم المسافة البعيدة بيننا إلا أنني أجدهم حولي·
مضى الوقت حتى حان موعد إعلان النتائج وعلقت اللوحات الفائزة والمشاركة وقربت الكؤوس الجوائز، كانت عيناي مشتاقتين لتلك اللوحة، أين هي؟ معلمتي·· معلمتي ·· أين اللوحة؟ أعلنت النتائج، ولم تفز اللوحة، (لا تحزني ·· المهم أننا شاركنا في المسابقة ·· لا تحزني أبداً)·
عبارة هدأت من روعي، (ولكن يا معلمتي ·· أنا أريد أن آخذ اللوحة معي، لابد أن نجدها)، بحثنا عنها بين اللوحات المشاركة ولكن دون فائدة ·· عدت مكسورة القلب ·· خصوصاً بعد أن رأيت اللوحة الفائزة بالمركز الأول التي افتقرت للتكوين الفني فهي تتكون من عنصر واحد ·· لا يهم أنا فقدت الرغبة في المشاركة في أي مسابقة، ما الفائدة والتحكيم لم يرضني أنا كطالبة، لم تعلق معلمتي على اللوحات الفائزة ولكني قرأت في عينيها الكثير·
(لا تحزني ·· الحمد لله فزنا في المسابقة على مستوى منطقة العين التعليمية بالمركز الثالث ·· لا يهم لقد عملنا ما كان يجب علينا عمله) كلمات معلمتي تواسيني بها ونحن في طريق العودة الطويل إلى مدينة العين·
(ولكن لوحتي يا معلمتي! أين هي تلك اللوحة؟) سؤال سألته معلمتي وسألته نفسي ولكن لم أجد له إجابة·
بعد مضي شهرين من ذلك اليوم الحافل، وصلني الخبر المحزن إلى المدرسة، لقد أعدمت اللوحة، حكم عليها بالإعدام ولم أتمكن من الدفاع عنها، لم يشفع لها صغر عمرها لم تشفع لها ألوانها الرطبة التي تغطيها، بكل بساطة شكت لجنة التحكيم في أن اللوحة قد استبدلت أو أنها جاهزة الرسم من قبل فاستبعدت أي أنها أعدمت، لماذا؟ لماذا؟ لماذا لم تستدعني لجنة التحكيم أنا ومعلمتي وتستفهم منا ما أرادت معرفته؟ لماذا تتهم معلمتي وأنا قبلها بالغش ولم يترك لنا المجال للدفاع عن أنفسنا؟ أعدمت اللوحة وأعدمت معها موهبتي الفتية·
إيمان النعيمي
طالبة من إحدى مدارس منطقة العين التعليمية
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©