الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تحت البحر نار لا تنطفئ بالماء

تحت البحر نار لا تنطفئ بالماء
12 يوليو 2014 23:34
أحمد محمد (القاهرة) قبل حوالي أربعة عشر قرناً، وفي زمان كان الإنسان فيه يعتقد أن الأرض ممتدة لا يُعلم لها نهاية، يحدث الرسول أصحابه بحقيقة عظيمة، وهي أن تحت البحر نارا وتحت النار بحراً، وهو ما لا يمكن للعقل أصلاً أن يقبله، وتمضي القرون ويأتي القرن العشرون والعلوم الحديثة، وتكشف الدراسات وجود النار في قيعان المحيطات، وبوجود بحر تحت هذه النار، بعدما اخترع الإنسان الغواصة واستطاع الغوص لآلاف الأمتار في أعماق المحيطات، وقد كان الاكتشاف المذهل وجود نار ملتهبة في أعماق البحار، وتبلغ حرارة المواد المنصهرة أكثر من ألف درجة مئوية. عن ابن عمر أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «لا يركب البحر إلا حاج أو معتمر أو غاز في سبيل الله فإن تحت البحر ناراً وتحت النار بحراً»، ولم يستطع العقل البدوي في ذلك الوقت أن يستوعب هذه الحقيقة لأنه كيف يكون الماء والنار معاً وهما من الأضداد، فالماء يطفئ النار، والنار تبخر الماء، ولكن ثبت للعلماء أن كل قيعان المحيطات وأعداد كبيرة من البحار فيها صدوع وشقوق تندفع منها الحمم البركانية بملايين الأطنان، وهذا اتزان عجيب يدل على بديع صنع الله تبارك وتعالى، فلا الماء على كثرته وشدة ضغطه يطفئ ما تحته من النيران، ولا النار على شدة لهيبها تبخر الماء الذي فوقها. حقيقة علمية وأكد العلم الحديث ما أخبر عنه النبي، فقد أثبتت أجهزة التصوير العلمية لأعماق البحار أن تحت قيعان البحر العميق ناراً ملتهبة، وهناك ماء يخرج من النار التي تخرج من القاع، وهذه حقيقة مبهرة لم يعرفها العلماء إلا في أوائل الستينيات من القرن العشرين ولكن سبقهم القرآن الكريم والسنة النبوية في إثباتها قبل أكثر من ألف وأربعمئة عام. وذكر الدكتور زغلول النجار- أستاذ علم الأرض وزميل الأكاديمية الإسلامية للعلوم- في كتاب «الإعجاز العلمي في السنة النبوية»، أنه بعد الحرب العالمية الثانية نزل العلماء إلى أعماق البحار والمحيطات بحثاً عن بعض الثروات المعدنية التي استنفدت احتياطياتها أو قاربت على النفاد من على اليابسة في ظل الحضارة المادية المسرفة، ففوجئوا بسلسلة من الجبال البركانية تمتد في أواسط جميع محيطات الأرض لعشرات الآلاف من الكيلومترات، وبدراسة تلك السلاسل اتضح أنها تتكون في غالبيتها من الصخور البركانية التي اندفعت على هيئة ثورات بركانية عنيفة عبر شبكة هائلة من الصدوع العميقة التي تمزق الغلاف الصخري للأرض وتتركز أساساً في قيعان المحيطات وبعض البحار.?وشبكة الصدوع تلك تصل في امتداداتها إلى أكثر من أربعة وستين ألف كيلومتر وتصل في أعماقها إلى خمسة وستين كيلومتراً، وتوجد الصخور في حالة لدنة شبه منصهرة عالية الكثافة، في درجات حرارة تتعدى الألف درجة مئوية بملايين الأطنان فتدفع بجانبي المحيط أو البحر يمنة ويسرة في ظاهرة يسميها العلماء ظاهرة اتساع قيعان البحار والمحيطات، وباستمرار هذا التوسع تملأ المناطق الناتجة عن عملية الاتساع تلك بالصهارة الصخرية مما يؤدى إلى تسجير قيعان المحيطات والبحار. توازن ومن الظواهر المبهرة للعلماء اليوم، أن الماء في هذه المحيطات والبحار على كثرته لا يستطيع أن يطفئ جذوة تلك الصهارة، ولا الصهارة على شدة حرارتها تستطيع أن تبخر مياه البحار والمحيطات بالكامل، ويبقى هذا التوازن بين الأضداد، الماء والنار، فوق قيعان كل محيطات الأرض، شهادة حية على طلاقة القدرة الإلهية التي لا تحدها حدود، ففي مشروع لاستثمار ثروات قاع البحر الأحمر، وهو بحر قاعه منفتح تثور البراكين فيه ثورة عنيفة فتثرى الرسوبيات في القاع بالعديد من المعادن، ولذلك قام مشروع مشترك بين السعودية والسودان وإحدى الدول الأوروبية لاستغلال الثروات المعدنية المتجمعة فوق قاع البحر، وكانت باخرة أبحاث للمشروع تلقى بكباش من المعدن لجمع عينات من طين القاع، فإذا وصل إلى سطح الباخرة لا يستطيع أحد أن يقربه من شدة حرارته، وإذا فتح يخرج منه الطين وبخار الماء الحار في درجات حرارة تصل إلى الثلاثمئة درجة مئوية. وأصبح ثابتاً لدى العلماء اليوم أن الثورات البركانية فوق قيعان المحيطات والبحار، تفوق نظائرها على اليابسة بمراحل عديدة، ثم ثبت بأدلة عديدة أن كل ماء الأرض على كثرته قد أخرجه ربنا تبارك وتعالى من داخل الأرض عن طريق الثورات البركانية عبر فوهات البراكين وصدوع الغلاف الصخري للأرض التي تمزقه إلى أعماق تصل إلى نطاق الضعف الأرضي وأن الصهارة الصخرية في نطاق الضعف الأرضي ودونه تحوي، كما من الماء يفوق كل ما على سطح الأرض بعشرات الأضعاف. دقة علمية فائقة تتضح روعة الحديث النبوي الشريف الذي قرر فيه المصطفى صلى الله عليه وسلم عددا من حقائق الأرض المبهرة بقوله: «إن تحت البحر ناراً وتحت النار بحراً»، وهي حقائق لم يتوصل الإنسان إلى إدراك شيء منها إلا منذ سنوات معدودة، وورودها بهذه الدقة العلمية الفائقة في حديث النبي يشهد له بالنبوة والرسالة وبأنه صلى الله عليه وسلم كان موصولا بالوحي ومعلماً من قبل خالق السماوات والأرض وصدق الله العظيم إذ يقول في حقه في سورة النجم: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى)، «سورة النجم: الآيات 3 - 5).
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©