الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جيل الألفية.. والمشكلة السكنية

18 أكتوبر 2017 22:11
مع دخول جيل الألفية إلى سنوات تكوين الأسرة، تتغير أذواقهم، ويبدو القطاع الاستهلاكي الأميركي متأهباً لاستيعاب تلك الأذواق، ولكن يبقى السؤال: هل الاقتصاد قادر على تلبية الطلب المتزايد على الوظائف والخدمات من جيل تأخرت بداية نضوجه وفق المعايير التقليدية؟ يشي التاريخ بأن الإجابة هي: لا. وتبدأ المشكلة بمدى انخفاض معدل البطالة عند 4.2 في المئة، وهو أدنى من التقدير الذي يعتبره مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) المعدل المتوقع على المدى الطويل للبطالة، ولذلك السبب رفع المسؤولون أسعار الفائدة مرتين خلال العام الجاري، ومن المرجح رفعها مرة أخرى في ديسمبر المقبل، وبالطبع هم لا يسعون إلى التسبب في حالة من الركود، برفع أسعار الفائدة، وإنما يحاولون إبطاء عجلة الاقتصاد بدرجة ما، ولكن ثمة قلقاً من أن «الاحتياطي الفيدرالي» يتبع بذلك الأنماط التاريخية والصيغ الحسابية، وليس الحاجة الاقتصادية. وخلال الدورتين الاقتصاديتين السابقتين، كان ينبغي إبطاء وتيرة النمو الاقتصادي، ذلك أنه خلال الفترة التي سبقت الأزمة المالية العالمية عام 2008، كان هناك إفراط في المضاربة في كل من سوقي الإسكان والائتمان، وهو ما أدى في النهاية إلى انهيار اقتصادي، وأما في نهاية عقد التسعينيات فكان هناك إفراط استثماري في قطاعي التكنولوجيا والاتصالات. وأما في الوقت الراهــــن، فليـــس هناك شيء من ذلك، وبالطبــــع أياً كان ما يحدث فيـــما يتعلق بـ«العملة المشفرة»، التي يراقبها العالم عن كثب، فلن يشعر أحد بالأسى تجاه من يتولون المخاطرة بالرهان عليها، إذا ما انهارت غداً، وليس من المرجح أن يكون لأي من ذلك تأثير على الاقتصاد الحقيقي، وربما أن هناك أسهم بعض شركات التكنولوجيا مقيّمة بأعلى من قيمتها العادلة، ولكن لا يبدو أن ذلك يشكل أيضاً مصدر قلق كبيراً بالنسبة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي. غير أن المشكلة التي تواجه جيل الألفية هي انعدام توازن الموارد، حيث يوجد نقص بالفعل في المساكن، وخصوصاً المنازل الملائمة للأسر الصغيرة، التي تسعى إلى شرائها هذه الشريحة، وما يزيد الأمور سوءاً هي أنه لا يتم بناء منازل كافية لتلبية الاحتياجات السكنية للأسر من جيل الألفية. وبسبب انخفاض معدلات البطالة، ولأن القطاع العام لا يزال يشعر بالقلق عندما يتعلق الأمر بالتعيين ودفع الأجور لموظفين مثل المعلمين ورجال الإطفاء وضباط الشرطة، فإن المجتمع يعاني نقصاً متزايداً في العاملين في هذه المجالات التي تحتاج بشدة إلى موظفين، لتعليم أبنائنا والحفاظ على مجتمعاتنا آمنة. ونظراً لزيادة معدلات المتقاعدين من جيل المتقدمين في العمر، وتقليص معدلات الهجرة لأسباب اقتصادية وسياسية، وخروج كثير من الناس من قوة العمل بسبب حالة الركود، فإن حالة القوة العاملة الراهنة تبدو غير ملائمة لتلبية احتياجات جيل الألفية. ويفوق الطلب على العمال المعروض، وينبغي أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع الأجور ومن ثم التضخم، غير أنه في ضوء الظروف الراهنة، ليس من الواضح ما إذا كان المجتمع ينبغي أن يرغب في تشديد السياسات النقدية لمنع حدوث ذلك أم لا. ولعل الطريقة الأكثر ملاءمة هي جعل بناء المنازل أسهل وخـــــروج القطاع العام من توجهات فترة الركود التي لا يزال يعيش فيها، واستقطاب مزيد من العاملين ودفع أجور أكبر، ويعني ذلك بشكل عام، ضمان تلبية احتياجات الأسر من جيل الألفية من طرف القطاعين العام والخاص. وطريقة حلّ معضلة نقص المعروض هي توفير المزيد منه، وبدلاً من رفع أسعار الفائدة، على الحكومة الفيدرالية أن تجد سبلاً لإضافة مزيد من عمال الإنشاء، وقد يكون ذلك من خلال برامج تدريب العمل أو إصلاح قوانين الهجرة. ولكن لا يبدو أن ذلك هو المسار الذي سيمضي فيه صنّاع السياسات، وفي الحقيقة، إننا نكرر ما فعلناه في الماضي، إذ يفضل صنّاع السياسات محاربة التضخم، على توفير احتياجات الأسر. وقد كــــان النمو الاقتصادي طوال العقد الماضي هو الأضعف منذ أجيال. ولا تزال الحكومة تعاني من ذهنية الركود معظم الوقت، وعلى رغم ذلك اقتربت البطالة من أدنى مستوياتها في 45 عاماً. وعلى الصعيد الديموغرافي، نعلم أن حاجتنا للبناء والاستثمار من أجل الجيل المقبل هائلة، غير أننا على ما يبدو نفتقر إلى الموارد في القطاعين العام والخاص للقيام بذلك. وربما تستلزم هذه الاحتياجات المجتمعية طويلة الأمد نوبات دورية من التضخم لا يشعر صناع السياسات النقدية بالارتياح تجاهها، ولسوء الحظ يبدو أنهم لا يأخذون ذلك في الحسبان عند اتخاذ قراراتهم المتعلقة بالسياسات. * محلل سياسي أميركي يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©