ونحن نفخر وتفخر الإمارات بتشريف العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز لنا في هذه الأيام المباركة وهو الذي ينعم بالحب الكبير من أبناء الإمارات وأبناء الأمتين العربية والإسلامية، فنقول أهلاً وسهلاً بمقدمك يا والد الجميع. فيا مرحبا يا سلمان، يا من يحبه شعب زايد وبادلته الحب والأمن والعزة فسكنت محبتك في شوارعها وصروحها قبل القلوب. فهنيئا لإماراتنا وشعبها بتشريف سلمان الوفاء.
يا مرحبا بسلمان مرحبا بكم يا من عصف حزم قيادتكم برأس الفتنة والشر. وبسياستكم الحكيمة أعدتم الأمل للأمة، وبقوة مواقفكم جعلتم قلوب الأعداء ترعد وجلا. مرحبا بمن أثبت للعالم أجمع أننا صف واحد وخليج واحد ومصير واحد فمهما عمد الأعداء إلى رمينا محاولين بعبثهم زعزعة أمن خليجنا واستحلال دماء الأبرياء سنبقى نقول وبصوت واحد خاب وخسر كل من أرادنا بسوء.
تشكل رؤية ملك الحزم البوصلة الحقيقية للمسار الذي يلعبه الخليج في ظل التحديات التي تواجه المنطقة والعالم وفي مقدمتها الإرهاب الذي تزيد رقعته ومساحته اقليميا ودوليا والذي تسبب في إراقة دماء الأبرياء واستباحة أرواحهم باسم الدين الذي هو منهم براء مؤكدا وقوفه بوجه التطرف والإرهاب في كل مكان وذلك من خلال إبراز دور وسائل الاعلام وعلماء الدين في التصدي للأفكار المتطرفة وكشف زيف مزاعم الجماعات الإرهابية التي تشوه تعاليم الدين السمحاء حيث يدعو إلى إعلاء قيم السلام والتعايش والتسامح.
عاش الملك سلمان، قبل توليه المُلك في المملكة العربية السعودية، أميراً للرياض، منذ 1955. فبعد أن كان نائباً لشقيقه نايف بن عبد العزيز للإمارة العاصمة، أصدر الملك سعود بن عبد العزيز بعد عام مرسوماً بتعيينه أميراً للرياض، الذي بدأ العمل به في سن الثامنة عشر، وظل في المنصب منذ 1955 وحتى 2011 بعد تعيينه وزيراً للدفاع والنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء. ذاع اسمه في الإعلام خلال الحروب مع إسرائيل، فقد زار الأردن حينها ونقل التبرعات التي جُمعت من السعوديين، وصاحبه في زيارته لمنكوبي المملكة الأردنية الملك الحسين بن طلال، وذلك العام 1968. كذلك منذ ذلك التاريخ قام بدور تعضيد الموقف العربي، في زيارات لدول المنطقة، بعد ما عُرف بنكسة حزيران، مما يؤشر إلى أهميته المبكرة بين العائلة المالكة السعودية، ويمكن الإشارة إلى تهيئته للمشاركة في حرب 1956 المعروفة بالعدوان الثلاثي التي شُنت على مصر من قبل إنجلترا وفرنسا وإسرائيل، ويظهر في صورة نادرة مع شقيقيه الملك فهد بن عبدالعزيز والأمير سلطان بن عبدالعزيز وهم يتدربون في ساحة التدريب.
وكان يتابع ما يُكتب في الصحافة، وكثيراً ما يرد بنفسه على صاحب مقال أو بحث، ويعطي رأيه فيه، لذا اعتبره الكثيرون مؤرخاً وعلى وجه الخصوص في تاريخ المملكة السعودية ووالده الملك عبدالعزيز. وبهذه الروحية أسس دارة الملك عبدالعزيز في الرياض، وتولى رئاستها الشرفية، وهي عبارة عن ذخيرة علمية في تاريخ المملكة العربية السعودية، وتاريخ الملك عبدالعزيز، على وجه الخصوص. جمعت الدارة مستنسخات من الأرشيف الدولي والعثماني، وأسست مُتحفاً لائقاً بمتعلقات الملك الأب ومؤسس الدولة الحديثة.
ارتبط تاريخ الرياض الحديث بشخص أميرها سلمان بن عبدالعزيز، فقد كانت في ما سبق بحدود منقطة الديرة، والتي فيها قصر الحكم، الذي تتخذه إمارة الرياض مقراً لها، بالقرب من قصر المصمك التاريخي، الذي منه استلم الملك عبدالعزيز الحكم ويعد موضع القدم الأول في استرجاع الحكم السعودي القديم، والذي يوزع على ثلاث حقب: الدولة السعودية الأولى، والثانية، والثالثة، التي تسلم الحكم فيها الملك سلمان بن عبدالعزيز، بعد وفاة أخيه الملك عبد الله بن عبدالعزيز (2014). أصبحت الرياض، في توسعها الأفقي، بقطر 100 كيلو متر، وأنشئت فيها المؤسسات الحديثة، ومطار الملك خالد الدولي، وربطت بطرق حديثة إلى كل أنحاء المملكة، إلى جانب توسع إدارتها. إن التوسع العمراني في الرياض، يكاد يكون بالكامل قد تم وخُطط له، وما يُنجز اليوم منه، تم في عهد إمارة الأمير سلمان للرياض، ومن أهم هذه المشاريع الحضارية الحديثة في الرياض مترو الرياض، وقد بدأ العمل في إنجازه منذ سنوات، فعاصمة بهذه المساحة الشاسعة، وعدد السكان الكبير، تحتاج لمثل هذا المشروع.
بعد وفاة شقيقيه وليي العهد سلطان ونايف بالتعاقب، وفي فترة قصيرة، عين سلمان بن عبدالعزيز ولياً للعهد، وكان في الكثير من الشؤون يديرها نيابة عن أخيه الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وعلى وجه الخصوص في الفترة الأخيرة من حياته. رافق الملك سلمان أخوته الملوك، الذين سبقوه كافة. فعندما توفي الأب المؤسس، كان يافعاً، وأول منصب تسلمه بعد وفاة والده وهو نيابة إمارة الرياض مثلما ذكرنا، إلا أنه رافق الملك سعود، ثم الملك فيصل وكان أميراً للرياض أيضاً، ورسولاً إلى الدول العربية وأخذ دوره يبرز أكثر في عهود الملوك خالد وفهد وعبد الله. يذكر هشام الناظر، وزير النفط السابق، في الكتاب الذي حرره تركي الدخيل، بأنه تسلم خبر توزيره مِن الأمير سلمان، قبل أن يُبلغ رسمياً مِن قبل الديوان الملكي، مما يؤكد أنه كان ضمن الدائرة الضيقة في إدارة الحكم، على عهد أخيه الملك خالد بن عبدالعزيز، أما في عهد شقيقه فهد وأخيه عبدالله فكان ركناً أساسياً مِن أركان الحكم.
استبشر السعوديون بصعود سلمان بن عبد العزيز إلى ولاية العهد ثم تولي المُلك، وكان الشائع أنه الأقرب إلى أخيه الملك عبدالله، الذي حصلت النساء على الحق في التمثيل في مجلس الشورى، وتلك بادرة جديدة ومهمة في حياة المرأة السعودية.
من أهم الأحداث في عهد الملك سلمان حرب اليمن، والمعروفة بعاصفة الحزم، وكان القرار سباقا مع الزمن لردع التمدد الإيراني بوساطة الحوثيين، وسيطرتهم على اليمن بعد المبادرة الخليجية التي أيدتها الأطراف جميعاً، فجاء القرار سريعاً بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، والتوجه إلى اليمن عسكرياً بمبادرة خليجية أيضاً، فقد بدأ عهد سلمان بتعزيز الموقف العربي مقابل التمدد والتحرش الإيراني، وتقوية هذا الموقف في الأمم المتحدة.
كان الملك حاسما في موضوع الإرهاب ولم يتردد في تنفيذ العقوبات التي فرضها القضاء السعودي على المتهمين بالإرهاب، وهم من الجماعات التي حملت السلاح وقامت بالتفجير في أكثر من مكان وبينهم قادة بارزون في تنظيم القاعدة. كذلك اتجه الملك سلمان إلى الحد من الطائفية في المجتمع السعودي، ومعاملة الأماكن المتضررة من الإرهاب بموقف واحد، وقد أُعتبر الذين قضوا في تفجيرات مساجد المنطقة الشرقية، من الشيعة، شهداءً.
التفت الملك سلمان إلى المستقبل، والتوجه إلى التقليل من الاعتماد على النفط كليةً، فجاءت الرؤية المستقبلية إلى العام 2030، وتولى نجله ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الإشراف على التخطيط لها وتنفيذها، الرؤية التي تتخذها المملكة العربية السعودية لمواجهة تحديات المستقبل. لم يكن إجراء الملك سلمان في تحديث المراكز الكبرى في المملكة، بتكليف الأمراء الشباب لإدارتها، وإنما سرى ذلك على تحديث مجلس الوزراء ورفده بطاقات شابة ومن التكنوقراط. كانت إجراءات كبرى في تاريخ المملكة، وبما يتوافق مع التحول في العالم، وقفزات التكنولوجيا، وسط أمواج عاتية في المنطقة.
الملك سلمان، بتاريخه ومواقفه وقربه من الناس، بيننا اليوم، في بلد زايد. فأهلا وسهلا بملك الأخوة والحزم.
عدد اليوم
