الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رهان الزمن...

2 يناير 2011 14:45
ثمة ملاحظة عامة ومهمة لا بد أن يخرج بها قارئ المشهد الثقافي في الإمارات، وهي أن الثقافة العربية لم تحسن الحسبة حين قسمت جسدها الثقافي بين مراكز وأطراف أو متون وهوامش، فالتجربة الإماراتية تثبت يوماً بعد يوم خطأ هذه المقولة تنظيراً وممارسة. والأمر نفسه يمكن أن يقال عن التجربة المغربية في أقصى الطرف الغربي من العالم العربي، والتي تسهم إسهاماً مرموقاً ومقدراً في الفعل الثقافي العربي في تجلياته كلها. في الإمارات يجري صياغة الروح الثقافية ضمن أطر وسياقات مؤسسة (بكسر السين) نجحت ليس فقط في كسر العزلة التي لطالما عانت منها «الهوامش» بل أيضاً في تكريس حضورها الثقافي في المحافل العربية والعالمية، منطلقة من فلسفة احترام الآخر لا إقصائه، محاورته لا مصادمته، حاملة في الوقت نفسه همَّ «المتن» كي لا يبدو مفككاً ومتصدعاً ومشرذماً على الأقل في نموذجها هي. وقد بدا هذا واضحاً أكثر فأكثر في العام المنصرم، وكأن الإمارات في تجربتها في رهان مع الزمن: بوصفه إنجازاً يتراكم مع مضي الأعوام. هذا في المجمل، وفي التفاصيل قد لا نأتي بجديد حين نوصّف المشهد الثقافي في الإمارات بأنه زاخر بالمستجدات ومزدحم بالنشاطات والمبادرات التي إن دلت على شيء فإنما تدل على حجم الحلم وشدة التوق التي تسكن هذه الدولة لتصبح منصة حقيقية للثقافة والإبداع. كما أنه ليس من قبيل المديح الفائض عن الحاجة الإشارة الى ما يعج به المشهد من مهرجانات وتظاهرات وجوائز ومعارض وعروض و... و...، إلى الحد الذي تبدو فيه الإمارات في حالة من الألق الدائم رغم الأزمة المالية الخانقة. ففي الوقت الذي تعاني فيه الثقافة في معظم الدول العربية من قلة الميزانيات، ما تزال الإمارات تخصص للثقافة ميزانية سخية، وتستثمر في الحقول الثقافية المختلفة. وحتماً، ليس من نافل القول التأكيد مرة بعد مرة على سمة التنوع والقدرة على تقبل الآخر وفتح آفاق الحوار الفكري الخلاق معه التي تتميز بها التجربة الإماراتية في الثقافة، بغض النظر عن ماهية هذا الآخر التي تقف في أحيان كثيرة عقبة أمام التواصل بين البشر، ليس على المستوى الثقافي بل على المستوى الإنساني أيضاً. المميز أيضاً في تجربة الإمارات الثقافية، علاوة على سعيها الحثيث لتوفير البنى التحتية التي تعمل بمثابة روافع حقيقية للعمل الثقافي، وجود سمة الشراكة في عملها الثقافي؛ شراكة بين مؤسساتها الثقافية هنا في الداخل وشراكة مع المؤسسات الثقافية في العالم تتيح لها قراءة تجربته على نحو عميق ومفيد لها. ولعل هذا برز واضحاً في مشاركاتها الخارجية وتحديداً في معرضي فرانكفورت ونيويورك للكتاب، ومهرجان أصيلة إذ أن الاتفاق على جناح واحد يمثل الدولة وتشارك فيه مختلف المؤسسات الثقافية في إمارات الدولة كلها كان نهجاً مثالياً لتحقيق هذا الحضور الجميل الذي نال إعجاب العرب والعجم. بيد أن الأكثر أهمية في كل هذه التجربة الناهضة هي قراءتها الدقيقة لحقيقة الثقافة.. تلك القراءة التي تعتبر تنمية الإنسان أولوية كبرى ومن أجلها ينبغي تسخير كل الإمكانيات والمقدرات... ويبدو أن الإمارات أدركت أن الإنسان هو الأصل. ترى... هل هذا هو سرّ التألق الذي يبدو على ملامحها اليوم أكثر من أي وقت مضى؟.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©