الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الكمأة» من المنّ وماؤها شفاء للعين

«الكمأة» من المنّ وماؤها شفاء للعين
14 يوليو 2014 00:19
أحمد محمد (القاهرة) جعل الله في كل شيء من المخلوقات التي خلقها فائدة وسراً، لا يكاد يعلمه الناس إلا بعد حين من الدهر، وذلك بعد أبحاث ودراسات وتجارب يتوصل بها أصحاب الاختصاص إلى ثمرة تلك الجهود، ومن هذه الثمار «الكمأة» التي خلقها سبحانه، وأنشأها تحت الأرض وهدى عباده إليها وعلمهم كيف يتناولونها. ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين»، وجاء اليوم الذي يثبت فيه أهل الاختصاص إعجاز هذا الحديث، فقد ظهرت هذه الحقائق العلمية مكشوفة واضحة وأخبرنا بها الرسول من دون معامل ولا مختبرات ولا تحليلات، بإلهام من الله، فكان قوله هذا سبقاً علمياً وإعجازاً نبوياً، تحدى فيه الأطباء والباحثين، قبل أن تتطور العلوم ويكتشف الناس هذه الحقائق في العصر الذي تباهى الناس فيه بالعلم وركنوا إليه. وثبت العلاج بالكمأة، وتحققت مصداقيته في زمن العلم والبحث والتجربة، وفي هذا آية ومعجزة للعالمين أنه كلام الخالق الذي أوحاه لنبيه حتى يستيقن الناس أن الدين الحق الذي أراده الله لخلقه هو دين الإسلام، فدعمه بهذه الأخبار والمعجزات. تعريف وهي من المن الذي أمتن الله به على عباده، وقال العلماء، ليس المراد أنها النوع الذي أنزل على بني إسرائيل، فذاك كان الذي يسقط على الشجر، وإنما المعنى أن «الكمأة» شيء ينبت من غير تكلف ببذر ولا سقي، يخرج كما يخرج الفطر، معروف من نبات الأرض، سماه النبي منّا أي طعاما بغير عمل، أما محاولة زراعتها بتدخل الإنسان في ذلك، فقد باءت جميع المحاولات حتى الآن بالفشل. هي نوع من الدرنيات والجذور التي لا ورق لها ولا ساق تخرج بدون زرع، وتكثر أيام الخصب وكثرة المطر والرعد، تنمو في الصحارى، حجمها بين البندقة والبرتقالة، على حسب أنواعها، ورائحتها عطرية، تكون في الأرض مخفية، تتولد وتندفع نحو السطح، ولذلك يقال لها جدري الأرض، ويسميها أهل الخليج «الفقع»، ويختلف لونها من الرمادي إلى البني إلى الأسود، وهي كثيرة بأرض الجزيرة العربية، وتوجد بالشام ومصر وأوروبا، وأجود أنواعها ما كان صغيراً والكائن في القفار والرمال، ويستدل على وجودها من رائحتها والحشرات التي تطير فوقها، سميت «كمأة» لاستتارها، ويطلق عليها أيضا اسم «بنت الرعد» لأنها كما يقال تكثر في أوقات الصواعق والبروق والأنواء الجوية. فوائد وعندما تم تحليل «الكمأة» تبين أنها مصدر مهم للبروتينات، وأجري العديد من الدراسات والأبحاث على مرضى مصابين بالرمد الحبيبي أو التراخوما فاستخدم ماء الكمأة في علاج نصف المرضى، واستخدمت المضادات الحيوية في علاج النصف الآخر، فتبين أن ماء الكمأة قد أدى إلى نقص شديد في تكون الخلايا اللمفاوية والألياف التي تنتج عن هذا الالتهاب، والتي تسبب العتامة في القرنية، بعكس الحالات الأخرى التي استخدمت فيها المضادات الحيوية، والكمأة في عصرنا تستعمل لعلاج هشاشة الأظافر وتكسرها وتقصفها وتشقق الشفتين واضطراب الرؤية، وماؤها من أصلح الأدوية للعين، إذا اكتحل به، يقوي الأجفان، وفيه قوة وحدّة، واليابسة إذا سحقت وعجنت بماء، وخضب بها الرأس، شفيت من الصداع. وقد تم استخلاص العصارة المائية منها في مختبرات متقدمة، وتجفيف السائل حتى يمكن من الاحتفاظ به لفترة طويلة، وعند الاستعمال تم حل المسحوق في الماء لتصل إلى نفس تركيز ماء الكمأة الطبيعي، وتم به علاج حالات متقدمة من التراكوما، فكانت النتائج إيجابية، وقد ذكر ابن الجوزي طريقة لاستحصال ماء الكمأة، بأن تشق، وتوضع على الجمر حتى يغلي ماؤها ثم يؤخذ وهو فاتر فيكحل به. ويقول عنها ابن حجر العسقلاني، هي مما يوجد في الربيع، ويؤكل نيئاً ومطبوخاً، من أطعمة أهل البوادي، وتكثر بأرض العرب، وأجودها ما كانت أرضها رملية قليلة الماء، وهي أصناف، رديئة للمعدة، بطيئة الهضم، غذاؤها رديء، لكن فيها جوهراً مائياً لطيفاً، والاكتحال بها نافع من ظلمة البصر والرمد الحار، وماؤها أصلح الأدوية للعين. وقال النووي، الصواب إن ماءها شفاء للعين مطلقا، فيعصر ويجعل في العين، وقد رأيت أنا وغيري في زماننا من كان عمي وذهب بصره حقيقة، فكحل عينه بماء الكمأة مجردا فشفي وعاد إليه بصره. أصلح الأدوية تحدث الأطباء العرب القدماء كثيراً عن الكمأة، ولاسيما أن العرب عرفوها منذ وجدوا في البادية، حيث مهدها الأول، ومن الطبيعي أن يكونوا أول من عرفها واختبرها، وقد قال ابن البيطار، وماء الكمأة من أصلح الأدوية للعين إذا رب بالأثمد واكتحل به، فإن ذلك يقوي الأجفان، ويزيد في الروح الباصرة، وفيه قوة ويدفع عنها نزول الماء، وإذا جففت وسحقت وعجنت بغراء السمك محلولاً في خل نفعت من مرض أمعاء الأطفال، ومن نتوء سررهم ومن الفتوق المتولدة عليهم. وذكر ابن سينا أن ماءها يغلى ثم يبرد ثم يكتحل به، والكمأة نوع من الفطر ينمو تحت سطح الأرض ويكون في جماعات، وقال ابن العربي إن ماءها ينفع بصورته في حال وبإضافته في أخرى، وقد جرب ذلك فوجد صحيحا.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©