الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اختلاف الآراء رحمة وليس صراعاً

اختلاف الآراء رحمة وليس صراعاً
14 يوليو 2014 00:20
أحمد مراد (القاهرة) الاختلاف أمر طبيعي، ولا بأس به، وقد يكون الاختلاف من أنواع التكامل، والاختلاف في الرأي قد يكون بداية لحوار جاد بين الفئات المختلفة. وقال د. عبدالفتاح إدريس - الأستاذ بجامعة الأزهر: طالما أن الاختلاف في حدود الشريعة وخاضع لضوابطها لا يكون مذموما بل يكون ممدوحاً ومصدراً من مصادر الإثراء الفكري، ووسيلة للوصول إلى القرار الصائب، وما مبدأ الشورى الذي قرره الإسلام إلا تشريع لهذا الاختلاف الحميد «وشاورهم في الأمر». وفي مسألة الاختلاف يقول الإمام الشافعي: «ألا يستقيم أن نكون إخوانا وإن لم نتفق فــي مــسألة؟»، وقال أيضاً: «ما ناظرت أحدا إلا قلت اللهم أجر الحق على قلبه ولسانه فإن كان الحق معي اتبعني وإذا كان الحق معه اتبعته». وأشار إلى أن للاختلاف آدابا ينبغي أن يلتزم بها المختلفون أبرزها أن يعذر بعضهم بعضا فيما اختلفوا فيه، وأن يراعوا مبدأ التسامح في المختلف فيه، فإذا كان التعاون في المتفق عليه واجبا فأوجب منه هو التسامح في المختلف فيه، فلا نتعصب لرأي ضد رأي آخر في المسائل الخلافية، ولا لمذهب ضد مذهب، ولا لإمام ضد إمام، بل نرفع شعار التسامح، وكذلك ينبغي الرفق في التعامل. ضوابط والإسلام وضع ضوابط للاختلاف بين المسلمين، وبين المسلمين وغيرهم من أهل الملل الأخرى، وحدد أصول التعامل بين مختلف التوجهات، وجعل حدودا للمسلم يجب عليه ألا يتجاوزها وإلا كان ظالما، ومن بين هذه الضوابط تبني الإسلام الرحمة كمنهج مهم عند التحاور مع المخالف، حتى مع أشد المخالفين طغياناً وبغياً. كما ضرب الله لنا مثلاً في توجيهه سبحانه لموسى وهارون حين أرسلهما لمخاطبة فرعون الذي ملأ الأرض ظلما قال سبحانه: «اذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولاً ليّناً لعله يتذكر أو يخشى»، وكذلك أرشد سبحانه نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم في قوله: «فبما رحمة من الله لِنت لهم ولو كنت فظـا غليظَ القلب لانفضّوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين». وأضاف: قدم القرآن الكريم آليات وآدابا أساسية تساعد في بناء شخصية المخالف، ومن ثم تحويل الاختلافات إلى عملية نقاش فكري فعال، ولذلك حث على الشورى والتشاور داخل إطار الأسرة، وذلك لتدريـب الأمة على مشاركة الرأي والتحاور، ولقد سميت سورة كاملة بسورة الشورى، وتضمنت مفاهيم وقيما مهمة لابد من استحضارها في كل حين، وبخاصة عند توظيف مبدأ الشورى. إذ أكدت هذه السورة مفهوم التوحيد ووحدة النبوة ووحدة الأسرة الإنسانية، ودعت إلى ترسيخ قيم العدل والمساواة والحرية والعفو والتسامح وحسن التناصح، قال تعالى: «فلذلك فادع واستقم . كما أمرت ولا تتبع أهواءهم وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب وأمرت لأعدل بينكم الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجة بيننا وبينكم الله يجمع بيننا وإليه المصير». آداب وأوضح أن من الآداب التي حث عليها الإسلام عند الاختلاف مبدأ الدخول في السلم كافة، «يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتّبعوا خطوات الشيطان»، وينطلق هذا المبدأ من عقيدة التوحيد والإيمان بإله واحد هو رب الجميع الذي يدعونا إلى وجوب الدخول في السلم كافة، وبذلك فلا تحيز ولا تعصب ولا ظلم ولكن يعذر بعضنا بعضا. ولن يتحقق هذا من غير مبدأ التراحم وتحري أحسن القول وألينه عند الاختلاف، فهو الطريق إلى بث السلام والوصول إلى الحق، بالإضافة إلى التواضع والصبر في طلب الحق والالتزام به، وهي منهجية النبوة، فمن دلائل علم العالم أنه لا يستكبر على قبول الحق ممن دونه أو فوقه، فالمهم الوصول إلى الحق، ولقد أورد القرآن الكريم نماذج من ذلك في تعلم سليمان من الهدهد، وفي تعلم موسى من الرجل الصالح، الذي علمه التواضع والصبر في طلب العلم في آن واحد: «قال له موسى هل أتّبعك على أن تعلمنِ مما عُلِّمت رشداً قال إنك لن تستطيع معي صبراً وكيف تصبر على ما لم تحط به خُبراً قال ستجدني إن شاء الله صابراً ولا أعصي لك أمراً».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©