الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أصحاب الأيكة أخذهم الله بظلمهم وضلالهم

14 يوليو 2014 00:21
«أصحاب الأيكة» هم قوم شعيب، مملكتهم مدين، وعاصمتهم تسمى «مغاير» ومدين مملكة ومنطقة كانت لقبيلة من العرب في شمال غرب الجزيرة العربية وهي تحديداً تقع بالقرب من مدينة البدع التابعة لمنطقة تبوك بالمملكة العربية السعودية، وكان أهلها يعملون بالتجارة، بعث الله فيهم نبيه شعيباً، يحضهم على المتاجرة الشريفة، قال تعالى: (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ)، «سورة هود: الآية 84»، فرفضوا أن يسمعوا دعوته ويتركوا المعاصي، فآمن به القليل ورفض أعظمهم وسخروا منه واستكبروا. وردت قصة «أصحاب الأيكة» في سور الأعراف وهود والعنكبوت، وتكاملت في سورة الشعراء، قال تعالى: (كذب أصحاب الأيكة المرسلين* إذ قال لهم شعيب ألا تتقون* إني لكم رسول أمين* فاتقوا الله وأطيعون* وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين* أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين* وزنوا بالقسطاس المستقيم* ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين* واتقوا الذي خلقكم والجبلة الأولين* قالوا إنما أنت من المسحرين * وما أنت إلا بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكاذبين * فأسقط علينا كسفا من السماء إن كنت من الصادقين * قال ربي أعلم بما تعملون * فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم* إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين)، «سورة الشعراء: 176 - 190». نِعَم ?يقول العلماء والمفسرون، ولعل استعمال القرآن لعبارة «أصحاب الأيكة» في تسميتهم، إشارة إلى النعم التي أعطاها الله لهم، والأيكة هي الشجرة، والأيك الشجر الملتف الكثيف، ووصفت ارض مدين قديما بكثافة أشجارها وبساتينها، ولكنهم استبدلوا الكفر بالشكر، فأقاموا صرح الظلم والاستبداد، قال قتادة، كان أصحاب الأيكة أهل غيضة وشجر وكانت عامة شجرهم الدوم وهو شجر المقل، ويذكر إنهم عاشوا في بلدة مليئة بالماء والأشجار بين الحجاز والشام وكانت حياتهم مرفهة ثرية فأُصيبوا بالغرور والغفلة، فأدى ذلك إلى الاحتكار والفساد في الأرض. بعث الله لهم النبي شعيب عليه السلام الذي أعطاه الله ميزة المخاطبة الحسنة والأسلوب البليغ والمقنع، حتى قيل إنه خطيب الأنبياء فدعاهم إلى عبادة الله تعالى وحده لا شريك له وينهاهم عن الغش وأوصاهم بإقامة العدل وبشرهم وأنذرهم وبالغ في وعظهم، وإن فعلوا، فسينعمهم بعيشتهم ورزقهم، وإلا فسيخسرون النعمة ويواجهون عذابا في الآخرة، فلم يجبه القوم إلا بالعصيان والاستهزاء والسخرية. جزاء استمر شعيب يجادلهم بلطف مؤثرا استمالتهم باللين واجتذابهم بالرفق، ولكن القوم في الضلال ممعنون، وفي الغواية سابحون، فدعا عليهم فاستجاب الله دعاءه وابتلى القوم بالحر الشديد، لا يروي ظمأهم ماء، ولا تقيهم ظلال ولا تمنعهم تلال أو جبال، ففروا هاربين ورأوا سحابة ظنوها مظلة عن حرارة الشمس، وحسبوها ستارا من شدة الحر فاجتمعوا تحتها وما أن اكتمل عددهم وصاروا كلهم تحت الغمامة، حتى بدأت ترميهم بأسراب من الشرر واللهب، وجاءتهم الصيحة وعذاب الظلة من السماء، وزلزلت الأرض تحت أقدامهم حتى زهقت أرواحهم وهلكوا جميعا، قال الضحاك وكان ظلمهم بشركهم بالله وقطعهم الطريق، ونقصهم المكيال والميزان، فانتقم الله منهم بالصيحة والرجفة وعذاب يوم الظلة. وجاء في «أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن» للشنقيطي، ذكر جل وعلا أن أصحاب الأيكة كانوا ظالمين وأنه انتقم منهم بسبب ظلمهم، فبين أن ظلمهم هو تكذيب رسولهم وتطفيفهم في الكيل، وبخسهم الناس أشياءهم، وأن انتقامه منهم بعذاب يوم الظلة، وبين أنه عذاب يوم عظيم، والظلة سحابة أظلتهم فأضرمها الله عليهم نارا فأحرقتهم. قال لهم‏ شعيب، ‏يا قوم لا يجرمنكم شقاقي‏، أي لا تحملنكم عداوتي وبغضي على الإصرار على ما أنتم عليه من الكفر والفساد، فيصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح وقوم هود وقوم صالح وقوم لوط من النقمة والعذاب، فيصيبكم من العذاب ما أصابهم، ولما يئس من استجابتهم قال‏‏ يا قوم ‏‏اعملوا على مكانتكم‏،‏ أي طريقتكم، وهذا تهديد شديد، ‏‏إني عامل‏ على طريقتي، ‏وسوف تعلمون من منا ومنكم يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب، وانتظروا ‏‏إني معكم رقيب‏. (القاهرة - الاتحاد) في ديارهم جاثمين بعد الصبر والانتظار، انتصر الله لنبيه فأهلك هؤلاء القوم بالصيحة كما في قوله تعالى: (ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين آمنوا معه وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين * كأن لم يغنوا فيها ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود)، جمع الله عليهم أنواعا من العقوبات، وأشكالاً، لما اتصفوا به من قبيح الصفات، سلط الله عليهم رجفة شديدة أسكنت الحركات، وصيحة عظيمة أخمدت الأصوات، وظلة أرسل عليهم منها شرر النار من سائر أرجائها والجهات.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©