الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

زيد بن الخطاب أسلم واستشهد قبل شقيقه «الفاروق»

زيد بن الخطاب أسلم واستشهد قبل شقيقه «الفاروق»
14 يوليو 2014 00:22
أحمد مراد (القاهرة) الشقيق الأكبر للفاروق عمر بن الخطّاب- رضي الله عنهما- وقد سبقه إلى الإسلام، وإلى الشهادة في سبيل الله، وفي الحروب والمعارك كان بطلا فذا، ولم يتخلف عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في مشهد ولا في غزوة، وفي كل غزوة لم يكن يبحث عن النصر، بقدر ما كان يبحث عن الشهادة. هو زيد بن الخطاب بن نفيل القرشي العدوي، أخو عمر بن الخطاب لأبيه، هاجر إلى المدينة مع أخيه عمر، وعياش بن أبي ربيعة، وخنيس بن حذافة السهمي، وسعيد بن زيد، وبني البكير الأربعة: إياس، وعاقل، وعامر، وخالد، ولما وصلوا إلى المدينة نزلوا على رفاعة بن عبدالمنذر في قباء، وقد آخى الرسول بين زيد ومعن بن عدي الأنصاري العجلاني، وحضر زيد بيعة الرضوان بالحديبية، وشهد بدرا، وأحدا، والخندق. ومن مواقف زيد بن الخطاب، موقفه في غزوة أحد، فيروى أنه عندما حمي القتال بين المسلمين والمشركين راح يضرب، وأبصره أخوه عمر بن الخطّاب، وقد سقط درعه عنه، وأصبح أدنى منالاً للأعداء، فصاح به عمر: خذ درعي يا زيد فقاتل بها. فأجابه زيد: إني أريد من الشهادة ما تريد يا عمر. وظل يقاتل بغير درع في فدائية باهرة، واستبسال عظيم. أعظم من أُحد ذات يوم جلس النبي- صلى الله عليه وسلم- وحوله جماعة من المسلمين، وبينما الحديث يجري، أطرق الرسول لحظات، ثم وجّه الحديث لمن حوله قائلاً: «إن فيكم لرجلا ضرسه في النار أعظم من جبل أحد»، وتمر الأيام فتتحقق النبوءة في الرّجّال بن عنفوة الذي ارتد عن الإسلام ولحق بمسيلمة الكذاب، وشهد له بالنبوّة، وكان الرّجّال بن عنفوة من أهل اليمامة وقد ذهب ذات يوم إلى الرسول مبايعاً ومسلماً، وفي خلافة أبي بكر نقل إليه أخبار أهل اليمامة والتفافهم حول مسيلمة، واقترح على الصدّيق أن يكون مبعوثه إليهم يثبّتهم على الإسلام، فأذن له الخليفة، وتوجّه الرّجّال إلى أهل اليمامة، ولما رأى كثرتهم الهائلة ظنّ أنهم الغالبون، فحدّثته نفسه أن يحتجز له مكانا في دولة الكذّاب التي ظنّها مقبلة وآتية، فترك الإسلام، وانضمّ لصفوف مسيلمة، وكان خطر الرّجّال على الإسلام أشدّ من خطر مسيلمة ذاته وذلك، لأنه استغلّ إسلامه السابق، والفترة التي عاشها بالمدينة أيام الرسول، وحفظه لآيات كثيرة من القرآن، استغلالاً خبيثاً في دعم سلطان مسيلمة وتوكيد نبوّته الكاذبة، ولقد زادت أعداد الملتفين حول مسيلمة بسبب أكاذيب الرّجّال هذا، وكانت أنباء الرّجّال تبلغ المدينة، فيتحرّق المسلمون غيظا من هذا المرتدّ الذي يضلّ الناس ضلالاً بعيداً، والذي يوسّع بضلاله دائرة الحرب التي سيضطر المسلمون إلى أن يخوضوها، وكان زيد بن الخطاب أكثر المسلمين تغيّظاً، وتحرّقاً. يوم اليمامة وبدأ يوم اليمامة، وجمع خالد بن الوليد جيش الإسلام، ووزعه على مواقعه ودفع لواء الجيش إلى زيد بن الخطّاب، وقاتل المسلمون أتباع مسيلمة قتالاً مستميتاً ضارياً، ومالت المعركة في بدايتها على المسلمين، وسقط منهم شهداء كثيرون، ورأى زيد مشاعر الفزع تراود بعض أفئدة المسلمين، فعلا ربوة هناك، وصاح في إخوانه: أيها الناس، عضوا على أضراسكم، واضربوا في عدوّكم، وامضوا قدما، والله لا أتكلم حتى يهزمهم الله، أو ألقاه سبحانه فأكلمه بحجتي. ونزل من فوق الربوة، عاضّاً على أضراسه، زامّاً شفتيه لا يحرّك لسانه بهمس، وتركّز مصير المعركة لديه في مصير الرّجّال، فراح يخترق الخضمّ المقتتل كالسهم، باحثا عن الرّجّال حتى أبصره، وهناك راح يأتيه من يمين، ومن شمال، وكلما ابتلع طوفان المعركة غريمه وأخفاه، غاص زيد وراءه حتى يدفع الموج إلى السطح من جديد، فيقترب منه زيد ويبسط إليه سيفه، ولكن الموج البشري المحتدم يبتلع الرّجّال مرّة أخرى، فيتبعه زيد ويغوص وراءه كي لا يفلت، وأخيراً يمسك بخناقه، ويطوح بسيفه رأسه المملوء غروراً، وكذباً، وخسّة، وبسقوط الأكذوبة، أخذ عالمها كله يتساقط، فدبّ الرعب في نفس مسيلمة، ثم في جيش مسيلمة الذي طار مقتل الرّجّال فيه كالنار في يوم عاصف. قسم وشهادة ورفع زيد بن الخطاب ذراعيه إلى السماء مبتهلاً لربّه، شاكرا نعمته، ثم عاد إلى سيفه وإلى صمته، فلقد أقسم بالله ألا يتكلم حتى يتم النصر أو ينال الشهادة ولقد أخذت المعركة تمضي لصالح المسلمين، وراح نصرهم المحتوم يقترب ويسرع، هنالك وقد رأى زيد رياح النصر مقبلة، لم يعرف لحياته ختاماً أروع من هذا الختام، فتمنّى لو يرزقه الله الشهادة في يوم اليمامة هذا، وراح يضرب ضرب الباحث عن مصيره العظيم وسقط البطل شهيداً. ?وعاد جيش الإسلام إلى المدينة ظافرا، وبينما كان عمر يستقبل مع الخليفة أبي بكر أولئك العائدين الظافرين، راح يرمق بعينين مشتاقتين أخاه العائد، وكان زيد طويلاً بائن الطول، ومن ثمّ كان تعرّف العين عليه أمراً ميسوراً، ولكن قبل أن يجهد بصره، اقترب إليه من المسلمين العائدين من عزّاه في زيد، وقال عمر: رحم الله زيدا، سبقني إلى الحسنيين، أسلم قبلي واستشهد قبلي. ودفن زيد بن الخطاب في العيينة، وبعد مرور مئات السنين تم وضع قبة مشهورة على قبره، وعلى كثرة الانتصارات التي راح الإسلام يظفر بها وينعم، فإن زيدا لم يغب عن خاطر أخيه الفاروق لحظة، ودائما كان يقول: ما هبّت الصبا، إلا وجدت منها ريح زيد.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©