الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شباب الجيل الحالي يرفضون نصائح الكبار ويفضّلون «الأب يوتيوب»

شباب الجيل الحالي يرفضون نصائح الكبار ويفضّلون «الأب يوتيوب»
25 سبتمبر 2010 21:04
يبقى الأبناء في نظر آبائهم صغاراً، وفي حاجة إلى رعاية ونصح وإرشاد، مهما كبروا، ومهما خاضوا من تجارب وفنون حياتية. فغالبية الآباء يؤمنون بالمقولة المأثورة القديمة الحديثة «من فاتك بليلة فاتك بحيلة»، وأن حنكة الشخص ودربته تقاس بطول عمره، وهذا مقياس يرفضه الجيل الجديد من الشباب الذين يعتبرون أنفسهم قادرين على اتخاذ ما يصلح لهم من قرارات في وقت مبكر من فترة شبابهم، ويصبحون أكثر انتقاءً لتوجيهات آبائهم باعتبار غالبيتها لا يُجاري تغيرات العصر ولا يُساير مستجداته، كون بعضها ماضوية- حسب اعتقادهم- وبعيدة عن واقعهم المعيش. فمن الصائب ومن المخطئ؟ إيمي توريك شابة أميركية من ساوث كارولينا تبلغ من العمر 28 عاماً، تقول: «إن الآباء صادقون في جميع النصائح التي يسدونها إلى أبنائهم، لكن عليهم أن يدركوا أن جيل أبنائهم مختلف عن جيلهم، وهم يقتبسون كثيراً من إرشاداتهم من تجارب مروا بها في ظروف سابقة مختلفة، قد لا تناسب أبناء الجيل الحالي الذين يشهد عصرهم تغيرات جديدة متسارعة تختلف كثيراً عن الماضي، ويصعب للأبناء تقبلها مهما بلغت درجة عقلانيتها». ولا يختلف اثنان في كون الآباء أكثر حباً لأبنائهم من أنفسهم، ولذلك فإنهم يسخرون عمرهم للتفكير في مصلحتهم ولا يهدأ لهم بال حتى يطمئنوا على مستقبل أبنائهم ويوقنوا أنهم ماضون في الطريق الصحيح- حسب رأيهم. وهذا حرص وشعور لم يعد يجاريه كثيرون من أبناء القرن الواحد والعشرين والألفية الثالثة. وطبعاً لكل عصر متطلباته ومقتضياته، وهو ما يؤدي إلى هذه المماحكة التي تنتج بالأساس عن اختلاف طريقة التفكير، واعتقاد عدد من الأبناء بعدم واقعية نصائح آبائهم، وهو ما يؤدي يوماً بعد يوم إلى اتساع الفجوة بين الآباء والأبناء. فالآباء يعتقدون أن الخبرات التي راكموها تجعلهم يتمتعون بحكمة وحدس لا يخطئان، غير أنه يستعصي على أبنائهم الاقتناع بذلك. وقد أظهرت دراسات عديدة أن الشباب يقتنعون أكثر بأقرانهم وأصدقائهم وأبناء جيلهم أكثر من آبائهم، وذلك نظراً لأنهم يتفهمون حاجاتهم وانشغالاتهم ويعون اهتماماتهم أكثر من آبائهم. فجوة عميقة كشفت إحصاءات حديثة لاستطلاع رأي أميركي قام به مركز بيو للبحوث أن 82% من الشباب البالغين من العمر ما بين 18 و29 سنة يعتقدون أن هناك فجوة وهوة عميقة بين الأجيال في أميركا. وأرجع من استطلعت آراؤهم هذه «الفجوة» بالدرجة الأولى إلى «اختلاف طريقة تفكير الأبناء عن الآباء». وقد سبق أن أُجري في الولايات المتحدة استطلاع مماثل حول الموضوع ذاته سنة 1979 وكانت نتيجته أن 60% أقروا بوجود هذه الفجوة. وكشف هذا الاستطلاع عن معطى جديد كذلك هو أن اختلاف وجهات النظر في القضايا الاجتماعية والسياسية، وتباين تحديد المفاهيم مثل أخلاقيات العمل وأهمية التقنيات الحديثة زاد من تعميق هذه الفجوة. الأب «يوتيوب» يقول جايسون دورسي، استشاري الجسر ما بين الأجيال البالغ من العمر 32 عاماً: «السن لا علاقة له بمدى رجحان الفكرة وسدادها، ولا يعني أن فكرة الشخص الأكبر أفضل من الأصغر». ويضيف «إذا حدث أن وُجٍدتُ في مخزن للإلكترونيات، فإنني حتماً سأرجح نصيحة الشخص الشاب الذي ألف استخدام الكمبيوتر وكل ما استجد من الأجهزة الإلكترونية». ويقول دورسي مستطرداً «باختصار إذا أردتُ أن أتعلم كيفية ربط ربطة عنق، أو تغيير حفاظات الطفل، أو إعداد خليط مشروب ما، أو طبخ سلطعون، فإني سألجأ إلى مواقع إلكترونية مثل yo t be لأحصل على ما أريده من خلال مقاطع الفيديو التي يوفرها، ولن ألجأ لسؤال أبي أو أمي». وهذا لا يعني أنه لا يوجد تواصل بين الآباء وأبنائهم، بل إنه مهما حصل فإن علاقة الأبناء بآبائهم تظل قوية ووطيدة، بغض النظر عما إذا كانوا يعيشون معهم تحت سقف واحد ويتلقون نصائحهم أو منعزلين في قبو سفلي. تقاليد يابانية يقول جوش رادمان، طالب في جامعة ساوذرن كاليفورنيا يبلغ عمره 18 سنةً، «كان الشاب في السابق يستجمع شجاعته ويذهب لمناقشة ما يرغب فيه من مواضيع وقضايا مع أحد أبويه أو مدرسيه أو طبيبه، أما الآن فإن الإنترنت أصبح هو ملجأ الشاب ومحاوره في كل القضايا ومزوده بجميع ما يحتاجه من معلومات. ويقول داستن بورج، مدرس إنجليزية في اليابان يبلغ عمره 28 سنةً: «إن مسألة تقبل نصائح الآباء تختلف حسب ثقافة البلد وتقاليده، ففي اليابان ما زالت نصيحة الأب أو الأم والأكبر سناً بصفة عامة هي الأصح وغير القابلة للنقاش والجدال في غالبية المناطق» وأضاف: «أنا أقدر كثيراً هذا الاحترام الذي يكنه الشباب لآبائهم والذين يكبرونهم سناً في اليابان، لكني أتساءل عن مدى قابلية هذه النصائح للتطبيق بالنسبة لجيل ياباني جديد تكاد تكون كل تعاملاته تستخدم الآلة وأجهزة لم يعهد التعامل معها أي من آبائهم». النصيحة قبل الناصح عن تجربته الشخصية، يقول جورش إنه دائماً ينظر إلى مدى سداد الرأي والنصيحة بصرف النظر عمن يقدمها، ولا يقبلها إلا إذا اقتنع بها حتى إن كانت من أبويه أو من أقرب الناس إليه ممن يكبرونه. ويقول: «إذا ذهب شخص على سبيل المثال لطلب نصح أبويه أو أحد أفراد الجيل السابق حول مدى سداد فكرة شراء بيت في هذا الوقت الذي يشهد انخفاضاً لأسعار العقار، فإن غالبيتهم سيميلون إلى نصحه بالقيام بذلك وعدم الاستئجار ويذكرونه بأن عملية الاستئجار شبيهة بمن يضيع ماله سُدىً، هذا بينما قد يحبذ الكثير من الشباب فكرة الاستئجار نظراً لأن الشراء يقيدهم ويجبرهم على الاستقرار في مكان ما باعتبار أن الإيجار يتيح لهم حريةً أكثر للتنقل». آباء ورؤساء أصدقاء يميل أبناء اليوم إلى تفضيل المنتديات الإلكترونية والمواقع الاجتماعية وغيرها من وسائل الإعلام الافتراضية، وهم يفضلون النصائح التي تأتي على شكل مواقف من الواقع المعيشي قد تأخذ طابعاً هزلياً ومرحاً بعيداً عن الجدية التي تأخذها نصائح آبائهم. وهم لا يقبلون أن يعاملهم أي شخص بشكل فوقي كمن يعطي الأوامر ولا يتوقع سوى الإصغاء ثم التنفيذ. ويقول دورسي، استشاري الجسر بين الأجيال، إنه يتوقع أن تنقلب المعادلة ويصبح اتجاه النصائح من بعض الأبناء إلى آبائهم، ويرى أن ذلك أمر لا بأس به، وأنه سيؤدي حتماً إلى تقوية العلاقة بينهما وتقريب هوة التواصل التي سادت بينهما شرط أن يصبح الآباء أكثر انفتاحاً وتقبلاً لمثل هذه الأفكار «الثورية والانقلابية» في أعين من يتبنون النظرة الأفقية التقليدية للأسرة وينظرون إلى الخطاب الأبوي بتقديس. ويضيف دورسي: «لقد تغيرت الظروف وأصبح عدد من الآباء أصدقاء لأبنائهم أكثر منهم آباء لهم، ولذلك فإن تبادل النصح بين الأب وابنه أو ابنته والموظف ورئيسه في العمل سيغدو أمراً عادياً وأكثر تفهماً وقبولاً في المستقبل القريب». عن «وول ستريت جورنال
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©