السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

تحريم إيذاء المسلمين

تحريم إيذاء المسلمين
19 أكتوبر 2017 23:24
أخرج الإمام الترمذي في سننه عَن ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمِنْبَرَ فَنَادَى بِصَوْتٍ رَفِيعٍ، فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُفْضِ الإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ، لا تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ وَلا تُعَيِّرُوهُمْ وَلا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ». قَالَ: وَنَظَرَ ابْنُ عُمَرَ يَوْماً إِلَى الْبَيْتِ أَوْ إِلَى الْكَعْبَةِ، فَقَالَ: مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ وَالْمُؤْمِنُ أَعْظَمُ حُرْمَةً عِنْدَ اللَّهِ مِنْكِ (أخرجه الترمذي). هذا الحديث أخرجه الإمام الترمذي في سننه في كتاب البر والصلة عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، باب ما جاء في تعظيم المؤمن. من المعلوم أن رسولنا- صلى الله عليه وسلم- لم يترك طريقاً من طُرُق الخير إلا دَلَّّ أمته عليه، ولم يترك سبيلاً من سُبل الشرّ إلا وحَذَّر أمته منها، فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، وفي هذا الحديث النبوي الشريف يلفت الرسول الكريم- صلى الله عليه وسلم- أنظار المسلمين إلى أمور عظيمة وخصال ذميمة، طالما غَفُلَ كثيرٌ من الناس عنها ولم يفطنوا لها، حيث انتشرت في المجتمع، فَتَسَبَّبَت في نشر الأحقاد والضغائن بين المسلمين، وقطعِ الصلات والأرحام فيما بينهم. إن ديننا الإسلامي الحنيف ينهانا عن إيذاء المسلمين كما جاء في قوله سبحانه وتعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِينًا)، «سورة الأحزاب: الآية 58، وقد حذَّرت السنة النبوية الشريفة من ذلك كما جاء في قوله- صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ»، (أخرجه مسلم). حرمة دم المسلم من المعلوم أن ديننا الإسلامي الحنيف قد رسم الخطوط العريضة لسلامة الإنسان وكرامته وعدم الاعتداء عليه وقتله، كما جاء في قوله- صلى الله عليه وسلم-: «لا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّاراً يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ»، (أخرجه البخاري)، وقوله - صلى الله عليه وسلم-: «‏لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِم»، (أخرجه الترمذي)، وقوله- صلى الله عليه وسلم- أيضاً: «لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ اشْتَرَكُوا فِي دَمِ مُؤْمِنٍ ‏‏لأَكَبَّهُمُ‏ ‏اللَّهُ فِي النَّارِ»، (أخرجه الترمذي). ومن الأمور المؤسفة في هذه الأيام أن كرامة الإنسان قدْ ديست، وأن الاعتداء على حياته أصبح سهلاً وهيناً، وهذا كله مخالف لتعاليم ديننا الإسلامي، فقد انتشرت حوادث القتل بين المسلمين، حيث يُقتل الرجال، ويُيتم الأطفال، وتُرمل النساء، وتُخرب البيوت، وتُصاب الأمة بحالة من الذعر. أعراض المسلمين قرن النبي- صلى الله عليه وسلم - انتهاك عرضَ المسلم والتكلم فيه، واغتيابه، والوقوع في عرضه، قرن ذلك بقتل المسلم وسفك دمه، فقال- صلى الله عليه وسلم-: «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، لِيُبَلِّغ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ»، (أخرجه البخاري)، وعن عائشة- رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «أتَدْرُونَ مَا أَرْبَى الرِّبَا عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «إِنَّ أَرْبَى الرِّبَا عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ اسْتِحْلالُ عِرْضِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ»، ثُمَّ قَرَأَ- صلى الله عليه وسلم-: «وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثماً مُّبِينًا»، (أخرجه أبويعلى). الغيبة... إيذاء للمسلم إن الغيبة حرام بالكتاب والسنة وإجماع علماء الأمة، فالإسلام حَرَّم الغيبة، وهي أن تذكر أخاك بما يكره ولو كان ذلك فيه، وقبَّحَ أمرها بأنها كأكل لحم أخيه ميتاً، كما في قوله تعالى: (وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ)، «سورة الحجرات: الآية 12»، وقوله- صلى الله عليه وسلم-: «لمَّا عُرِجَ بي مررْتُ بِقَوْمٍ لهُمْ أظْفَارُ نُحاسٍ يَخمِشُونَ بها وجُوهَهُمُ وَصُدُورَهُم، فَقُلْتُ: منْ هؤلاءِ يَا جِبْرِيل؟ قَال: هؤلاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُوم النَّاسِ، ويَقَعُون في أعْراضِهمْ»، (أخرجه أبو داود)، وكما تَحْرُم الغيبة على المغتاب يحرم على السامعِ استماعها وإقرارها، كما في قوله تعالى: (وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ)، «سورة القصص: الآية 55». أخي القارئ: لو أن كل مسلم يردّ عن عِرض أخيه المسلم لم يتكلم أحدٌ في أحد، ولذهب الحقد والحسد والغل وسائر أمراض القلوب في مجتمعاتنا، وانتشر الحب والنصيحة بين المسلمين، كما جاء في الحديث: أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: «مَنْ رَدَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ، رَدَّ اللهُ عَنْ وَجْهِهِ النَّارَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، (أخرجه الترمذي)، فطوبى لمن شغلته عيوبه عن عيوب الناس، ويا ويح من يتتبع عورات المسلمين. وهل نخر مجتمعنا إلا ما في القلوب من حقدٍ وضغينة، ولو شغلتنا تقوى الله لكنَّا أهدى سبيلاً، وأقوم قيلا، فالواجب علينا جميعاً أن نبتعد عن إيذاء بعضنا بعضاً، ونحرص على التحابب. بقلم الشيخ الدكتور/ يوسف جمعة سلامة خطيب المسجد الأقصى المبارك www.yousefsalama.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©