الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

علماء: صلة الرحم.. أحب الأعمال والفضائل

علماء: صلة الرحم.. أحب الأعمال والفضائل
20 أكتوبر 2017 02:28
القاهرة (الاتحاد) دعا القرآن الكريم، والسنة النبوية إلى صلة الرحم، وهي من مكارم الأخلاق، وتعني الإحسان إلى الأقارب في القول والفعل، ويدخل في ذلك زيارتهم، وتفقد أحوالهم، والسؤال عنهم، ومساعدة المحتاج منهم، والسعي في مصالحهم، ولا شك أن المجتمع الذي يحرص أفراده على التواصل والتراحم يكون حصناً منيعاً، وقلعة صامدة، وينشأ عن ذلك أسر متماسكة، وبناء اجتماعي متين. وفي ظل التطور التكنولوجي، أصبح الجميع على اتصال ببعضهم دون الالتقاء أو الحديث المباشر، باستخدام طرق مختلفة مثل مواقع التواصل الاجتماعي، لتعد بديلاً عن التزاور واللقاء المباشر، وقد أثرت تلك الوسائل على سلوكيات الكثيرين، وأصبحوا يكتفون بـ«رسالة» على الهاتف. ويؤكد العلماء أن الدين الإسلامي الحنيف حث على صلة الأرحام ودعا إليها ورغّب فيها وحذر من قطيعتها. من شرائع الله يقول الدكتور طه أبو كريشة الأستاذ بجامعة الأزهر: الرحم تعني القرابة، وبناء على هذه الصلة يجب أن يسود الحب والود والتقارب والتراحم بين الناس، وتعد صلة الأرحام من شرائع الله لعباده التي بينها، وأكدها رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما لها من مكانة عظيمة وحرمة، ولقد حض الإسلام على إقامة مجتمع يسوده التعاون والتكافل والعمل على إرساء هذين المبدأين بدءاً من الفرد والأسرة حتى يشمل المجتمع والأمة كلها، ومن أهم العناصر المكونة لذلك صلة الرحم، ولأن الأسرة هي نواة تكوين المجتمع وصلاحه يتوقف على سلوكها فقد دعا الإسلام إلى صلة الأرحام باعتبارها الركيزة الأساسية للأسرة وفرض الإحسان إلى الأقارب، كما أعطى الإسلام هذه الصلة من التقدير ما هي جديرة به وحذر من قطيعتها، وجعلت تعاليم الدين صلة الأرحام من الأخلاق الإسلامية العالية لأنها تعني الحنان والإحسان لعظمتها ومكانتها، كما اعتبر الإسلام صلة الأرحام من الحقوق العشرة التي أمر الله بها في قوله تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىَ وَالْيَتَامَىَ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىَ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ...)، «سورة النساء: الآية 36». وتعتبر صلة الرحم علامة على الإيمان الصحيح، وبرهاناً على أن شخصية المسلم تتواصل مع الأهل والأقارب، يقول تعالى: (... وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىَ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ...)، «سورة الأنفال: الآية 75»، وتتمثل أهمية صلة الرحم في ترسيخ علاقات الحب والعطف والتراحم والتقارب بين أفراد المجتمع سواء أكانت الصلة مادية إذا كان الإنسان قادراً على ذلك، وغير القادر مادياً يكفي أن يسأل عن رحمه ويتابع أحوالهم، وهذا أمر يغنيهم عن السؤال إذا كانوا فقراء، ويرفع معنوياتهم ويجعلهم يشعرون بالأمان وبأنهم ليسوا وحدهم، ولا ننسى أن صلة الرحم ينشأ عنها قرب المرء من ربه ومغفرته لذنبه، والسماحة والعفو مع الأقارب ينشأ عنه عفو وصفح من الله عز وجل. مظاهر صلة الرحم يقول الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، إن صلة الرحم من الأمور الواجبة، ترسيخاً لمبادئ الحب والتعاون والوئام، فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «إنّ الرحم معلّقة بالعرش، وليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا انقطعت رحمه وصلها»، وصلة الرحم من خير أخلاق أهل الدنيا كما ورد عن رسول الله، أنه قال: «أَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى خَيْرِ أَخْلاقِ أَهْلِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، أَنْ تَصِلَ مَنْ قَطَعَكَ، وَتُعْطِيَ مَنْ حَرَمَكَ، وَتَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَكَ». وتتجلى مظاهر صلة الرحم بالاحترام والتقدير والزيارات المستمرة وتفقّد أوضاعهم النفسية والمادية، وتوفير مستلزمات العيش الكريم لهم، وكفّ الأذى عنهم، ولأن الإسلام دين التآزر والتعاون والوئام، لذا حرّم جميع الممارسات التي تؤدّي إلى التقاطع والتدابر، فحرّم قطيعة الرحم، روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اثنان لا ينظر الله إليهما يوم القيامة: قاطع رحم، وجار السوء»، وقطيعة الرحم موجبة للحرمان من البركات الإلهية، كنزول الملائكة وقبول الأعمال، وقال صلى الله عليه وسلم: «إنّ الملائكة لا تنزل على قوم فيهم قاطع رحم». واجبة كالفرض وأوضح الدكتور مجدي عاشور أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية أن صلة الأرحام تتحقق بأمور كثيرة، منها زيارتهم والسؤال عنهم، وتفقد أحوالهم، والإهداء إليهم، والتصدق على فقيرهم، وتوقير كبيرهم، ورحمة صغيرهم، وعيادة مرضاهم، وإجابة دعوتهم، واستضافتهم، وإعزازهم وإعلاء شأنهم، ومشاركتهم في أفراحهم، ومواساتهم في أحزانهم، والدعاء لهم، وإصلاح ذات البين إذا فسدت، والحرص على توثيق العلاقة وتثبيت دعائمها معهم، وأعظم ما تكون به الصلة، أن يحرص المرء على دعوتهم إلى الهدى، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وبذل الجهد في هدايتهم وإصلاحهم. فقد أوصى القرآن الكريم بالإحسان إلى الأقارب وذوي الأرحام، وجعلت تعاليم الإسلام صلة الرحم واجبه كالفرض، لأنها من أحب الأعمال إلى الله سبحانه وتعالى، وقد حث الإسلام على صلة الرحم لأنها من أصول الفضائل، كما توعد قاطعها بأفظع العقوبة، فمن وصل رحمه وصله الله، ومن قطعها قطعه الله. ولكن في الفترة الأخيرة سادت الأمور المادية الجافة على الود والتقارب والوصال الاجتماعي، وغلبت الأهواء والنفس الأمارة بالسوء على كثير من القيم والمبادئ التي حث عليها الدين الإسلامي، فصارت صلة الرحم في المجتمعات الإسلامية أمراً ثانوياً حتى وصل إلى أن بعض الأسر لا تجتمع مع بعضها إلا في المناسبات فقط، وقد لا تجتمع. وصلة الرحم مفهوم أساسي نص عليه الدين الإسلامي، والأرحام تعني الأقارب ذوي الرحم الواحدة، بوصف القرآن الكريم: (... وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ...)، «سورة النساء: الآية 1»، وكانت العرب في الجاهلية تقول: أسالك الله والرحم، فلم ينكرها الإسلام على سبيل الاستعطاف، وعن عبد الرحمن بن عوف قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «قال الله تبارك وتعالى: أنا الله وأنا الرحمن، خلقت الرحم، وشققت لها من اسمي، فمن وصلها وصلته، ومن قطعها قطعته». عقاب قاطع الرحم ويؤكد الشيخ محمود عاشور- وكيل الأزهر السابق وعضو مجمع البحوث الإسلامية، أن قاطعي الرحم يستحقون لعنة الله وغضبه، تطبيقاً لقوله عز وجل: (وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ)، «سورة الرعد: الآية 25»، كما أن قطع صلة الرحم تجلب لصاحبها سوء العاقبة في الدار الآخرة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم، فقالت هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال الله نعم أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك، قالت بلى، قال الله سبحانه فذلك لك، ثم قال رسول الله عليه السلام اقرأوا قوله عز وجل: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَ?ئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىَ أَبْصَارَهُمْ)، «سورة محمد: الآيات 22 - 23»، وفي هذا تحذير من الله من قطيعة الرحم، وعدها ذنباً عظيماً، لأنها تفصم الروابط بين الناس وتشيع العداوة والبغضاء، وتعمل على تفكيك التماسك بين الأقارب. ولا يمكن على الإطلاق أن ننمي صلة الرحم إلا إذا قمنا بتنمية صلتنا بالله عز وجل وبشريعته والانتماء إلى الوصايا والتوجيهات القرآنية ونأخذها بمأخذ الجد على أنها عقيدة وعبادة لله سبحانه وتعالى، والصلة الحقيقية أن تصل من قطعك فالمرء إذا زاره قريبه فرد له زيارته ليس بالواصل، لأنه يكافئ الزيارة بمثلها، وكذلك إذا ساعده في أمر وسعى له في شأن، أو قضى له حاجة فردّ له ذلك بمثله لم يكن واصلا بل هو مكافئ، فالواصل حقاً هو الذي يصل من يقطعه، ويزور من يجفوه ويحسن إلى من أساء إليه من الأقارب، فعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها». وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً، قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إليّ، وأحلم عليهم ويجهلون عليّ فقال صلى الله عليه وسلم: «إن كنت كما قلت فكأنما تُسِفهّم المَلّ ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك»، «والمَلّ : الرماد الحار»، قال النووي: يعني كأنما تطعمهم الرماد الحار، وهو تشبيه لما يلحقهم من الإثم بما يلحق آكل الرماد الحار من الألم، ولا شيء على هذا المحسن إليهم. أمرنا الله بصلة الأرحام يقول الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر: أمر الله بصلة الأرحام، والبر والإحسان إليهم، ونهانا عن قطيعتهم والإساءة إليهم، بل إنه تعالى حذر تحذيراً شديداً من مقاطعتهم، وأحاديث النبي كثيرة عن صلة الرحم، قال صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©