الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

فاطمة الصايغ: خوف الغربيين وحذر المسلمين غيّبا الحقائق

فاطمة الصايغ: خوف الغربيين وحذر المسلمين غيّبا الحقائق
14 يوليو 2014 00:51
ألقت الدكتورة فاطمة الصايغ، الأستاذة بجامعة الإمارات، محاضرة بعنوان «إسهام الثقافة العربية الإسلامية في الحضارة الغربية» وذلك يوم السبت الماضي، في قاعة ملتقى الكتاب بمركز إكسبو الشارقة، ضمن فعاليات الشارقة عاصمة الثقافة الإسلامية، قدمها الإعلامي حامد بن كرم. في البداية أشارت الصايغ إلى أن أغلب الكتب والمقالات والمحاضرات التي كتبت حول دور الثقافة الإسلامية في الغرب تجاهلت دور الحضارة الإسلامية في الارتقاء بالحضارة الغربية. فالمسلمين الذين امتد نفوذهم من الصين شرقاً إلى إسبانيا غرباً نجحوا في نشر ثقافتهم المستمدة ليس كما يدعي البعض من عمق الصحراء بل من تعاليم الإسلام السمحة التي أرسلت لكل الناس، ومع ثقافتهم نشروا اللغة العربية التي أصبحت في فترة وجيزة لغة عالمية. تشارلز وهنتنجتون وأضافت الصايغ: إن هذه النظرة لم تأت من فراغ ولكن نتيجة عدم قراءة الحقائق وتحليلها بموضوعية، واستشهدت على ذلك بحديث الأمير شارلز ولي عهد بريطانيا في 23 أكتوبر عام 1993م، حيث قال «إذا كان هناك نوع من الجهل حول طبيعة الإسلام في الغرب فإن هناك الكثير من الجهل حول الدور الذي لعبه الإسلام لرفد الثقافة والحضارة الغربية. الغرب مدين للحضارة الإسلامية بالكثير. ولكن الغرب تعود دائماً أن ينظر إلى الإسلام على أنه خصم، وصاحب حضارة مختلفة عن الحضارة وطرائق الحياة والتفكير الغربية ولهذا يعمد الغرب دائماً إلى تجاهل أو نسيان أو محو عظمة ما قدمته الحضارة الإسلامية للحضارة الغربية». وتابعت الصايغ: إن الأمير شارلز أحد الذين أدركوا بقراءتهم العميقة الدور الكبير والحقيقي الذي لعبه الإسلام في الارتقاء بالحضارة الغربية. وأضافت: حديث الأمير شارلز لامس لب القضية التي تشغل الغربيين كما تشغلنا نحن كمسلمين. فهو يشرح أسباب هذا الجهل أو التجاهل الغربي لدور الحضارة العربية الإسلامية في رفد حضارة الغرب والارتقاء بها. فعلى الرغم من قيام المدارس الغربية بتدريس طلابها المنهج الاستقرائي القائم على التحليل والنقد إلا أن الغربيين لا يدرسون لطلابهم الحقائق كاملة حول الدور الذي أسهمت به الحضارة العربية الإسلامية تجاه الحضارة الغربية. وأرجعت ذلك إلى الخوف وأنهم يعتبرون الحضارة الإسلامية خصماً. واستشهدت على ذلك بما كتبه المؤرخ صامويل هنتنجتون عندما قال: إن الصراع القادم بين الشرق والغرب ليس صراعاً سياسياً ولا عسكرياً بل صراعاً أيديولوجياً، وأن الصراع القادم سوف يكون بين الغرب والإسلام. ووصفت أراء هنتنجتون بالمتطرفة وشجعت على ظهور آراء أخرى مشابهة من الطرفين. فمن الجانب المسلم ظهر من يدعو إلى مقاطعة الغرب الكافر، ومن الغرب حذر من تنامي دور المسلمين. وأشارت الصايغ إلى أنه بعد أحداث سبتمبر 2001م شدّ الحديث عن الإسلام ملايين الغربيين الذين أرادوا أن يعرفوا الإسلام ومبادئه الحقيقية. وسادت بعد تلك الهجمات الإرهابية موجة خوف وقلق غربي من الإسلام ذلك الدين الذي أنتج كل هؤلاء الإرهابيين. وسادت موجة من السخط في العالم الإسلامي. هذا الخوف المتبادل من قبل الطرفين دفع العديد من الباحثين والأكاديميين إلى البحث والتنقيب والكتابة عن الإسلام والمسلمين ودورهم في محاولة لإعادة الحق إلى نصابه ومحاولة إعادة الإسلام ممن يحاول تشويه صورته أو اختطافه. علوم الأقدمين وتابعت الصايغ قائلة: لعب المسلمون دوراً مهماً ليس فقط في نقل وحفظ علوم وتراث الأقدمين من الإغريق والرومان والفرس والهنود ولكن في الإضافة عليها والإبداع فيها. فقد أضاف المسلمون الكثير من الإبداع ليس فقط إلى العلوم الطبيعية المعروفة كالرياضيات والفلك والكيمياء والطب والجراحة والمعمار بل إلى علم الاجتماع والفلسفة في زمن اطلق عليه الغربيين زمن «عصور الظلام» أو العصور الوسطى. والتي عايشوها خلال الفترة ما بين 450م و1492م. في وقت كانت الصحوة الإسلامية تبهر العالم وتنشر بين جنباته العلم والنور والثقافة والمعرفة. وقالت الصايغ: وعلى الرغم من اعتراف الغربيين بهذه الحقيقة إلا أنهم لا يضمنونها في كتب المدارس ولا في التاريخ الذي يدرسونه لأبنائهم. هذا النسيان أو هذا التجاهل هو السبب في الجهل بطبيعة الإسلام وحقيقة دور الحضارة العربية الإسلامية للبشرية جمعاء. وأشارت الصايغ إلى أن الموسوعة الإسلامية ضمت مائة اختراع قام به المسلمون في أكثر من مجال. واختارت منهم سبعة مجالات تميز بها العلماء المسلمون على الغرب وهي: المدن، البيوت، المدارس، المستشفيات، الأسواق، عالم البحار، وعلوم الفلك والفضاء. وقالت الصايغ: هذه المجالات السبع كان السبق فيها للعلماء المسلمين أمثال ابن الهيثم، ابن رشد، الرازي، الفاربي، ابن سينا، والخوارزمي وغيرهم الكثير. وأوضحت الصايغ أسباب تميز العرب وتفوقهم في هذه المجالات السبع، ففي مجال الاختراع والتكنولوجيا اخترعوا الساعة لضبط الوقت، وطوروها وكانت هناك أنواع منها، كالساعة المائية أو الساعة ذات البندول، ويرجع الفضل في ذلك إلى المخترع المسلم الجزاري في عام 1206م، والذي كتب كتاب «المعرفة في علوم الآلات الميكانيكية» وقسمه إلى ستة أقسام وخصص قسماً للساعات المائية. وفي مجال العلم والمكتبات كانت هناك دار الحكمة أهم مكتبة في تاريخ البشرية والتي ضمت الآلاف من المخطوطات، والتي شيدت في بغداد وأحرقها التتار عام 1258م، ومكتبة جامع الزيتونة في تونس. وفي مجال الجامعات ودور العلم، كان أول جامعة في الغرب ظهرت في القرن الثاني عشر أي قبل أقل من 9 قرون بينما أنشئ الأزهر الشريف كأول جامعة في العالم قبل ألف عام. وفي مجال المعرفة والترجمة آلاف المخطوطات العربية ترجمت إلى اللاتينية وبالتالي تم نقل المعرفة الإغريقية والرومانية والفارسية عبر العربية إلى الغرب. وفي اختراع الكلمة فالقواميس الانجليزية تشير إلى حوالي 10 آلاف كلمة انجليزية تم أخذها من اللغة العربية. وفي مجال القصة يتصدر ابن طفيل في قصته الشهيرة (حي بن يقظان) مكانة كبيرة في التراث الأدبي الغربي كأول قاص ومن بعده بدأ الغربيون في تقليد هذا النمط من القصص. وفي الطرز المعمارية فقد نقلها الغربيون عن طريق إسبانيا والأندلس وبناء عليها طوروا طرزهم المعمارية وطريقة البناء. واختتمت الصايغ موضحة أن أسباب تدهور العرب يرجع إلى الهيمنة الأوروبية، وضعف الخلافة، والانقسام إلى دويلات متناحرة، وانتقال الخلافة للأتراك والتدهور السياسي الذي أثر على كل مجالات الفكر والإبداع، وأخيراً الجمود الفكري الذي أصاب الأمة. وقالت: لابد أن نبدأ بأنفسنا نتعلم ونفهم أن الإسلام دين السماحة والسلام ونعي حقيقة مفهوم الإسلام، بهذا نكون نجحنا في تعريف الآخر بالإسلام وحضارته التي أفادت الإنسانية جمعاء. (الاتحاد الشارقة)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©