السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

مودعو البنوك في مصر يبحثون عن أوعية استثمارية جديدة

25 سبتمبر 2010 21:38
دفع قرار لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري قبل أيام القاضي بتثبيت أسعار الفائدة عند حدود 8.25 بالمئة للإيداع و8.75 للخصم للمرة الثامنة على التوالي خلال العام الجارى مودعي البنوك في مصر للبحث عن أوعية استثمارية بديلة، فيما يواصل مؤشر التضخم صعوده ليكسر حاجز 13 بالمئة، ولكنهم يواجهون تحديات تتمثل في تقلبات عنيفة في سوق الأسهم وتباطؤ للسوق العقارية. وعلى الرغم من أن قرار لجنة السياسات النقدية استند الى الرغبة في كبح جماح التضخم إلا أن هؤلاء الخبراء يؤكدون أن التضخم في حالة ارتفاع مستمر، بسبب انفلات أسعار السلع الرئيسية وضعف الرقابة على الأسواق وتراجع الانتاجية مقابل تزايد الاستهلاك. وحسب أحدث تقرير صادر عن البنك المركزى المصري فإن اجمالي الودائع داخل الجهاز المصرفي سجل في أغسطس الماضي نحو 868 مليار جنيه، بارتفاع 13 بالمئة مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي الأمر الذي يشير الى تراكم السيولة داخل البنوك دون أن تحظى بسياسات توظيف ناجحة، كما أن السيولة الزائدة دفعت البنوك الى البحث عن آليات توظيف آمنة على الرغم من انخفاض العائد عليها مثل الاكتتاب في سندات وأذون الخزانة، وبالتالي فإن بعض الخبراء يرون أن الإبقاء على سياسات متدنية من أسعار الفائدة على الودائع بالبنوك من شأنه الإضرار بمختلف أطراف اللعبة الاقتصادية، وفي مقدمتهم المودعون وأصحاب المدخرات المحدودة من القطاع العائلي الذين يبحث الكثير منهم حاليا امكانية سحب مدخراتهم من البنوك وتوجيهها لقنوات استثمارية أخرى. ويواجه هؤلاء المودعون أزمة كبرى في استثمار مدخراتهم نظرا لأن الأوعية الاستثمارية الأخرى فقدت الكثير من بريقها وجاذبيتها، وتراجعت الأرباح التي تحققها هذه القنوات وفي مقدمتها السوق العقارية وبورصة الأوراق المالية. فالسوق العقارية المصرية تعاني حاليا من ركود ممتد منذ أكثر من عام لأسباب متنوعة وجاءت تطورات قضية الحكم الصادر ببطلان عقد تخصيص أرض “مدينتي”، ليزيد حالة الارتباك والركود فى القطاع العقاري بصفة عامة لا سيما في ظل ارتفاع أسعار العقارات الى مستويات تحول دون تداولها بيعا وشراء بين فئات واسعة من المواطنين، وكذلك ترقب الجميع لتطورات مستقبل السوق والانتظار وعدم الشراء حاليا أملا في تراجع نسبي للأسعار ومن ثم تكاد تختفي المضاربات التى كانت تعيش عليها السوق بصفة رئيسية، وهي المضاربات التي كانت تحقق لأصحابها أرباحا كبيرة. وبالتوازي مع ذلك فإن بورصة الأوراق المالية تمر بحالة من الهدوء النسبي بعد فترة الأعياد وتشهد الأسهم القيادية تراجعا ملموسا، بسبب تراجع أحجام التداول ونقص السيولة بصفة عامة وبالتالي فإن البورصة لم تعد ملاذا آمنا لأصحاب المدخرات، الأمر الذي يعني أن هؤلاء لم يعد أمامهم سوى البنوك رغم العائد المتدني الذى تدفعه لهم. ويرى المودعون أن لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري انحازت في قراراتها الأخيرة لكبار المستثمرين وأصحاب المصانع والمشروعات الكبرى الذين يقترضون من البنوك أموالا بأسعار منخفضة، أي أنهم يحصلون على تمويل منخفض التكلفة لمشروعاتهم. ويطالب المودعون البنك المركزي بضرورة اتخاذ سياسة محايدة لتحديد أسعار الفائدة الدائنة والمدينة بالبنوك بدلا من السياسة المنحازة لصالح عملية تشجيع الاستثمار والتشغيل والنظر بعين الاعتبار لمصالح المودعين. ويرى خبراء أن حل هذه المعضلة أمام أصحاب المدخرات المحدودة هو التوجه مباشرة لشراء السندات، سواء كانت صادرة عن وزارة المالية أو عن شركات القطاع الخاص القائدة في مجالاتها لأن هذه السندات تعطي عائدا أعلى بكثير من عائد الودائع بالبنوك. ويشير هؤلاء الى أن بعض شركات القطاع الخاص وفي مقدمتها مجموعة “أوراسكوم” انتهزت فرصة تدني العائد على الودائع بالبنوك وبادرت بطرح سندات مدتها 5 سنوات وتعطي فائدة 11.75 بالمئة، بما يفوق 3 بالمئة كفرق بين أسعار العائد بالبنوك واسعار العائد على هذه السندات. وتشير التوقعات الى أن هذه السندات سوف تحظى بإقبال كبير على خلفية رغبة كثير من المستثمرين الأفراد في ضخ جانب من استثماراتهم في هذه السندات، لاسيما أنه سيتم تداولها في البورصة ويصرف العائد المقرر عليها كل 6 شهور ويحق للشركة المصدرة رد قيمة السندات قبل موعد استحقاقها. ويحذر الخبير المصرفي والعضو المنتدب لبنك الشركة المصرفية العربية السابق أحمد قورة من استمرار سياسة افقار المودعين عبر اجبارهم على القبول بعائد متدن على مدخراتهم، في الوقت الذي يواصل فيه التضخم صعوده على حساب الفئات محدودة الدخل. ويرى أن مواصلة تثبيت أسعار الفائدة على الودائع بالبنوك من شأنه أن يؤدي الى هروب هؤلاء المودعين من الجهاز المصرفي والارتماء مرة أخرى في أحضان شركات توظيف الأموال، وهي صناديق استثمارية غير مسجلة، تداعب أحلام وأطماع بعض الناس خاصة أن هذه الشركات بدأت تعود للظهور مجددا على الساحة، والخطير في عودة ظهورها هذه المرة هو ظهورها في المناطق الريفية بعيدا عن الرقابة وأضواء الاعلام في العاصمة والمدن الكبرى، وبالتالي فإن ظهورها في المناطق الريفية من شأنه أن يؤدي الى الاستحواذ على معدلات كبيرة من مدخرات المواطنين وتوجيهها الى عمليات مضاربة وأنشطة غير مشروعة مثلما كان يحدث في الماضي. ويشير أحمد قورة الى أن منطق لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري في استمرار تثبيت أسعار الفائدة غير واقعي، حيث أن اللجنة دائما ما تستند الى الرغبة في تشجيع الاستثمار عند اتخاذها مثل هذه القرارات، ولكن الدراسات والتجارب أثبتت أن تكلفة التمويل لا تلعب دورا كبيرا في تشجيع أو جذب الاستثمار لأن هناك العديد من العوامل الأخرى الأكثر أهمية، ويأتي في مقدمتها استقرار التشريعات وتوافر السوق والعمالة والمواد الخام وغيرها من حوافز ضريبية أو جمركية، وبالتالي فإن خفض تكلفة التمويل وحده لا يكفي في هذا المجال ومن ثم لا داعي لتحميل أصحاب المدخرات المحدودة أعباء لا تؤدي الى أية نتائج ايجابية. وتقول فاطمة لطفي - نائب رئيس بنك الاسكندرية- إن استهداف التضخم لا يكون عبر ممارسة الضغوط على أسعار الفائدة ولكن الخطوة الأخيرة من جانب البنك المركزي تستهدف بالدرجة الأولى معالجة تباطؤ النمو ومساعدة الاقتصاد الكلي على اجتياز تداعيات الأزمة المالية العالمية التى تجسدت في تراجع حجم الاستثمارات الأجنبية الواردة للبلاد خلال العام المالى الماضي، لتقف عند حدود 6.8 مليار دولار مقابل 8.3 مليار دولار في العام السابق وبالتالي فمطلوب من الاستثمارات المحلية أن تسد فجوة التمويل بتكلفة معقولة، ومن ثم كان قرار الابقاء على أسعار الفائدة عند حدودها الحالية الى جانب تحقيق هدف آخر بطبيعة الحال وهو حث الأفراد على البحث عن آليات غير تقليدية للاستثمار المباشر بدلا من الاعتماد طول الوقت على عائد ودائع البنوك، لأن ذلك من شأنه أن يخلق طبقة تعيش على هذا العائد مما يضر بمناخ الاستثمار في نهاية المطاف.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©