السبت 11 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تركيا والأكراد.. أعداء الأمس أصدقاء اليوم

تركيا والأكراد.. أعداء الأمس أصدقاء اليوم
14 يوليو 2014 01:06
سيلكان هاكاوجلو أنقرة - تركيا أصبح زعيم الأكراد العراقيين، مسعود البارزاني، أفضل أصدقاء أنقرة في الشرق الأوسط، بعد أن كان في الماضي القريب يوصف بعدو الدولة التركية. وعلى مدار عقود، اعتبرت تركيا أن طموحات برزاني الرامية إلى الاستقلال تمثل تحريضاً للأكراد على أراضيها الذين حملوا السلاح لنيل حكم ذاتي. وأثناء الغزو الأميركي للعراق في عام 2003، والذي أسقط نظام صدام حسين، شارفت تركيا على إرسال قوات إلى شمال العراق بغية منع الأكراد من توسيع حدودهم لتشمل مدينة كركوك الغنية بالنفط. لكن خلال الشهر الماضي، سقطت المدينة في أيدي الأكراد من دون قتال، ومن دون أية دلالات على قلق تركي في خضم الأزمة الأخيرة التي تضرب العراق. وقد غير ازدهار التجارة مع الأكراد خلال سنوات التدخل الأميركي وجهات النظر، ومع توسع قطاع النفط في إقليم كردستان العراقي، تقدم تركيا الطريق الوحيد للسوق العالمية. وبينما تدعم الإيرادات النفطية اقتصاداً ناهضاً في الجزء الأكثر استقراراً داخل العراق، توفر الشركات التركية السلع الاستهلاكية ومقاولي البناء. وفي الداخل، أقدم رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان على خطوة كانت محرمة في السابق لبدء محادثات السلام مع المتمردين الأكراد المسلحين. ويرى نيهات علي أوكزان، المحلل لدى «مؤسسة أبحاث السياسات الاقتصادية» في أنقرة، أن «السبب الرئيس وراء تغير موقف تركيا تجاه أكراد العراق والبارزاني يكمن في مصالحها التجارية»، مضيفاً: «إن الحكومة لم تعد تنظر إلى الأكراد، سواء في الداخل أو في العراق، على أنهم يمثلون تهديداً لوحدتها، ومن ثم تسعى الآن لممارسة نفوذها الاقتصادي والسياسي عليهم». وتمثل التجارة مع المنطقة الكردية، والتي يبلغ تعداد سكانها أربعة ملايين نسمة، حصة كبيرة من صادرات تركيا إلى العراق، والتي بلغت قيمتها زهاء 12 مليار دولار خلال العام الماضي، ما يجعلها ثاني أكبر سوق بعد ألمانيا. ويعمل أكثر من 1300 شركة تركية في الإقليم الكردي. وتمثل احتياطات النفط الكردية التي تقدر بنحو 45 مليار برميل، بديلاً لإمداد الاقتصاد التركي الذي يُقدر حجمه بنحو 800 مليار دولار، والذي يعتمد على واردات الطاقة. وقد ازدهرت العلاقة بين الطرفين مع تدهور العلاقات في الشرق الأوسط. فمنذ اندلاع موجة الاضطرابات في عدد من الدول العربية عام 2011، انهارت علاقات تركيا مع حلفائها السابقين في سوريا وإيران. ويختلف كل من أردوغان والبارزاني مع حكومة العراق بقيادة نوري المالكي. وقد انخرط البارزاني في نزاع قديم مع بغداد بشأن الأرض والإيرادات النفطية لصالح الأكراد، بعد أن سيطر المتمردون الإسلاميون على الموصل ومدن عراقية أخرى الشهر الماضي. ومع فرار جيش المالكي، تولت قوات كردية السيطرة الكاملة على كركوك، والتي تعتبر موطناً لأكبر حقول النفط في شمال العراق. وأكد البارزاني أنه لا رجوع عن هذه الخطوة، وطالب مسؤولون أكراد بالتأهب لإجراء استفتاء على استقلال كردستان، بينما ذهب وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى العاصمة الكردية أربيل سعياً للحصول على تطمينات بأن العراق سيبقى موحداً. وبعد كثير من التراشقات الحادة، انتهت فكرة انخراط الأكراد في حكومة المالكي يوم الجمعة الماضي بتعليق رسمي للعلاقات. واتهم بيان من حكومة إقليم كردستان المالكي بـ«الهستيرية» بعد زعمه أن «الأكراد يأوون الإرهابيين». وأيّا كان شكل العراق المستقبلي، فإن تركيا وضعت الأساس لعلاقات سياسية واقتصادية أوثق مع الأكراد بمجرد حل الوضع الأمني، حسبما أفاد تشارلز ديون، مدير برامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى منظمة «فريدوم هاوس». وأضاف ديونز: «ربما لا تزال تركيا حذرة من قيام دولة فعلية للأكراد، لما يحمله ذلك من مخاطر داخلية؛ ذلك أن تحقيق خطوات ناجحة صوب استقلال الأكراد في العراق، وهو أمر يكتسب زخماً متزايداً، من شأنه زيادة مطالب بحكم ذاتي سياسي أو حتى الاستقلال في الدول المجاورة التي تضم كثيراً من السكان الأكراد». وخاضت تركيا معارك طويلة ودامية مع المتمردين الأكراد، وقُتل ما يربو على 40 ألف شخص منذ عام 1984، بينما سعى الجيش لإخماد مغاوير «حزب العمال الكردستاني» الذين يخوضون حرب الشوارع. وقد دفعت مبادرة السلام التي عرضها أردوغان على زعيم المتمردين الأكراد عبدالله أوجلان إلى دعوة أنصاره بوقف إطلاق النار العام الماضي، وطلب من مقاتليه مغادرة الأراضي التركية. وصادق المشرعون في أنقرة يوم الخميس الماضي على مشروع قانون لتحسين حقوق الأكراد ونزع سلاح المسلحين. ولا ريب أن ثمة أسباباً دفعت أردوغان إلى تلبية مطالب الأكراد، خصوصاً أن أصواتهم ربما تكون أساسية في منافسته على الرئاسة في انتخابات الشهر المقبل. وقد سعى الزعماء الأوائل للجمهورية التركية، التي تأسست في عام 1923، لضم كركوك والموصل ضمن حدودهم. لكن تركيا تخلت عن مطالبتها بهذه الأراضي في عام 1926، ورغم ذلك واصلت البحث عن نفوذ لها هناك. ووضع الجيش التركي كتيبة دبابات بالقرب من مدينة باميرني على الحدود العراقية على مدار عقدين، وكثيراً ما أرسل طائرات وقوات عبر الحدود لاستهداف مقاتلي حزب العمال الكردستاني ممن يستخدمون المنطقة كمنصة لتنفيذ هجماتهم. وإذا كانت هناك أية دلالة في الوقت الراهن على انتشار النزعة الانفصالية عبر الحدود، فإن الاعتماد الاقتصادي لأكراد العراق على تركيا سيمنح أردوغان بعض النفوذ، خصوصاً أن تركيا تسيطر على صمام خط الأنابيب الذي يحمل النفط من شمال العراق الذي يهيمن عليه الأكراد إلى العالم الخارجي. يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©