الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

توفير آليات التمويل يحدد مستقبل الاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة

4 ديسمبر 2016 20:17
اجتاز قطاع الطاقة المتجددة المرحلة التي لا يزال يعتمد خلالها على الدعم الحكومي والعوامل الأيديولوجية لتحقيق النمو على المدى الطويل. والدليل على ذلك واضح، حيث شهدت مصادر الطاقة المتجددة نقلات تكنولوجية مكنتها من تعزيز دورها وتنافسيتها التجارية ضمن مصادر الطاقة المختلفة. ووفقاً للبيانات الصادرة عن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا»، فقد وصل حجم الاستثمارات العالمية في قطاع الطاقة المتجددة إلى مستويات قياسية، إذ بلغ 300 مليار دولار عام 2015، بزيادة قدرها 5 أضعاف مقارنة بعام 2004. وبينما تتوقع الوكالة الدولية للطاقة أن يرتفع حجم الطلب العالمي على الطاقة بنسبة 30% بحلول عام 2040، ورغم التوقعات بارتفاع مستوى استهلاك جميع أشكال الوقود الحديثة، فإنه من المتوقع أن يكون استهلاك الطاقة المتجددة الأسرع نمواً. وفي هذا الصدد، عززت الابتكارات التقنية والخبرات التشغيلية من القدرة التنافسية للطاقة الشمسية وطاقة الرياح من حيث التكلفة، وخلقت منها فرصاً اقتصاديةً أكثر جاذبية. ولكن لا يجب الاكتفاء بهذه المعطيات، فمضاعفة حصة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة العالمي بحلول العام 2030 تتطلب ضخ استثمارات تصل إلى 100 مليار دولار سنوياً على أقل تقدير. لقد مهدت الشراكات بين القطاعين الحكومي والخاص في دولة الإمارات وغيرها من دول منطقة الشرق الأوسط الطريق نحو إنشاء محطات كبيرة لتوليد الطاقة المتجددة. وخير مثال على ذلك، مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية في دبي. إذ أتاح وجود شريك أساسي وموثوق في الاستثمار، وهو هيئة كهرباء ومياه دبي، للشركات التي تقدمت للمناقصة أن تطرح تعرفات تنافسية للغاية. كما وفرت عملية تنظيم المناقصة للمستثمرين مزيداً من الثقة والجرأة لقبول المخاطر بفضل ما تمتعت به من شفافية. وقد أثبت سجل «مصدر» الحافل بالعديد من مشاريع الطاقة المتجددة على مدى العقد الماضي أهمية حجم المشروع والخبرة التشغيلية في مثل هذه الاستثمارات، فالقدرة على توفير استثمارات أولية أساسية يؤمن المزيد من المرونة المالية خلال دورة حياة المشروع. ومع اتجاه الأسواق نحو مرحلة النضج، تشهد الجهات الفاعلة فيها تطوراً كذلك. فقد خصص بنك أبوظبي الوطني مؤخرا 10 مليارات دولار أميركي لاستثمارات الطاقة المتجددة على مدار السنوات العشر المقبلة، في حين تخطط هيئة كهرباء ومياه دبي لإطلاق صندوق لتمويل مشاريع الطاقة المتجددة بقيمة 27 مليار دولار أميركي. وكان مشروع «شمس1» في أبوظبي أول مشروع للطاقة المتجددة في منطقة الشرق الأوسط يتم تمويله عبر بنوك خاصة. رغم ذلك، لن تكون البنوك هي مصدر التمويل الوحيد لمشاريع الطاقة المتجددة، فعلى سبيل المثال، تشير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى قيام صناديق التقاعد وشركات التأمين بتوفير 2.8 تريليون دولار سنوياً لمشاريع الطاقة المتجددة. وتشير التقديرات إلى أن العقد الماضي قد شهد استثمار 4.5 تريليون في الأسواق الناشئة لتطوير مشاريع تتماشى مع معايير الأداء لدى مؤسسة التمويل الدولية، وهي مبادرة تهدف إلى دمج مفهوم الاستدامة في ممارسات الأعمال والممارسات المصرفية. وتعتمد أسواق الأسهم العالمية وبشكل متزايد على هذه المعايير لتطوير مؤشرات الاستدامة لديها، وهو ما قد يُؤثر على تخصيص الجهات الاستثمارية المؤسسية لنحو 120 تريليون دولار كأصول. كما سيشجع على دمج التقنيات الحديثة في ممارسات القطاع الخاص على نحو أكبر. ففي عام 2010، اتفقت 194 دولة موقعة على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ على تأسيس صندوق المناخ الأخضر، بهدف تعزيز ودعم المشاريع التي تتسم بانخفاض مستوى انبعاثات الكربون فيها وقدرتها على مواجهة التغير المناخي في الدول النامية. وأعلن الصندوق خلال مؤتمر الدول الأطراف 22 حصوله على قبول واسع النطاق في وقت سابق من هذا العام لتحمل الخسارة، وهو ما سيسمح له بالعمل في بيئات تنطوي على مخاطر أكبر، وتوجيه الأموال للدول الأقل تطوراً والأكثر عرضة لتداعيات تغير المناخ، إلى جانب استقطاب المزيد من الأموال من القطاع الخاص. ومن المتوقع أن تتمكن محفظة القطاع الخاص الحالية لدى الصندوق من توفير نحول 10 مليارات دولار لاستثمارها في مشاريع حالية. أما على صعيد الوطن العربي، فلم يكن التحول الكبير في التوجه نحو الفرص التي يوفرها قطاع الطاقة المتجددة ممكناً دون الخطط الطموحة التي أعلنت عنها دولة الإمارات وغيرها من الدول لتنويع اقتصادها، وقد لعبت شركات مثل «مصدر» دوراً فاعلاً من خلال دعم الابتكار الاستثمارات في مشاريع واسعة النطاق، والتي ساهمت في تحديد وتيرة هذا القطاع. وسيكون أسبوع أبوظبي للاستدامة، الذي سيُعقد في شهر يناير المقبل أول فرصة سانحة لعرض أدوات التمويل المتاحة بعد مؤتمر الدول الأطراف، والنظر في إمكانية تعزيز كفاءتها لتوفير الأموال الإضافية اللازمة لتحقيق الأهداف الرامية إلى الحد من آثار التغير المناخي وضمان وصول استثمارات الطاقة المتجددة إلى أكثر الأماكن التي تحتاجها. *بقلم بدر اللمكي، المدير التنفيذي لإدارة الطاقة النظيفة في «مصدر»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©