الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاستقرار الأفغاني... بمشاركة النساء

17 يناير 2011 23:17
أتبحثون عن مخرج من أفغانستان؟ ربما حان الوقت لتجربة شيء مختلف تماما، مثل أن نقوم، لأول مرة في التاريخ، بتطبيق أكثر قرار حكمة ورصانة مرره مجلس الأمن الدولي على الإطلاق: القرار 1325، الذي مرر في الحادي والثلاثين من أكتوبر 2000، ووصفه الكثيرون عبر العالم بأنه أكبر انتصار للنساء والسلام الدولي. وباختصار، يدعو هذا القرار إلى مشاركة النساء بشكل متساو في كل عمليات حل النزاعات وصنع السلام وإعادة الإعمار؛ وقد انبثق عن اعتراف بحقيقة أنه إذا كان الرجال الجالسين إلى طاولة المفاوضات مازالوا يتسابقون على السلطة والثروة، فإن النساء اللاتي تُشملن في العملية يعملن على الدفاع عن المصالح التي تتناغم تماماً مع مصالح المجتمع المدني؛ وذلك لأنهن يخفن على أطفالهن. وبالتالي، يفكرن في المأوى والماء الصالح للشرب ونظام الصرف الصحي والوظائف والرعاية الصحية والتعليم – كل الأشياء التي تجعل الحياة قابلة للعيش لشعب مستعد للحياة في سلام. لقد مرت تسع سنوات على شروعي في العمل في مجال المساعدات بأفغانستان، وينتابني شعور بالإحباط لقلة التقدم الذي يتم تحقيقه نحو مجتمع سلمي وقابل للعيش. غير أنني كلما قدمت اقتراحي المتواضع لتطبيق القرار 1325 للمسؤولين الأميركيين الذين يدعون التخصص في أفغانستان، يعارض معظمهم الفكرة بشدة؛ حيث يقولون إنهم يعرفون النظرية، ولكن ما يمنعهم من أن يرموا بثقلهم وراء القرار هي اعتبارات دقيقة لـ"النسبية الثقافية". ويذكِّرونني بأن أفغانستان ثقافة "تقليدية" عندما يتعلق الأمر بالنساء، ويقولون إن على الغربيين أن يحترموا ذلك. غير أن توق الرجال الغربيين للإذعان لهذه "التقاليد" يبدو مبالغاً فيه، ولاسيما أن لا أحد تقريباً من الرجال الأفغان الذين حكموا أفغانستان في الواقع بين 1919 و1989 عبَّر عن مشاعره. ثم إن الأفكار الحديثة، مثل فكرة المساواة بين الجنسين، توجد في صميم النضالات الثقافية الأفغانية منذ قرن من الزمن على الأقل. ففي عشرينيات القرن الماضي، أسس الملك أمان الله أول مدرسة ثانوية للفتيات وأول محكمة للأسرة للنظر في شكاوى النساء بشأن أزواجهن؛ كما أقر المساواة بين الرجال والنساء؛ وحظر تعدد الزوجات والبرقع؛ وأبعد الملالي المحافظين الذين كانوا يضعفون الصوفية المعتدلة لأفغانستان. صحيح أن أفكاره الحديثة كلفته تاجه؛ ولكن أمان الله، وزوجته لم تكن محجبة، مازال الناس يتذكرون جهوده الشجاعة والجريئة لإدخال البلاد إلى العالم الحديث. والواقع أن الآلاف من المواطنين الأفغان يتقاسمون مع أمان الله آراءه الحديثة، التي عبر عنها لاحقاً زعماء تعاقبوا على حكم أفغانستان، ملوكاً وشيوعيين على حد سواء. غير أنه في 2001، تبنت الولايات المتحدة – والمجتمع الدولي بشكل عام - حامد كرزاي وربطت مصيرها بمصيره؛ فنصبناه في السلطة بعد مؤتمر حول تقاسم السلطة في بون لم تُدع إليه سوى امرأتان أفغانيتان؛ ودفعنا ملايين الدولارات لتنظيم استحقاقين انتخابيين رئاسيين في 2004 و2009؛ وغضضنا الطرف حين كان رجال كرزاي يقومون بملء صناديق الاقتراع. واليوم، يبدو أننا بتنا عالقين معه و"تقاليده" المحافظة جداً التي تمقت النساء، في وقت بات فيه عدد متزايد من مراقبي أفغانستان يعتبرون كرزاي اليوم أكبر مشكلة تواجهها الولايات المتحدة في حربها التي لا نهاية لها. ولكن، ماذا فعل كرزاي من أجل نساء أفغانستان ؟ لاشيء. تلك هي خلاصة تقرير حديث صدر عن مجمع بحوث لحقوق الإنسان والدفاع عنها، وهو جمعية تضم منظمات مساعدات بارزة ومنظمات بحوث مستقلة في أفغانستان، أجرى خلاله باحثون أفغان مقابلات طويلة مع فقهاء دينيين وزعماء سياسيين وزعيمات على المستوى المحلي والإقليمي والوطني. ويلفت هذا التقرير إلى أن كرزاي يدعم قوانين قمعية بشكل متزايد ضد النساء، وفي مقدمتها قانون الأحوال الشخصية الذي وُضع "على النموذج الطالباني"؛ فهذا القانون يمنع النساء من الخروج من منازلهن دون موافقة الأزواج. كما يشير التقرير إلى أن هذه القوانين تحرم النساء حتى من الحريات الأساسية التي يضمنها دستور 2004 لكل النساء. أما سجل كرزاي بخصوص حقوق الإنسان، فهو لافت بشكل خاص من حيث ما لم يقم به، مثلما يوثق التقرير؛ ذلك أنه يتمتع بصلاحيات استثنائية للقيام بتعيينات سياسية؛ والحال أنه بعد 10 سنوات على وجوده في السلطة تقريبا، فإن وزارة واحدة فقط اليوم توجد على رأسها امرأة: وزارة الشؤون النسائية التي لديها سلطات استشارية فقط. كما لم يقم كرزاي بتعيين سوى حاكمة واحدة على أحد الأقاليم من بين 33 حاكما. (ويجوز التساؤل هنا: هل هي مصادفة أن يُنظر إلى إقليمها، باميان، عموماً باعتباره الأكثر سلماً في البلاد؟). وإضافة إلى ذلك، لم يعين كرزاي سوى امرأة واحدة في منصب عمدة المدينة؛ في حين لم يقم بتعيين أي أمرأة في المحكمة العليا. وبالتالي، فلا غرو أن يضم "المجلس الأعلى للسلام" في عضويته 60 رجلاً ولا امرأة واحدة حين عينه كرزاي لأول مرة قصد التفاوض مع طالبان؛ ومعظمهم كانوا من المشتبه فيهم المعتادين: زعماء حرب ووهابيون ومجاهدون... يتصارعون جميعهم على السلطة؛ قبل أن يضغط المجتمع الدولي، ويقوم كرزاي لاحقا بإضافة 10 نساء إلى المجموعة. هذا يعني-فرضاً- أنه من المستبعد الأخذ بمقترحي البسيط؛ وهذا خطأ! فنحن نعرف انطلاقاً من التجربة أن اتفاقات اقتسام السلطة بين المتحاربين تميل إلى الفشل وكثيراً ما تتطور إلى حرب مفتوحة في غضون بضع سنوات. ونعرف أيضاً أنه فقط لأن الرجال الكبار الذين في السلطة كفوا عن إطلاق النار على بعضهم بعضاً، فإن ذلك لا يعني أنهم أوقفوا الحرب ضد المدنيين وبخاصة النساء والفتيات، لأن عمليات الاغتصاب والتعذيب والبتر والقتل تستمر بلا هوادة أو تزداد. ولذلك، فإن الحرب، من منظور المدنيين، لا تنتهي عندما "تنتهي"؛ و"السلام" لا يكون بالضرورة سلاماً حقيقياً إطلاقاً. ولنا في جمهورية الكونجو الديمقراطية، عاصمة الاغتصابات في العالم أسوأ مثال، حيث تتعرض الآلاف من النساء للاغتصاب بشكل جماعي رغم أن البلاد توجد رسميا في حالة سلم منذ 2003. آن جونز - كاتبة أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم. سي. تي. إنترناشيونال"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©