الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

تقنيات مبتكرة في مجال الرعاية الصحية باستخدام الطباعة «ثلاثية الأبعاد»

تقنيات مبتكرة في مجال الرعاية الصحية باستخدام الطباعة «ثلاثية الأبعاد»
21 أكتوبر 2017 02:51
أبوظبي (الاتحاد) يركز باحثون من قسم الهندسة الطبية الحيوية بجامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا على تطوير مجموعة من التقنيات المبتكرة في الطباعة ثلاثية الأبعاد وهندسة الأنسجة للتوصل إلى أنسجة لينة فعالة يمكن زراعتها بدل الأنسجة الأصلية، سعياً منهم للمساهمة في علاج صمامات وأوعية وعضلات القلب لدى مرضى القلب في دولة الإمارات. ويهدف الباحثون في معهد مصدر بجامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا إلى تطوير أنسجة عالية الكفاءة من حيث تأمين عملية التواصل الكيميائي والميكانيكي والكهربائي بين خلاياها بشكل سليم فيما يُعرف بعملية «التداخل». ويقول الدكتور جيريمي شون منغ تيو، أستاذ مساعد في جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا: «لا نتعامل مع الخلايا كصناديق سوداء مبهمة، كما هو الحال في مجال الطباعة الحيوية ثلاثية الأبعاد، فنحن نحرص على فهم الأسس العلمية الخاصة بأنواع الخلايا، ومن ثم نقوم بتوظيف الطباعة ثلاثية الأبعاد لتطوير الأنسجة المطلوبة». ويعمل الدكتور تيو ضمن فريق من الباحثين المتخصصين في الطباعة الحيوية بجامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا، والذي يضم الدكتور تيم ماكلوغلن، أستاذ ورئيس قسم الهندسة الطبية الحيوية، والأستاذ المشارك الدكتور سيزار ستيفانيني، ويجري الفريق منذ عام 2012 عدداً من أبحاث هندسة الأنسجة ضمن الجامعة، في محاولة لتطوير أنسجة حية وأوعية دموية وأنسجة عضلية يمكن زراعتها لعلاج أمراض القلب والأوعية الدموية، التي تعد السبب الرئيس للوفاة في الإمارات. ولتحقيق ذلك الهدف، يقوم الباحثون بسلسلة من المشاريع البحثية في العديد من المجالات التي تندرج ضمن الهندسة الطبية الحيوية، ويشمل ذلك إجراء دراسات متعمقة حول كيفية إعادة برمجة «الخلايا الليفية» وتحويلها إلى خلايا للأنسجة الوعائية، بالإضافة إلى تطوير الطابعات الحيوية وإنتاج أحبار حيوية متطورة خاصة حسب أنواع الخلايا. محاولات سابقة ورغم أنه كانت هناك محاولات على مدى عدة قرون لاستبدال الأنسجة المريضة والتالفة بأخرى عبر تصنيع مواد معينة تحل محلها، فإن ما يعيب هذه المواد هو أنها محدودة الإمكانيات وغالباً ما تكون غير متطابقة من الناحية الفيزيولوجية مع الأنسجة الطبيعية. أما الآن وبفضل التقدم التقني الكبير في مجال هندسة الأنسجة وطب التجديد وظهور الطباعة الحيوية ثلاثية الأبعاد، يقترب العلماء أكثر من إمكانية تطوير أنسجة وأعضاء حية حسب الطلب ووفق أساليب مجدية اقتصادياً. وتعمل الطابعة الحيوية ثلاثية الأبعاد على توظيف المميزات المتنوعة للطباعة ثلاثية الأبعاد في تطوير أنسجة وأعضاء حية بمواصفات خاصة عبر بناء طبقات من خلايا تحتوي على أحبار حيوية، إلى أن يتم تشكيل العناصر المرغوبة بشكل دقيق، مثل صمام القلب أو الأوعية الدموية. ووفقاً لتقرير صدر مؤخراً عن شركة «فيجن جين» المتخصصة في مجال ذكاء الأعمال، من المتوقع أن يتجاوز سوق الطباعة ثلاثية الأبعاد لتطبيقات الرعاية الصحية 4 مليارات دولار بحلول عام 2018. وفي إطار أبحاث الهندسة الطبية الحيوية ضمن الجامعة، قام فريق من الطلبة الإماراتيين بمعهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا بتطوير طابعة ثلاثية الأبعاد، وقد نال عليها جائزة في الابتكار في وقت سابق من هذا العام، وبمقدور الطباعة ثلاثية الأبعاد استخدام الأحبار الحيوية التي طورها الفريق وتشكيل هياكل نسيجية دون الحاجة إلى هياكل دعم صلبة، ما يسهم في تقليل الوقت والتكلفة. خصائص مناسبة وبات بمقدور المهندسين العمل ضمن مختبرهم على تطوير أنسجة عظام عالية الكفاءة اعتماداً على الطباعة الحيوية، وذلك من خلال استخدام حبر طباعة مصنوع من مواد بوليمر صلبة تتسم بخصائص مناسبة للخلايا العظمية. لكن في المقابل، لا تزال الأنسجة اللينة تشكل تحدياً بالنسبة للمهندسين في مجال الطب الحيوي، وذلك نظراً لافتقارها لإمكانية التجدد، بالإضافة إلى تكوينها الهلامي الذي يصعب صناعته بالطباعة الحيوية. ويشرح الدكتور تيو: تتسم العظام بقدرة ممتازة على التجدد، وهذا ما ساعدنا على النجاح في عملية الدمج بين أنسجة العظام المطورة مخبرياً وأنسجة العظام الطبيعية، من ناحية أخرى، فإن الأنسجة اللينة أكثر تعقيداً لكونها لا تتجدد بسهولة وتعد أكثر حساسية للبيئة المحيطة بها، وبالتالي يجب توفير الشروط المناسبة لتحقيق الدمج بين الأنسجة اللينة المطورة مخبرياً والأنسجة اللينة الطبيعية وضمان أدائها السليم للوظائف الفيزيولوجية اللازمة. ولتوفير هذه الشروط الخاصة، عمل الدكتور تيو وطلبة الدراسات العليا سارة تمراز وعليا العامري على تحسين نوعية الحبر الحيوي. ويعتمد الحبر الحيوي على مادة «بوليمرية» مسامية تسمى «هيدروجيل»، ويتم استخلاصها من الطحالب أو الكولاجين ولها خصائص الأنسجة اللينة وتتراوح نسبة المياه فيها من 60% إلى 90%. وهذه الخصائص تحاكي الأنسجة اللينة الأصلية للجسم البشري التي تحتفظ بحوالي 70% من الماء، وبالتالي فإنها توفر بيئة مثالية تمكن الخلايا من القيام بوظائف «التداخل» ووظائف الأوعية الدموية المتمثلة في نقل الدم للحفاظ على سلامة أعضاء الجسم. ومع ذلك، لم ينجح أي فريق بحثي حتى الآن من توفير الشروط اللازمة لزراعة الأنسجة اللينة المطورة مخبرياً من الهيدروجيل ضمن جسم الإنسان. وللتغلب على هذه المشكلة، يعمل فريق الدكتور تيو على تحديد المعايير التي تساعد في تعزيز خصائص الهيدروجيل وجعله أكثر توافقاً من الناحية الحيوية. وقد قام الباحثون بنشر ورقتين بحثيتين خول بحث الهيدروجيل الذي يجرونه، إحداهما في مجلة «بروسيديا إنجينرينغ» والأخرى في مجلة «إكسبريمنت سيل ريسيرش». وقال الدكتور تيو: «تواجه هندسة الأنسجة اللينة تحدياً رئيسياً يتمثل في تعدد أنواع الخلايا المكوّنة للأنسجة اللينة، حيث تتطلب كل خلية بيئة خاصة، فمثلاً يتكون نسيج الأوعية من خلايا العضلات الملساء والخلايا البطانية، لذلك تعتبر الطباعة ثلاثية الأبعاد وسيلة مهمة يمكن الاستفادة منها لطباعة هياكل أنسجة معقدة مكونة من عدة أنواع من الخلايا، ولكن علينا التأكد من قدرة هذه الخلايا على تبادل الإشارات الكيميائية ضمن النسيج لضمان العمل بشكل فعال، وهذا يحتم علينا ضرورة توفير الشروط المناسبة ضمن مادة الهيدروجيل». إعادة برمجة وبهدف التأكد أكثر من مدى فعالية وملاءمة الأنسجة اللينة المزروعة لكل مريض، قام الأستاذ المساعد السابق الدكتور نيكولاس كريستوفر وطالبة الدراسات العليا سلوى بولراوي بإجراء دراسة بحثية حول كيفية إعادة برمجة الخلايا الليفية، التي تعتبر أفضل خلايا أنسجة في الجسم من حيث خصائص التواصل، إلى نوع من الخلايا الجذعية، المعروفة باسم الخلايا الجذعية عالية القدرات، ما يتيح إمكانية تطوير أنواع عديدة من خلايا الأنسجة اللينة. ونجح الفريق في إثبات إمكانية إعادة برمجة الخلايا الجذعية عالية القدرات المستمدة من الخلايا الليفية إلى خلايا عضلات وخلايا هيكلية من خلال عملية تم الكشف عنها في ورقة بحثية نشرت في وقت سابق من هذا العام في مجلة «تيشو إينجنيرينغ آند ريجينيرتيف ميديسن»، ويستخدم الفريق الآن التقنية ذاتها لإعادة برمجة أنواع أخرى من الخلايا. ويشير الدكتور تيو إلى أن إعادة برمجة الخلايا الليفية لتشكيل أنواع أخرى من الخلايا تشبه فكرة التنويع في الخلايا الجذعية الجنينية، غير أنها أقل إثارة للجدل. لكن يبقى الحل الأفضل لزراعة الأنسجة وضمان تطابقها وتقبلها من قبل جسم المريض في استخدام خلايا المريض نفسه، فيمكن أن تؤخذ الخلايا الليفية من المريض وإعادة برمجتها للحصول على الخلايا المطلوبة، مثل العضلات الملساء أو الخلايا البطانية، وهذه خطوة مهمة في زراعة أنسجة لينة بديلة تتسم بفاعليتها ومطابقتها لكل مريض. وبإجراء مثل هذه البحوث العلمية المتقدمة، يسعى باحثو هندسة الأنسجة في معهد مصدر بجامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا إلى معالجة كل الجوانب التي تعوق إجراء زراعة أنسجة سليمة وملائمة، وبتركيزهم على دراسة التواصل الحيوي بين الخلايا، والتمكن من تطوير بيئات مثالية للخلايا، وتطوير طابعات حيوية ثلاثية الأبعاد وأحبار حيوية مناسبة، يقترب الباحثون من تطوير زراعة الأنسجة والمساهمة بالتالي في معالجة أمراض القلب والحد من الوفيات التي تتسبب بها. دعم اقتصاد المعرفة أبوظبي (الاتحاد) تسعى جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا، التي تأسست جراء اندماج كل من معهد مصدر، والمعهد البترولي، وجامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا والبحوث، تحت مظلة جامعة بحثية عالمية المستوى، إلى دعم اقتصاد المعرفة الذي يشهد نمواً متسارعاً في أبوظبي والإمارات، من خلال ترسيخ مكانتها كمؤسسة أكاديمية مرموقة والارتقاء إلى مصاف الجامعات البحثية الرائدة على مستوى العالم. وتعمل الجامعة على إعداد قادة ومفكرين مبدعين عالميين في مجالات العلوم التطبيقية والهندسة، حيث يعدّ معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا جامعة بحثية تُعنى بالطاقة المتقدمة والتقنيات المستدامة، في حين يمثل المعهد البترولي جامعة بحثية متخصصة في اكتشاف وإنتاج النفط والغاز.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©