الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

أبوظبي تحمي ذاكرة البشريّة

أبوظبي تحمي ذاكرة البشريّة
5 ديسمبر 2016 01:25
محمد عبد السميع - رانيا حسن ثمّن مثقفون وكتاب ومتخصصون في الآثار واكاديميون إماراتيون ما جاء في كلمة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والنداء التاريخي الذي وجهه لكل دول العالم، بالتعاون والتنسيق للسيطرة على تهريب الآثار، ومواجهة التطورات الخطيرة في هذا المجال، وبالذات خلال السنوات الأخيرة، خاصة آثار بعض الدول العربية التي عانت خطر العنف والإرهاب، وأعربوا لـ «الاتحاد»، عن اعتزازهم الشديد بما حملته كلمة، سموّه، في الجلسة الختامية للمؤتمر الدولي «الحفاظ على التراث الثقافي المهدد بالخطر» الذي عقد في أبوظبي يومي 2 و3 ديسمبر الجاري، من حرص وعناية وتقدير لدور هذه الآثار، باعتبارها تراثاً عالمياً مشتركاً لا يجوز التهاون في سرقتها أو تهريبها أو نقلها من أماكنها التاريخية. يؤكد الباحث، المتخصص في الآثار، ناصر العبودي، الأهمية البالغة لكلمة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، التي تطالب بحماية التراث الإنساني المعرض للتهديد والمخاطر، ويقول: «من الضروري طرح هذه التوصيات والقرارات في حالة الحرب والسلم على حد سواء، فعلى المجتمع ككل أن يحمي التراث الحضاري المتنوع في الشرق الأوسط والمنطقة العربية التي تسمى في الدراسات التاريخية والحضارية: الشرق الأدنى القديم، وهذه كناية عن المناطق الحضارية القديمة الموجودة في الشرق الأوسط، وهي منشأ الحضارات العريقة مثل الهند وإيران والصين وتركيا». ويلفت العبودي إلى أن هذه الذاكرة الإنسانية مهددة، ولهذا بدأ تخريب الآثار بنشر الأفكار والعقائد المتطرفة التي ترى في كل حجر أو تمثال نوعاً من الأوثان، وكانت البداية مع هدم تمثال بوذا بأفغانستان، وتخريب حضارة بابل العراق وسوريا و... غيرها. لذلك علينا أن نتكاتف لمحاربة هذه الأفكار الدخيلة، من الجماعات الإسلامية ذات الأفكار المتطرفة، فنحن أمام قضية ثقافية فكرية تحتاج لنشر الوعي الثقافي، وإقناع المجتمع بأن هذه الآثار بقايا حضارات وشعوب عريقة، وليست أصناماً كما يروج جهلاء هذه الجماعات، فهم يقررون هدمها من دون وعي بقيمتها، بل من دون أدنى مناقشة أو حوار حول ماهيتها أو أهميتها، ما أدى لانزعاج الغرب قبل الشرق. ويشدد العبودي على أن دعم الإمارات وفرنسا لمبادرة «اليونيسكو» زودها بالقوة، وأن المؤتمر وفر لها زخماً ثقافياً وإعلامياً دولياً جعلها تحظى بأهمية بالغة، لافتاً إلى أن هذا الدعم ينطلق من قناعة الدولتين وإدراكهما أن هذه الآثار وهذا التراث نتاج حضاري يخص البشرية جمعاء. ويختم العبودي: «لكوني مختصاً في مجال الآثار، أرى أن المؤتمر الواحد غير كافٍ، ولكننا نحتاج لقرارات حاسمة، ودعم مالي، وخبراء لمتابعة التوصيات والقرارات، وضرورة توثيق كل الآثار بالتصوير والأبعاد والمقاييس والتقارير التي تحفظ هذه الثروة الحضارية ليس فقط من هؤلاء المتطرفين، ولكن من العوامل الطبيعية والمناخية أيضاً، وأن يحاكم كل من تسبب في تخريب الآثار». المسلَّم: ضد العبث بالهوية والتاريخ بدوره، يؤكد الباحث عبد العزيز المسلم، أن العبث بالهوية الثقافية والتراث الثقافي للدول في الآونة الأخيرة، أصبح مهدِّداً حقيقياً للتراث الإنساني، خاصة مع انتشار البلطجة والإرهاب في شتى دول العالم، ويقول: «تعد سرقة التراث الثقافي، لا سيما قطع الآثار ونقلها من مكان لمكان، والاتجار بها، جريمة مخلة بالشرف، لأنها تمحو تاريخ وهوية الأمم». ويضيف: «من هذا المنطلق لم تعد الحماية والحفاظ على الآثار والتراث أمراً كافياً، بل لا بد من تسليط الضوء على أهميتها وإبراز قيمها، ومن هنا جاءت أهمية مؤتمر أبوظبي (الحفاظ على التراث الثقافي المهدد بالخطر) لإبراز القيم وطرح المشكلات ووضع الحلول والوسائل الكفيلة بحماية التراث العالمي. أيضاً احتضان الإمارات هذه التظاهرة العالمية الكبيرة، يؤكد دور دولة الإمارات، وحرص قيادتها على اتخاذ الإجراءات كافة لحماية التراث الإنساني، وحث الجميع عل تحمل مسؤولياته. وأن دولة الإمارات أولت تراثها الثقافي أهمية كبيرة، ووضعت منظومة قوانين تهدف إلى حمايته من العبث والاندثار». ويتابع المسلم: «لقد وجّه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في كلمته، نداء لكل دول العالم، بالتعاون والتنسيق للسيطرة على تهريب الآثار، ومواجهة التطورات الخطيرة في هذا المجال»، مؤكداً أهمية النظر إلى هذه الآثار باعتبارها تراثاً عالمياً مشتركاً لا يجوز التهاون في سرقتها أو تهريبها أو نقلها من أماكنها التاريخية، ما يعكس أهمية التعاون والتكاتف الدولي على صعيد هذه القضية المهمة. ولا شك في أن المؤتمر، كما قال سموّه، يمثل منعطفاً مهماً في هذه الآونة التي تنتشر فيها الحروب الأهلية التي تمثل خطراً على التراث الثقافي والآثار. صباح جاسم: ضد الوحشية وقوى الشر يقول الدكتور صباح جاسم، مدير عام هيئة الشارقة للآثار: «لقد كان للكلمة التي وجهها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في الجلسة الختامية لمؤتمر الحفاظ على التراث الثقافي، أثر بالغ وصدى إيجابي كبير في قلوب ونفوس الحاضرين وجميع العاملين والمتتبعين والمهتمين ومحبي الخير والتراث والحضارة في أرجاء العالم كافة». ويضيف: «لقد كانت كلمة سموه ترجمة صادقة لما يمر به التراث الثقافي على مستوى العالم العربي من مخاطر حقيقية، وهجمة وحشية شرسة على أيادي قوى الشر والتخلف والظلام من الجماعات الإرهابية، التي عاثت بالأرض فساداً، ولم يسلم من ظلمها وإجرامها البشر والحجر، فدمرت وشوهت العديد من المعالم التراثية التي تعتبر رموزاً للتاريخ والحضارة، وأرادت بذلك طمس الهوية الوطنية لشعوب منطقتنا العربية». وأردف قائلاً: «وكما جاء في كلمة سموّه، فإن ممارسات تلك الجماعات الإرهابية تجاه التراث الثقافي، سلوك ترفضه الديانات السماوية والأعراف والمواثيق الدولية، كما أكد سموه المسؤولية المشتركة تجاه الأجيال القادمة لحماية الإرث المشترك، وأهاب بدور المؤتمر باعتباره فرصة حقيقية لتكاتف جهود الدول كافة لحماية التراث المهدد». فاطمة الصايغ: مؤتمر الأمل تقول الدكتورة فاطمة الصايغ، أستاذ التاريخ بجامعة الإمارات، إن هذا المؤتمر «هو إحدى مبادرات دولة الإمارات التي تعود إلى نهج المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، في الشعور مع الآخر، وتقديم يد العون له، ليس فقط في الملبس والمأكل، وإنما في الحسِّ الإنساني، وتؤكد حرص الإمارات دائماً على التواصل مع الآخر، خاصة في الوجع الإنساني، وهذا ما شعرنا به عندما شاهدنا آثار تدمر قد دمرت، وقبلها حرق المجمع العلمي في مصر». وتؤكد الصايغ أن تراثنا لا يتجزأ، فهو جزء من التراث العالمي. وتتساءل: «إذا لم نحافظ عليه، فماذا سنورِّث الأجيال القادمة؟». وترى الصايغ أن «هناك خطة ممنهجة للقضاء على الذاكرة العربية، لذلك حمل المؤتمر أملاً وعكس مجهوداً هائلاً بذلته الإمارات، وستبذله، للحفاظ على التراث الذي يعد منبع حضاراتنا». كلثم عبد الله: تنتصر للتاريخ المشترك وتذهب الدكتورة كلثم عبد الله، خبير مصنف في تراث الإمارات، إلى أن المؤتمر «جاء ليحمل فكر ووعي قادة الإمارات بشأن ضرورة المحافظة على التراث المادي والثقافي الخاص بالدولة والبلدان الأخرى التي لنا معها تراث مشترك». وتردف: «أرادت الإمارات أن تأخذ دور الريادة في التنويه والمبادرة للحفاظ على مكتسباتنا، لأننا امتداد للدول الأخرى، ولدينا معهم تاريخ وتراث مشترك، فحضارات مثل حضارة العراق وسوريا وغيرهما، قد مرت ببلادنا، كذلك الحال مع بعض دول شرق آسيا التي لنا معها تاريخ مشترك». وتوضح: «علينا مسؤولية تجاه هذه الحضارات ممثلة بحماية تراثها الإنساني والثقافي من الأيدي التي تسعى لتدمير وطمس الفكر والآثار، ومن الأيادي الموجهة للخراب». وتواصل قائلة: «استطاعت دولة الإمارات أن تحقق نوعاً من الموازنة، فكما لديها دور في النجاح والتطور العمراني والوصول للفضاء، فإنها أيضاً، بالتوجه نفسه تلفت أنظارنا وتهتم بالتراث والثقافة ونقلهما للأجيال القادمة. فمنذ سنوات عديدة، وضعت الدولة أمام عينيها أن تحقق هاجساً كبيراً، وهو المحافظة على التراث وحمايته. ميثاء الهاملي: تعكس أولويات إماراتية وتقول دكتورة ميثاء سيف الهاملي، مستشارة بهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة - التراث المعنوي: «يؤكد المؤتمر أن من أولويات دولة الإمارات التي تسعى لتحقيقها، صون وحفظ تراثها، كما يؤكد أيضاً اعتزاز الدولة بتراثها وهويتها، وهي تسعى بكل جهد للوصول إلى هدفها من خلال العديد من المبادرات والأنشطة، وما انعقاد هذا المؤتمر المهم تزامناً مع اليوم الوطني، إلا تعبير عن أهميته البالغة بالنسبة للقيادة التي حققت إنجازات كبيرة على مستوى تراثنا، وها هي تسعى للمحافظة على التراث الإنساني أيضاً، ما يؤكد امتلاك الدولة إرثاً قوياً من الأصالة وقواسم مشتركة مع العالم واهتماماته». وترى الهاملي أن المؤتمر جاء في هذا الوقت الذي تعيش فيه بعض الدول مثل سوريا والعراق، محنة حقيقية على صعيد تراثها الإنساني، وما لحق ببعض مفرداته من تدمير، ليدق ناقوس الخطر حول ما تتعرض له ذاكرة البشرية من خطر، إذ إننا نشترك مع هذه الحضارات، ويجمعنا إرث ثقافي واحد ليس فقط بدول عربية، وإنما مع دول في شرق آسيا مثل الهند». وتختم بالقول: «أبوظبي استطاعت في السنوات القليلة أن تتحول إلى أيقونة للثقافة والتراث، لذلك كان عليها أن تتولى هذه المبادرة وتحمل الراية في حفظ وحماية التراث، وهذا ليس جديداً على قادتنا».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©