الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

النووي الإيراني.. مخارج أمان ممكنة

النووي الإيراني.. مخارج أمان ممكنة
15 يوليو 2014 02:03
جورج بيركوفيتش مدير برنامج «حظر الانتشار النووي» في مؤسسة «كارنيجي للسلام الدولي» يعتبر تخصيب اليورانيوم هو أشد النقاط تعقيداً التي تنطوي عليها المفاوضات النووية الجارية مع إيران حالياً في العاصمة النمساوية فيينا. وتريد الولايات المتحدة وشركاؤها الخمسة من طهران أن تقلص عدد وإنتاج أجهزة الطرد المركزي العاملة والاحتياطية. وتشير إيران إلى أنه يمكنها تأجيل توسيع قدرات التخصيب لبضع سنوات، ولكن في النهاية تحتاج إلى زيادتها بهدف إنتاج وقود بديل لمفاعل «بوشهر» للطاقة النووية. ويصر المفاوضون الإيرانيون، في هذا السياق، على أنه لا يمكنهم الاعتماد على روسيا فقط في مواصلة تأمين إمداد الوقود، أو التخلي عن قدرات الطرد المركزي الخاصة بإيران، في ضوء الأسعار الباهظة المدفوعة للشراء، وفي ظل العقوبات المفروضة، واغتيال علمائها. ولكن من الصعب إيجاد خبراء نوويين دوليين مقتنعين بأن إيران في حاجة إلى برنامج تخصيب على نطاق صناعي من أجل مفاعل «بوشهر» فقط. ومن جانبها، تفي روسيا بالتزاماتها التعاقدية التي تنص على توفير الوقود حتى عام 2021، وترغب أيضاً في مواصلة التعاقد بعد ذلك التاريخ، في حين ليست في حيازة إيران الملكية الفكرية الضرورية من أجل تصميم وإنتاج الوقود اللازم لذلك المفاعل. وإذا استخدمت طهران وقوداً مصنعاً محلياً في «بوشهر»، فعندئذ لن تطبق الضمانات الروسية، أو لن يكون هنالك ما يضمن هذا التطبيق. وعلى رغم أن من المفهوم أن أي دولة مثل إيران تعتز بنفسها سترغب في العمل بصورة مستقلة، ولكن لا توجد أيضاً دولة أخرى في مثل هذه المرحلة المبكرة من التطوير النووي لديها كفاية ذاتية في هذا المجال. ومفتاح حل هذه المعضلة هو التأكد من أن إيران يمكنها الاعتماد على الوقود المصنع في روسيا لتشغيل مفاعل «بوشهر» من دون تعطيل، الأمر الذي يُمكّن القادة الإيرانيين من عدم مواصلة عمليات التخصيب غير الاقتصادية السابقة لأوانها. ومن أجل هذه الغاية، على روسيا والدول الأخرى المشاركة في المفاوضات، عرض إرسال مخزون وقود يكفي سنوات لمفاعل «بوشهر»، على أساس دوري وبدء ذلك بأسرع ما يمكن. ومثل هذا الوقود، إذا تم إبقاؤه تحت رقابة مستمرة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية لن يمكن طهران من المراوغة في الأمد المنظور. ومع وجود الوقود المخزن، يمكن للمختصين الإيرانيين التركيز على أبحاث وتطوير إنتاج مزيد من أجهزة الطرد المركزي الفعالة لإنتاج وقود للمستقبل، ومن ثم محطات طاقة مبنية بأيدٍ إيرانية. ويمكن حينها لقادة إيران القول إنهم قايضوا، بمهارة، الجيل الأول من أجهزة الطرد المركزي للحصول على أربعة أهداف رئيسة هي: الإبقاء على «حقهم» في التخصيب؛ وتوفير الوقود لمفاعل «بوشهر»؛ ووضع أساس لبرنامج طاقة نووية إيراني متطور؛ وتخفيف العقوبات. وإذا رفض قادة إيران الاتفاق بناء على هذه البنود، فإن الشعب الإيراني وبقية دول العالم سيستنتج أن شيئاً آخر بخلاف المتطلبات السلمية يقف وراء هذه القضية. وقد وافقت إيران بالفعل على أنها لن تطور أو تسعى تحت أي ظروف إلى الحصول على أية أسلحة نووية، وبالتالي، فإن التحول من برنامج تخصيب غير عملي وغير ضروري على مستوى صناعي إلى برنامج أبحاث وتطوير يتوافق نطاقه وسرعته مع الأغراض المدنية الواضحة سيساعد حتماً على تأكيد الالتزام الإيراني. وبناء على تجربة الدول الأخرى في البرامج النووية السلمية، ستحتاج إيران إلى 15 عاماً على الأقل من أجل تصميم وبناء وتشغيل مفاعل نووي حديث يتوافق مع معايير الأمن والسلامة والمسؤولية الدولية. وعندئذ سيتم تطبيق الاتفاق الشامل الذي يتم التفاوض عليه في فيينا بشكل كامل، وستعتبر إيران دولة «عادية» غير مسلحة نووياً. وبالطبع، يعتبر برنامج أبحاث وتطوير التخصيب أكثر مما ينبغي بالنسبة للبعض في الدول الغربية التي تصر على أن إيران لا يحق لها أن تمتلك قدرات نووية على الإطلاق. ولكن يخشى أن يكون المارد قد خرج بالفعل من قمقمه. وأصبحت إيران في مرحلة متقدمة واستثمرت بشكل كبير في الحفاظ على خبراتها التي اكتسبتها بشق الأنفس. وفي غضون ذلك، يمكن التعامل مع المخاوف الأمنية الأميركية والإسرائيلية من خلال برنامج طرد مركزي إيراني يتقدم بخطى موازية لإنشاء محطة طاقة محلية، ويكون موقعه في منشأة واحدة معلنة، ومن دون تجميع يورانيوم مخصب بصورة مسبقة، مع وضع ترتيبات مصاحبة للتأكد من ذلك. ومقارنة بالبدائل الأخرى المنطقية، سيؤدي برنامج التطوير والأبحاث وفق هذه البنود إلى تقليص احتمالات تهرب إيران من المنشآت المعلنة والسعي للحصول على قنبلة أو المراوغة بهدف إنتاج قنبلة في منشآت غير معلنة. وربما لن يسمح الوقت بالتوصل إلى اتفاق على هذه القضايا والقضايا العالقة الأخرى قبل موعد انتهاء جولة المفاوضات المحدد في العشرين من يوليو الجاري. ولكن إذا أمكن لإيران والولايات المتحدة والدول الأخرى الاتفاق على فكرة توريد مخزون من الوقود لمفاعل «بوشهر» وتركيز برنامج التخصيب الإيراني على الأبحاث والتطوير، فعندئذ ستكون للجميع مصلحة في تمديد أجل المفاوضات على هذا الأساس. بيد أن البديل، المتمثل في تعطل القنوات الدبلوماسية، واستئناف الأنشطة النووية المثيرة للنزاع في إيران، يمكن أن يسبب مأساة ذات أبعاد عالمية. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©