الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اليابان.. صناعة السلام في زمن السلاح

17 يناير 2015 23:08
بعد سبعين عاماً على انتهاء الحرب العالمية الثانية يظل الحديث عن أي قدر من التوسع العسكري شديد الحساسية في اليابان. ومع تخفيف القيود على تصدير العتاد الدفاعي كجزء من جهود رئيس الوزراء الياباني «شينزو آبي» كي تطوي اليابان فصلاً مؤلماً من تاريخها وتعود إلى مكانة أكثر «طبيعية»، أصبحت لدى الشركات اليابانية التي تصنع العتاد العسكري فرصة لبيعه في الخارج. ولكن ما يجب أن يكون فرصة اقتصادية جيدة أصبح قضية معقدة في بلد ما زال يستدعي في الذاكرة أعباء تاريخه في زمن الحرب. ويعتقد «هيجو ساتو» أستاذ الدراسات الأمنية في جامعة «تاكوشوكو» أن هذا يمثل لبّ الحالة النفسية اليابانية الحديثة. وأضاف «ما زال هناك تصور عام بأن الصادرات الدفاعية منتجات شريرة». ولنأخذ فحسب موقف «أكيفومي آراي» رئيس شركة «تاماجاوا» للتجارة، التي تنتج مجسّات وأجهزة مستخدمة في توجيه قذائف «التربيدو» والصواريخ لقوات الدفاع الذاتي اليابانية. وقد ظلت شركته لعقود تتعامل فقط مع عدد صغير من الزبائن المحتملين للسلع ذات الصلة بالدفاع وتقتصر على السوق الياباني وكبار المشاركين فيها من شركات الصناعات الثقيلة. وقد لخص «آراي» موقفه قائلاً: «إن الأسلحة تستخدم للقتال مع الدول الأخرى ولكن القتال ليس جيداً لنا... أنا سعيد جداً بتقديم أسلحتنا لكل العالم... ولكن لسوء الحظ هذه الأسلحة ستستخدم لقتل الناس وأنا أكره هذا فعلًا». وقد بدأت شركة «تاماجاوا» صناعاتها الدفاعية بإنتاج عدادات الوقود للطائرات المقاتلة، ولكن هذا النشاط اختفى عندما حظر الأميركيون على اليابان إنتاج طائرات عسكرية بعد الحرب العالمية الثانية. وعلى رغم مرور 70 عاماً، يتردد المسؤولون في الشركات الدفاعية الكبيرة في مجرد مناقشة احتمال توسيع صادراتهم الدفاعية ورفضوا سراً فرصة تطوير سوق عالمي وإنْ قالوا ببساطة إنهم سيفعلون ذلك إذا طلبت منهم الحكومة. والتغيرات في اليابان جاءت ضمن جزء من مسعى أوسع لـ«آبي» وهو سياسي محافظ حاول إبعاد اليابان عن أعباء تركتها منذ زمن الحرب، وهو ما أثار غضب كوريا والصين المعنيتين بهذه التركة. وقد اقترح «آبي» إعادة تفسير الدستور السلمي لليابان ليسمح لجيش البلاد الذي يعرف رسمياً باسم قوات الدفاع الذاتي بأن يساعد الحلفاء عند تعرضهم لهجوم. ورفع أيضاً حظراً مفروضاً ذاتياً على الصادرات الدفاعية على رغم أن الحكومة تؤكد أن اليابان «ستظل متمسكة بالنهج الذي اتبعته حتى الآن باعتبارها بلداً محباً للسلام». والتغيران مثيران للجدل للغاية في بلد أصبح فيه النهج المسالم هو الموقف النمطي. وعندما أُعلن تخفيف القيود على المبيعات الدفاعية في أبريل الماضي، عارض هذا 77 في المئة من أفراد عينة في مسح أجرته صحيفة «آساهي شيمبون» ولم يؤيده إلا 17 في المئة فقط. وتشير وزارة الدفاع إلى أن التعديلات ستلتزم بثلاثة مبادئ. أولها، أن السلطات ستحظر الصفقات التي تنتهك المعاهدات أو العقوبات الدولية مستبعدة التصدير إلى كوريا الشمالية وإيران تحديداً والدول المتورطة في صراعات. وثانيها، أن الوزارة ستقصر المبيعات على الحالات التي تدعم السلام الدولي وتساهم في تعزيز أمن اليابان. والمبدأ الثالث، أن الأسلحة لن تباع إلا للدول التي يمكنها السيطرة على التكنولوجيا وتقييد نقلها إلى أطراف أخرى. وفي هذا السياق، صرح «ماسانوري كيجويا» من قسم سياسة العتاد في وزارة الدفاع بأن «الغرض الأساسي ليس تحقيق المزيد من الدخل أو بيع أسلحتنا ولكن المشاركة في السلام والأمن الدوليين.. والموقف الأساسي هو أن اليابان يجب أن تظل أمة محبة للسلام ولا تدعم اندلاع الصراعات». وقد وافقت الحكومة اليابانية بالفعل على بيع أجهزة تستخدم في صواريخ الاعتراض «باتريوت» الأميركية الصنع ودشنت مشروعاً بحثياً مع بريطانيا في تكنولوجيا صواريخ جو- جو للطائرات المقاتلة. وتجري الحكومة حالياً محادثات لبيع عدد من غواصات «سوريو» التي تعمل بالديزل لأستراليا، وإن تعطلت المفاوضات بسبب المكان الذي ستبنى فيه الغواصات. وهناك تزايد في التنسيق العسكري بين الولايات المتحدة وأستراليا واليابان أمام تحركات الصين الصاعدة. وتحاول الحكومة والشركات اليابانية بكل الطرق ألا تبدو متعطشة للعودة إلى النشاط الاقتصادي الحربي. وبالنسبة لمعظم الشركات التي تعمل في صناعة الدفاع فإن هذه المنتجات لا تشكل إلا جزءاً صغيراً من إجمالي نشاطها. فشركة ميتشوبيشي للصناعات الثقيلة، على سبيل المثال، لا يمثل التصنيع الدفاعي إلا 5 في المئة من نشاطها. ولذا تخشى هذه الشركات من أن يؤثر رد فعل سلبي ضد إنتاج العتاد الحربي على باقي منتجاتها. آنا فيفيلد * * محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©