الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«القارة العجوز» تفرض سطوتها بـ «الكرة الشاملة»

«القارة العجوز» تفرض سطوتها بـ «الكرة الشاملة»
15 يوليو 2014 00:53
محمد سيد أحمد (أبوظبي) أسدل الستار على مونديال البرازيل، بعد شهر من المتعة والتشويق والأحداث المثيرة، لكنه رغم ذلك لم يأت بجديد، أو يقدم «النجم السوبر» الذي يستطيع «صناعة الفارق»، عندما يكون منتخبه متراجعاً في الأداء، ويحتاج عندها إلى جهوده، كما لم تلعب الحلول الفردية دوراً مهماً، باستثناء حالات قليلة، مثل البراعة التي جاء بها هدف النهائي الذي أحرزه ماريو جوتزه ببراعة كبيرة، ويعتبر حارس ألمانيا مانويل نوير أبرز نجوم البطولة، وقدم مستوى يدرس في كرة القدم، ويعد من أبرز الوجوه التي كان حضورها طاغياً في البطولة، وفي جميع مباريات منتخب بلاده، وهو حارس فوق العادة، يلعب بثبات في المستوى العالي، يجيد الخروج في الوقت المناسب، ويقوم بدور «الليبرو» في كل المباريات، ويجيد بداية الهجمة، ولولا وجوده لما تمكن «المانشافت» من الفوز بالبطولة، بفضل تغطيته على أخطاء الدفاع، وقيامه بأدوار كبيرة، فضلاً عن تميزه اللافت حارساً كبيراً، واستحق القفاز الذهبي، وكان الأجدر بالكرة الذهبية كأفضل لاعب في البطولة، بعكس ليونيل ميسى اللاعب الأفضل في العالم، ولم يستطع أن يوجد الحلول للأرجنتين، كما كان منتظراً منه بالذات في النهائي. وباستثناء نوير لا يوجد لاعب في المونديال صنع الفارق بشكل لافت، ووضع بصمة في المنافسة، عند الجميع بلا استثناء، بما في ذلك منتخب ألمانيا، ولم نشاهد لاعبا بقيمة وحجم زين الدين زيدان، أو الظاهرة رونالدو، أو حتى بعض لاعبي المنتخب الإسباني الذين قدموا كرة قدم رفيعة في مونديال جنوب أفريقيا، وصحيح أنهم اعتمدوا على الكرة الجماعية، لكن عدداً منهم يملكون المهارة الفردية التي تم توظيفها بشكل مثالي لمصلحة الفريق. وبعيداً عن هذه السلبيات، فإن أفضل المنتخبات على الإطلاق هما الهولندي والألماني اللذان قدما كرة قدم شاملة، بعكس بقية المنتخبات، بما في ذلك الأرجنتين الذي وصل إلى المباراة النهائية، وخسر بصعوبة أمام ألمانيا، بينما يعتبر الطاحونة الهولندية «علامة فارقة» في بطولات كأس العالم في العقدين الأخيرين، فهو يسجل حضوراً دائماً. نجوم لا يبدعون تألق في البطولة عدد من النجوم مثل ميسي وروبن وفان بيرسي ونيمار، لكنهم لم يبدعوا، كما تألق النجوم الكبار من الأجيال السابقة في كرة القدم العالمية، كما حدث في مونديالي 1998 و2002، مع زين الدين زيدان ورونالدو، وشاهدنا نجوماً كباراً لم يتمكنوا من صناعة الفارق، ولم يقدموا الكثير مثل البرتغالي رونالدو، وينسحب ذلك على عدد كبير من اللاعبين الكبار وفي مقدمتهم المنتخب الإسباني. تألق الحراس وبجانب نوير تألق عدد من الحراس في المونديال مثل روميرو وأتشوا ومبولحي‎ وغيرهم من الحراس، وكذلك الدفاع في عدد من المنتخبات، ويعود هذا التألق إلى ضعف المهاجمين، وتابعنا الألماني أوليفر أسطورة حراسة المرمى، لكنه لم يستطع الصمود أمام مهاجم بحجم البرازيلي رونالدو، وصحيح شاهدنا اجتهادات من فان بيرسي الذي أخرج كل ما عنده أمام الإسبان، ونيمار الذي اجتهد، لكن تنقصه الخبرة، وسيكون له شأن في المستقبل، وتوماس مولر الذي لم يسجل نسبة أعلى من الأهداف. أوروبا تستعيد سطوتها ورغم تميز عدد من المنتخبات اللاتينية، إلا أن الكرة الأوروبية استعادت هيبتها في الأدوار النهائية، رغم أن مباراة ألمانيا والبرازيل في نصف النهائي كانت حالة خاصة، لأن «السامبا» لم يكن مقنعا من البداية، وافتقد الهوية والأسلوب الواضح، وكان عشوائياً في عدد من مبارياته، واعتمد فقط على سلاح التمرير الطويل ونيمار، وبعد إصابة الأخير أصبح مكشوفا في كل خطوطه، وما قدمته هولندا وألمانيا في نصف النهائي، وتتويج «المانشافت» باللقب أظهر التطور الكبير لكرة «القارة العجوز» التي لا تعتمد على النجم، وترفع شعار العمل الجماعي والكرة الشاملة. وتعتبر قارة آسيا أكبر الخاسرين في هذه البطولة، بعدما ودعت منتخباتها الأربعة من الأدوار الأولى، ولم تكن موفقة، لكن ما قدمته ليس مقياساً، بقدر ما هو سوء طالع، بالذات لمنتخب مثل أستراليا الذي قدم مباريات جميلة، وتبقى الحقيقية أن عرب آسيا لا يقلون مستوى أو إمكانيات فنية عن المنتخبات التي مثلت القارة في البطولة، لكن الفرق يكمن في أن هذه المنتخبات لديها لاعبون محترفون في الدوريات الأوروبية، وخبرة ودراية بتقنيات الكرة الحديثة، من خلال تجاربهم الأوروبية، وهذا ما تفتقده الكرة العربية التي تحتاج إلى أن يحترف لاعبوها في الدوريات الكبيرة، حتى يقلصوا الفارق الحادث الآن، بينهم وبينهم منتخبات، مثل كوريا الجنوبية واليابان وأستراليا. تدني الوطنية الظاهرة الأقبح في المونديال تمثلت في عدم وجود روح وطنية عالية، عند عدد من المنتخبات الأفريقية، بالذات الكاميرون، والتي تجلت في المشاكل التي أحاطت بها وما تداولته وسائل الإعلام عنها، ويستثنى منها المنتخب الجزائري الذي قدم مستوى مشرفاً وكافح بقوة، وخرج وهو مرفوع الرأس أمام ألمانيا التي لم تعان كما عانت أمام «الخضر»، قبل أن ينطلق نحو اللقب الرابع في تاريخه. إجمالاً فإن مونديال البرازيل مع كل الإثارة التي حملها لم يكن الأفضل فنياً، ولم يقدم نجوماً من العيار الثقيل، وشهد العديد من الظواهر السالبة، وتعددت فيه سقطات الكبار لعل أبرزها السقوط المدوي للإسبان في الأدوار الأولى، ثم الكارثة التي حدثت للبرازيل في نصف النهائي، والأخطاء التحكيمية التي وأن قلت في الأدوار النهائية، لكنها لم تختف، لكن الأجمل والأروع هو الجمهور البرازيلي الذي شكل حضوره العوان الأبرز للمونديال الذي بكل تأكيد فان فوز الألمان به كان مستحقاً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©