آليات المساءلة والالتزامات المالية تحديات الموازنات بالدول العربية

تواجه الدول العربية عددا من التحديات لإصلاح موازناتها العامة، يأتي في مقدمتها دعم آليات المساءلة والتعامل مع الالتزامات المالية المستقبلية وتحديد الأولويات في بعض القطاعات القادرة على دفع عجلة النمو والمحافظة عليه والقطاعات الأكثر تأثراً بتداعيات الأزمة المالية العالمية وكيفية إدارة المخصصات التي اعتمدتها عدد من الحكومات في أعقاب تلك الأزمة، بحسب دراسة “برامج إصلاح الموازنة العامة في الدول العربية -الجهود والتحديات”، والصادرة عن صندوق النقد العربي. وأوضحت الدراسة أن نجاح الإصلاح الاقتصادي رهن بتطبيق حزم الإصلاحات المتعددة بطريقة متسقة ومتجانسة تحقق الأهداف الموضوعة، حيث تكتسب اتساق الإصلاحات أهمية خاصة في الدول العربية لتعدد أدوات الإصلاح وتباين أشكالها. كما استعرضت جهود إصلاح المالية العامة في عدد من الدول العربية خلال السنوات الماضية لتطوير عمليات تحضير وتنفيذ ومراقبة الموازنة العامة والتحديات التي تواجه البرامج المنفذة والمطروحة للإصلاح، مؤكدة أن وضع إطار عام وشامل يغطي جميع الإصلاحات بأهدافها ودواتها المتنوعة يمثل أحد التحديات الكبيرة التي تواجه البلدان العربية. وتفصيلاً، قالت الدراسة التي أعدها الدكتور أحمد أبوبكر بدوي الخبير الاقتصادي بالصندوق، أن الدول العربية قامت بجهود ملحوظة خلال العقد الماضي لإصلاح إدارة المالية العامة عبر تطوير “البنى التحتية” عن طريق تحسين أساليب إعداد وتنفيذ الموازنة العامة، وترقية الأجهزة الرقابية وطرق المساءلة والتدقيق، كما طورت الدول العربية الأساليب المحاسبية ونظم المعلومات بهدف تعزيز دور الموازنة العامة كأداة للإدارة المالية السليمة وكوسيلة فعالة للتخطيط الاستراتيجي وتخصيص الموارد. وقالت “سعت السلطات في الدول العربية من خلال هذه الجهود إلى تحسين شمولية ووحدة الموازنة العامة وكذلك إلى رفع شفافيتها وقدرتها على ترجمة الأهداف العامة إلى نتائج ملموسة وإيجابية”. وأشارت الدراسة إلى قيام السلطات في عدد من الدول العربية باتخاذ خطوات كبيرة للتقليل من تركز العمليات المالية المتعلقة بإعداد وتنفيذ ومراقبة الموازنة العامة في الإدارات الحكومية المركزية (وزارات المالية ودوائرها) وتطبيق عدد من الآليات والإجراءات لدعم لامركزية عمليات إعداد وتنفيذ ومتابعة موازنات الصرف الحكومي، بحسب الدراسة. وتابعت الدراسة بالقول : على الرغم من أن تركيز السلطات المالية وما صاحبه من قواعد وترتيبات لعب دوراً مهماً في السابق في إرساء دعائم النظام المالي في الدول العربية، إلا أنه تضمن أعباء كبيرة على عاتق وزارات المالية والدوائر المركزية لتقوم بدورها في وضع وتنفيذ الموازنات العامة ومتابعة أدق تفاصيل الصرف الحكومي، بحسب الدراسة . وذكرت أن برامج الإصلاح المالي ركزت على الترتيبات والقواعد المؤسسيـة المعنيـة بتطوير هياكل الحوافز والمساءلـة المعتمدة على النتائج، إضافة إلى توفير الشراكات الحكومية مع القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني، من أجل تحقيق نتائج جيدة للموازنة العامة تتمثل في الانضباط المالي وترقية الكفاءة التخصيصية والتنفيذية. وأضافت الدراسة : تواجه السلطات في الدول العربية في إطار سعيها إلى ترقية وتطوير الأداء المالي عدداً من التحديات الهامة، يتمثل أحدها في ضرورة بذل المزيد من الجهود لتحسين الأطر الاستراتيجية المتعلقة بإعداد الموازنة العامة لضمان مواءمة تخصيص الموارد المالية مع الأهداف العامة”. وقالت الدراسة “اكتسبت برامج إصلاح المالية العامة أهمية خاصة للدور الذي يمكن أن تلعبه في معالجة المشاكل والاختلالات الاقتصادية المختلفة”،بالإضافة الى دورها التوزيعي والضروري لخلق نسيج اجتماعي متماسك ومتناغم يعزز فرص نجاح السياسة الاقتصادية الهادفة الى دعم التنمية الشاملة والمستدامة. ونوهت إلى بروز اتجاه عام في الدول العربية نحو التدرج في تطبيق أطر الإنفاق متوسطة الأجل كخطوة تحضيرية في وزارات وقطاعات خدمية كالصحة والتعليم والطاقة والمياه قبل اعتمادها كأدوات تخطيط اقتصادي شامل، ففي الأردن والسودان ولبنان والمغرب وموريتانيا، على سبيل المثال، بدأ التطبيق الفعلي لهذه الأطر في عدد من الوزارات كخطوة أولية نحو التطبيق الشامل ضمن الاتجاه نحو إعداد الموازنة في إطار متعدد السنوات. كما ركزت الإصلاحات الهادفة إلى تطوير عملية تنفيذ الموازنة العامة بشكل خاص على ترقية إدارات السيولة والتدفقات النقدية في الدول العربية، لما لها لهذه الإدارات من تأثير مباشر على تنفيذ الاعتمادات الحكومية من خلال مسؤولياتها عن توفير التدفقات المناسبة في الوقت المناسب لتمويل النفقة الحكومية.