الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قضايا حقوق الإنسان... ولامبالاة أميركا اللاتينية

27 سبتمبر 2010 23:41
أندريه أوبنهايمر صحفي متخصص في شؤون أميركا اللاتينية جاء تبرع رجل الأعمال الأميركي التقدمي جورج سوروس بمبلغ 100 مليون دولار لمنظمة "هيومان رايتس ووتش" في وقته المناسب، وذلك على اعتبار أن قضية حقوق الإنسان بدأت تتراجع في العالم، ربما لأن الأزمة الاقتصادية العالمية التي بدأت قبل 3 سنوات غيّرت اهتمام البلدان الغنية إلى المواضيع الداخلية التي تهم مواطنيها، أو لأن غزو الرئيس الأميركي السابق جورج بوش للعراق عام 2003 أضعف السلطة الأخلاقية للولايات المتحدة -التي تعد تقليدياً من أكبر المدافعين عن قضايا حقوق الإنسان- حتى تقوم بمعاقبة منتهكي حقوق الإنسان في الخارج. ولكن الثابت هو أن قضية حقوق الإنسان بدأت تعاني في العالم خلال السنوات الأخيرة، ولعل أميركا اللاتينية خير مثال على ذلك، حيث بدأت معظم البلدان في المنطقة اليوم تغض الطرف عن انتهاكات كبيرة يرتكبها جيرانها، وهي التي توصلت إلى اتفاقات مهمة حول الدفاع الجماعي عن الديمقراطية وحقوق الإنسان في التسعينيات. فهل تتذكرون عندما أنشأت قمة الدول الأميركية التي تضم 34 بلداً في عهد كلينتون منصبَ "مقرر خاص لحرية التعبير" في المنطقة؟ أو عندما وقعت القمة الإيبيرية- الأميركية التي تضم 21 بلدا إعلانَ فينا ديل مار في تشيلي، والذي يلزم جميع البلدان -بما في ذلك كوبا- بـ"التعديدة السياسية" و"احترام حقوق الإنسان"؟ وهل تتذكرون عندما قام الرئيس البيرو في السابق ألبيرتو فوجيموري بإغلاق الكونجرس في 1992، فانتفضت المنطقة برمتها مستنكرة ذلك وعمدت عدة بلدان إلى قطع علاقاتها الدبلوماسية مع البيرو؟ يبدو أن تلك الأيام قد ولت عموماً، حيث قال لي رئيس كوستاريكا السابق والحائز على جائزة نوبل للسلام "أوسكار ألياس" هذا الأسبوع: "هناك رد أضعف على انتهاكات حقوق الإنسان اليوم. فرد الفعل الأكثر شيوعاً اليوم هو رد يتميز باللامبالاة وعدم الاكتراث عموما". ومن جانبه، يرى "خوسي ميجيل فيفانكو"، رئيس قسم الأميركيتين في منظمة "هيومان رايتس ووتش"، أن موضوع حقوق الإنسان أصبح جد مسيس على غرار ما كان عليه الحال أيام الحرب الباردة إذ يقول: "ثمة معايير مزدوجة اليوم: ذلك أن العديد من البلدان تنتقد انتهاكات سجل حقوق الإنسان في البلدان التي لا تحبها، ولكنها تقوم بتبرير انتهاكات البلدان التي تحبها". ولعل البرازيل، التي تعد البلد الأكبر والأكثر نفوذاً في أميركا اللاتينية، خير مثال لكيف بدأت بعض الحكومات لا تعير وزناً كبيراً لحقوق الإنسان، كما يقول بعض الحقوقيين، حيث تحولت إلى داعم متحمس لبعض من أسوأ الديكتاتوريات ضمن جهودها الرامية للفوز بنفوذ وتأثير في العالم النامي، كما يقولون، مشيرين على سبيل المثال إلى أن البرازيل ليس لديها واحد من أسوأ سجلات التصويت في الأمم المتحدة حول قضايا حقوق الإنسان في العالم فحسب. بل إن الرئيس لويس إينياسيو لولا دا سيلفا -الذي يبلي بلاء حسنا اقتصاديا في الداخل- يقوم بشكل روتيني بالإشادة بحكام مستبدين أجانب؛ حيث ظهر لولا مبتسماً مؤخرا إلى جانب راوول كاسترو بعد موت السجين السياسي أورلندو زباتا بسبب إضراب عن الطعام ووصف المعارضين السلميين في كوبا بـ"أفراد العصابات". كما قال لمجلة دير شبيجل الألمانية إن تشافيز هو "أفضل رئيس في فنزويلا منذ قرن من الزمان". وتعليقا على هذا الموضوع، قال لي فيفانكو: "إن البرازيل هي مثال على تشجيع سياسة خارجية تقصي أي اعتبارات تتعلق بحقوق الإنسان"، مضيفاً إذا سألتني ماذا ستكون أولوية "هيومان رايتس ووتش" الأولى في الأميركيتين، فسأقول لك: إنشاء مكتب في البرازيل من أجل نشر التوعية بين الجمهور هناك حول مواقف الحكومة البرازيلية من مواضيع حقوق الإنسان إقليميا ودوليا". وبعيداً عن البرازيل، فإن عدم اكتراث المنطقة لانتهاكات قواعـد الحقوق الإنسانية والديمقراطية يكاد يكـون عامــاً؛ ذلك أنــه عندمــا أغلـق تشافيز شبكـة "آر. سي. تي. في" التلفزيونية المستقلة، أو عندما خرق نتائج انتخابات 2008 وجرد عمدة كاركاس المنتمي للمعارضة أنتونيو ليديزما من ميزانيته، فإن كل الرؤساء في المنطقة تقريباً اختاروا غض الطرف. والأمر نفسه يحدث اليوم مع استيلاء الرئيس إيفو موراليس الفعلي على المحكمة العليا في بوليفيا، حيث يستعمل النظام القضائي في بلاده كآلية لوضع سياسيي المعارضة وراء القضبان. وشخصيا، أعتقد أن تبرع سوروس -الذي قد يساعد "هيومان رايتس ووتش" على جمع 100 مليون دولار إضافية من التبرعات- يمكن أن يساعد على النهوض بقضية حقوق الإنسان في العالم، لأنه سيسمح للمنظمة بزيادة موظفيها من حوالي 300 حالياً إلى أكثر من 400 موظف. والحق أن المنظمة فضحت خلال العقود الأخيرة الانتهاكات الحقوقية واستنكرتها بغض النظر عما إن كانت تحدث في كوبا أو كولومبيا أو الولايات المتحدة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©