الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«بابنجيدا» والسباق الرئاسي في نيجيريا

27 سبتمبر 2010 23:42
إديوال ماجا نيجيريا حسب التعبير النيجيري "اجتاح" الرئيس السابق والقائد العسكري الذي حكم البلاد، إبراهيم بابنجيدا، ساحة "النسر" بالعاصمة، أبوجا، في الخامس عشر من سبتمبر الماضي لإعلان نيته الترشح لخوض الانتخابات الرئاسية عن حزب الشعب الديمقراطي الحاكم. لكن بعد الاحتفالات التي رافقت الإعلان والتهاني، التي انهالت على الرئيس السابق، نقلت التقارير أنباء عن اندلاع شجار بين أنصار "بابنجيدا" في العديد من مناطق العاصمة النيجيرية، بعدما انفضت الاحتفالات، والسبب أنهم حُرموا من سخاء الرئيس، ولم يحصلوا على المال الذي كانوا يتوقعون، بل الذين جاؤوا من أجله أصلًا. والحقيقة أن الأمر مألوف في الحياة السياسية النيجيرية، التي تغيب عنها البرامج الحزبية، أو الأفكار والتصورات للمشاكل التي تتخبط فيها البلاد ليبقى الشيء الوحيد القادر على تحريك السياسة وحشد الجماهير في اللقاءات الانتخابية هو المال وليس شيئاً آخر. ولعل ما يدل على الحضور الكبير للمال في الحياة السياسية تفشي فضائح الفساد بين السياسيين والطبقة الحاكمة، وهذه المسألة لم يفلت منها إبراهيم بابنجيدا نفسه الخاضع لتحقيق حول استخدامه غير المناسب لأكثر من 12 مليار دولار طيلة السنوات الثماني التي قضاها رئيساً للبلاد. وبالطبع يعني الاستخدام غير المناسب استغلالاً للأموال العامة. الأكثر من ذلك لم تقتصر فترة حكم بابنجيدا على الفساد المالي، بل امتدت أيضاً إلى الشطط السياسي عندما ألغى في العام 1993 الانتخابات العامة رغم تعهداته بالتنازل عن السلطة، وهو أمر لم يغفره له العديد من النيجيريين. ورغم إعلان رغبته في الترشح مازال بابنجيدا ينتظر ما سيسفر عنه مؤتمر الحزب في 23 نوفمبر المقبل، وما إذا كان سيحظى بتزكيته لخوص الانتخابات الرئاسية باسمه. ولكي يتمكن "بابنجيدا" من الظفر بتأييد الحزب، عليه التغلب على مجموعة من العقبات التي قد تحول دون وصوله مرة أخرى إلى الرئاسة، لا سيما فيما يتعلق بالرئيس الحالي الذي سيقف حجر عثرة أمامه بالنظر إلى طموحاته الشخصية بالبقاء في السلطة، ثم هناك القاعدة الحزبية التي ربما تفضل مرشحاً أصغر سناً وأكثر قبولا للشمال المسلم. فالرئيس الحالي يتحكم في موارد الدولة، ولن يتوانى في تسخيرها لتعزيز حظوظه بالإنفاق السخي على حملته الانتخابية، هذه السلطة المركزية للرئاسة والعاصمة هي نتيجة للتطور التراكمي، الذي عرفته هياكل السلطة في نيجيريا منذ استقلالها في عام 1960. ففي تلك المرحلة الأولى لم تكن البلاد أكثر من مجموعة فضفاضة من المناطق التي تحكم نفسها متمتعة بصلاحيات واسعة تبعدها عن المركز وتجعلها في حِل من قراراته السياسية، لكن بعد الحرب الأهلية التي خاضتها البلاد في الستينيات والسنوات الطويلة للحكم العسكري الذي تلا ذلك تحولت البلاد نحو المركزية وألغيت الصلاحيات، التي تمتعت بها المناطق والولايات المختلفة. وإذا كان بابنجيدا يعتمد في حملته الانتخابية على قوة المال لإغراء الناخبين وحشد المؤيدين فإن الرئيس الحالي، "جودلاك جونثان"، يملك مالًا أكثر ومستعد للإنفاق من دون حساب لو كان ذلك سيبقيه في سدة الحكم. أما فيما يتعلق بالعقبة الثانية التي قد تعرقل دخول بابنجيدا القصر الرئاسي فيتمثل في بروز "بوكولا ساراكي"، حاكم ولاية "كاوارا" لفترتين باعتباره مرشحاً آخر للحزب الديمقراطي الشعبي، مشكلاً بذلك مصدر إزعاج حقيقياً للجنرال السابق، ولمعرفة لماذا يتوفر "ساراكي" على حظوظ أكثر لا بد من فهم الطبيعة المعقدة للسياسة النيجيرية التي تعطي للشمال ليس فقط العدد الأكبر من السكان كلما اقتربنا من الصحراء الكبرى، بل تعطيه أيضاً العدد الأكبر من الولايات المشكلة للبلاد. ولأن "كاوارا" من الجنوب فقد تم الترحيب بحاكمها لضمان أصوات الجنوب، هذا بالإضافة إلى التأييد الذي حصل عليه "ساراكي" من حكام باقي الولايات والذي يفوق ما حصل عليه "بابنجيدا"، وبالنظر إلى الاحتمالات القوية لتأمين الرئيس الحالي، جونثان، لورقة الحزب خلال الشهر المقبل فإنه من المرجح في هذه الحالة أن يلجأ "بابنجيدا" إلى طلب تزكية حزب آخر عدا الحزب الحاكم المنتمي إليه، وهو أمر سيعقد الوضع أكثر بالنسب له نظراً للتاريخ الطويل من التزوير الانتخابي في نيجيريا، وذلك رغم تعهدات الرئيس باحتساب جميع الأصوات والالتزام بنزاهة الانتخابات. وعلى كل حال قليل هم النيجيريون الذين يعتقدون فعلاً أن "بابنجيدا" سيصبح رئيساً مرة أخرى، أو أنه سينجح في تخطي العقبات والعراقيل والتغلب على خصومه السياسيين، لكن مع ذلك لا يرى المواطنون ضيراً في مساعدته على إنفاق أمواله في الحملة الانتخابية، تلك الأموال التي يعتبرونها ملكاً لهم ائتمنوا عليها الرئيس السابق لفترة من الزمن، وقد حان الوقت للاستفادة منها حتى لو كان بطريقة غير مباشرة، وهو ما يفسر إلى حد بعيد الشجار الذي نشب بين مؤيدي "بابنجيدا" مباشرة بعد انتهاء اللقاء الانتخابي لما اعتبروه تقصيراً في توزيع الغنائم. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان سيانس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©