الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جابر بن عبدالله .. مفتي المدينة وأصغر أهل العقبة

جابر بن عبدالله .. مفتي المدينة وأصغر أهل العقبة
16 يوليو 2014 00:43
أحمد مراد (القاهرة) هو جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام بن كعب بن سلمة، أحد الصحابة الذين بايعوا النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيعة العقبة الثانية، وكان وقتها صبياً صغير السن، وقد كان أصغر من شهد العقبة الثانية. وعندما هاجر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة، تتلمذ جابر على يديه - صلى الله عليه وسلم - وكان من أنجب من أخرجتهم المدرسة المحمدية للناس حفظاً لكتاب الله، وفِقْهاً في دين الله، ورواية لحديث رسول الله، وقد عده المؤرخون من أشهر رواة الحديث الشريف، حيث روى علماً كثيراً عن النبي - صلى اللَّهُ عليه وسلم - وعن عمر وعلي وأبي بكر وأبي عبيدة ومعاذ بن جبل والزبير وطائفة، وسجل كل ما رواه في كتاب عُرف باسم «مسند جابر» يضم بين دفتيه ألفاً خمسمئة وأربعين حديثاً، وقد أثبت البخاريّ و مسلم في صحيحيهما ما يزيد على مئتين من أحاديثه. كما كان - رضي الله عنه - مفتي المدينة في زمانه، وكان المسلمون يرجعون إليه للحصول على الحديث وتدوينه، فعن عطاء، قال: «نكون عند جابر بن عبد اللَّهِ فيحدثنا، فإذا خرجنا من عنده تذاكرنا حديثه». وفاء بالدين وحارب جابر - رضي الله عنه - مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - في سبع عشرة غزوة، قال جابر: غزوت مع رسول اللَّهِ - صلى اللَّهُ عليه وسلم - سبع عشرة غزوة. ولم يشهد جابر بدراً ولا أُحداً مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنه كان صغيراً، ولأن أباه كان يأمره بالبقاء مع أخواته التسع لأنه لم يكن لهن أحدٌ سواه يقوم على أمرهن. حَدَّث جابرٌ، فقال: لما كانت تلك الليلة التي سبقت أُحدا دعاني أبي و قال: إني لا أراني إلا مقتولاً مع أول من يقتل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإني والله ما أدع أحداً أعزَّ علي منك بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإن علي دينا، فأقض ديني، وارحم أخواتك، واستوص بهن خيراً. فلما أصبحنا كان أبي أول قتيلٍ قتل في أحد، فلما دفنته أتيت النبي - عليه الصلاة والسلام - فقلت: يا رسول الله إن أبي ترك ديناً عليه، وليس عندي ما أفيه به إلا ما يخرجه ثمر نخيله، ولو عمدت إلى وفاء دينه من ذلك لما أديته في سنين، ولا مال لأخواتي أنفق عليهن منه غير هذا. فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومضى معي إلى بيدر «المكان الذي يجمع فيه التمر». وقال لي: «أدع غُرماء أبيك»، فدعوتهم، فما زال يكيل لهم منه حتى أدى الله عن أبي دينه كله من تمر تلك السنة، ثم نظرت إلى البيدر فوجدته كما هو، كأنه لم تنقص منه تمرة واحدةٌ. تحريم النار وذات مرة خرج جابر إلى بلاد الروم غازياً في سبيل الله، وكان الجيش بقيادة مالك بن عبدالله الخثعمي، وكان مالك يطوف بجنوده وهم منطلقون ليقف على أحوالهم، ويشد من أزرهم، و يولي كبارهم ما يستحقونه من عناية ورعاية، فمر بجابر بن عبدالله، فوجده ماشياً، ومعه بغل له يمسك بزمامه، ويقوده. فقال له: ما بك يا أبا عبدالله؟، لم لا تركب ؟ّ، وقد يسر الله لك ظهراً يحملك عليه.فقال إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من اغبرت قدماه في سبيل الله حرَّمه الله على النار. فتركه مالك ومضى حتى غدا في مقدمة الجيش. ثم التفت إليه وناداه بأعلى صوته، وقال: يا أبا عبد الله، مالك لا تركب بغلك، وهو في حوزتك؟! فعرف جابر قصده، وأجابه بصوت عال وقال: لقد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من اغبرَّت قدماه في سبيل الله حرَّمه الله على النار». فتواثب الناس عن دوابهم، وكل منهم يريد أن يفوز بهذا الأجر. فما رُئِيَ جيش أكثر مشاةً من ذلك الجيش. وقد استغفر له رسول الله، قال جابر: استغفر لي رسول اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم ليلة البعير خمسا وعشرِين مرة، ويعني بقوله «ليلة البعير»: أنه باع من رسول اللَّه - صلى اللَّهُ عليه وسلم - بعيراً، واشترط ظهره إِلى المدينة، وكان في غزوة لهم. وقال الكلبي: شهد جابر صفين مع علي بن أبي طالب - رضي اللَّه عنه - وعمي في آخر عمره، وكان يحفي شاربه، وكان يخضب بالصفرة. وظل جابر - رضي الله عنه - مصدر إشعاع وهداية للمسلمين دهراً طويلاً، حيث مد الله في أجله حتى أوشك أن يبلغ من العمر قرناً من الزمان، وتوفي في سنة 78، هـ وهو أبن أربع وتسعين سنة، وصلى عليه أبان بن عثمان وهو والي المدينة يومئذ، وهو آخر من مات بالمدينة ممن شهد العقبة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©