الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رمضان في موريتانيا.. عبادة وصلة رحم وأكلات شعبية

رمضان في موريتانيا.. عبادة وصلة رحم وأكلات شعبية
16 يوليو 2014 00:46
يمضي الموريتانيون أيام الشهر الفضيل بين العبادة وصلة الرحم والقيام بالأعمال الصالحة في شهر يتضاعف فيه الأجر والثواب. ويهتم الموريتانيون بإعداد مائدة رمضانية رحبة طوال الشهر الكريم لجمع العائلة حولها تتضمن أنواعاً مختلفة من الأكلات المحلية والأخرى التي دخلت البيت الموريتاني بفضل الجاليات العربية واحتكاك المجتمع الموريتاني بها.. كما يلاحظ الإقبال الكبير على سوق التمور، حيث إن التمر لا تخلو منه المائدة الرمضانية. سكينة اصنيب (نواكشوط) تتضمن موائد الإفطار في موريتانيا حساء الشعير والتمر ولبن الإبل والشاي، وتحرص النساء على إضافة أطباق مغربية وأفريقية للمائدة الموريتانية، حيث أصبحت «الحريرة» المغربية وطبق السمك الأفريقي والمقبلات المحضرة على الطريقة المغربية جزءا أساسيا من مائدة الافطار. الشاي أساسي بعد الإفطار مباشرة تقوم ربة البيت بإعداد الشاي وفق الطريقة التقليدية وتقدمه في كؤوس صغيرة تعلوها رخوة «أتاي» كما يسميه الموريتانيون وتعيد إعداده ثلاث مرات، وبعد الانتهاء من كؤوس الشاي الثلاث تجتمع العائلة على طبق «أطاجين» وهو طبق تقليدي ورئيسي في رمضان بموريتانيا، ويتكون من لحم الشواء اذا كانت الظروف المادية للأسرة تسمح بذلك والا فانهم يتناولون طبقاً من الأكل المحلي الذي يتم إعداده بواسطة الخضر والقليل من اللحم، غير ان الكثير من العوائل تحرص على الابقاء على طبق الشواء داخل دائرة اختيارها لأكلات رمضان خاصة أيام الخميس والجمعة رغم تكلفته. ويكثر الموريتانيون من تناول اللحوم الحمراء في رمضان، ويساعد توافر لحوم الغنم والإبل بأسعار غير مرتفعة في تمسكهم بهذه العادة. ويختلف الناس في توقيت وجبة «أطاجين» فمنهم من يفضل تناولها مباشرة بعد الفراغ من صلاة المغرب بداعي أنها تمنح الجسم طاقة مفيدة لا توفرها باقي عناصر مائدة الإفطار، ومنهم من يؤخرها إلى ما بعد صلاة العشاء والتراويح. وتحرص ربات البيوت على إعداد الكثير من العصائر في شهر رمضان لتعويض الصائمين عما فقدته أجسامهم بسبب الحر والعطش في بلد درجة حرارته مرتفعة. ويحتل مشروب «البيصام» او «الكركديه» ذي اللون الأحمر القاني مكانة خاصة في موائد الموريتانيين، ويتم تحضيره بوضع نبات الكركديه في الماء ثم يصفى بعد مدة زمنية محددة ويحلى بالسكر ويقدم كعصير مفيد يفتح الشهية ويسهل الهضم ويخفض ضغط الدم المرتفع ويزيد من سرعة دوران الدم ويقوي ضربات القلب. الكسكس وحليب النوق يخرج الموريتانيون بعد تناول «وجبة أطاجين» في نزهات عائلية فمنهم من يقوم بزيارات لصلة الرحم ومنهم من يفضل جلسات الشاي في مقاهي شعبية تنصب خيام خاصة بالعائلات خارج المدينة، حيث يمكن الاستمتاع بنسيم الصحراء وحليب النوق الطازج. ويعود الموريتانيون إلى منازلهم في وقت متأخر من الليل ويتناولون وجبة العشاء التي تحضر غالباً من «الكسكس» أو الأرز مع اللحم والخضار، وفي السحور الذي لا يزال الموريتانيون يحافظون عليه، خاصة أن وقت الإمساك هذا العام في حدود الخامسة فجرا، يتناولون وجبة «العيش» وهي «عصيدة» تحضر من دقيق الذرة والزيت والماء، ومنهم من يفضل تناول شوربة خفيفة مع فواكه وزبادي التماساً لبركة السحور. وتقول آمنة بنت لمرابط «ربة بيت»، إن هناك تشابها كبيرا في أنواع الأكلات، التي تحضر في مختلف مناطق موريتانيا خلال شهر رمضان، حيث لا تختلف مائدة مناطق الجنوب عما يحضره سكان الشمال ومناطق الشرق والغرب، وتضيف «هناك إجماع على الأكلات الشعبية التي تحضر في رمضان كالحساء وأطاجين والكسكس مع اللحم والعيش والشواء.. فهذه الأطباق تحظى بإقبال كبير في رمضان وتحرص النسوة على تقديمها على مائدة الإفطار والعشاء والسحور». وتشير إلى أنه في رمضان يحرص الموريتانيون على زيارة القبور وصلة الرحم وإقامة حفلات عائلية ودينية، كما تتميز سهرة ليلة القدر بعادات اجتماعية ودينية خاصة، حيث تزداد درجة التعبد وقيام الليل والاعتكاف بالمساجد حتى ليلة العيد. الشباب في رمضان يستغل الشباب العشر الأواخر من رمضان إلى الإكثار من قراءة القرآن، والصلاة في المساجد، ويعمل آخرون على تحسين سلوكهم والاستفادة من روحانية وخصوصية هذه الليالي بالاعتكاف في المساجد وصلة الرحم وتقديم المساعدات لذوي القربى والمحتاجين ومشاركة الأهل الافطار والسحور وإقامة صلاة التراويح بشكل جماعي، بينما يزاوج بعضهم بين الحرص على الفوز بأجر العشر الأواخر وبين اللهو والحياة الشبابية، حيث يحرصون خلال ساعات صيامهم على ارتياد المساجد وحضور الدروس الدينية والقيام بواجب صلة الرحم، وفي المساء يجتمعون على اللهو والسمر والتسوق ومشاهدة المسلسلات، وقد أصبحت هذه الممارسات الغريبة على المجتمع الموريتاني تترسخ لدى جيل الشباب وتؤثر في درجة استفادة الصائمين من هذا الشهر. وتشكل الأيام الأخيرة من شهر رمضان ذروة الاعمال الصالحة التي يحرص عليها الموريتانيون للفوز بثواب هذا الشهر، حيث تسارع الأسر للانتهاء من شراء مستلزمات العيد من ملابس وحلويات ومؤونة للتفرغ للعبادة وقيام الليل وقراءة القرآن والذكر والدعاء. عــــادات ومعتقدات غريبة يقول الباحث الاجتماعي أحمد يعقوب بزيد، إن الموريتانيين يعزفون عن حلاقة شعور رؤوسهم طيلة شهر شعبان، وفي ليلة غرة رمضان يتوافدون على الصالونات لحلاقة شعر الرأس بشكل كامل، تيمناً بما تقول الذاكرة الجمعية للشعب الموريتاني «إن الحلق ضروري حتى ينبت لكل شخص شعر رمضان». وأضاف بزيد، أن هذه العادة متوارثة منذ مئات السنين ولا تزال تحظى بتقدير كبير في نفوس الموريتانيين. ويقسم الموريتانيون رمضان إلى: «عشراية الخيل» و«عشراية الجِمال» و«عشراية الحمير» ويعنون بذلك: أن الأولى تمر بسرعة الخيل، أما الثانية فإنها تمر بسرعة الجمال، أما الثالثة فتمر بسرعة الحمير. ومن العادات الغريبة، يضيف أبو أحمد «عودة الرجال المسافرين إلى عائلاتهم لقضاء أيام عيد الفطر حتى وإن كانوا خارج البلاد. لدرجة أن الزوجة، في بعض المناطق، تعتبر أن عدم قدوم الزوج في عطلة العيد هو بمثابة طلاق». ومن المعتقدات المنتشرة في موريتانيا أن الجن يطلقون ليلة السابع والعشرين. لذلك، تقل الحركة في هذه الليلة. بل وتكاد تنعدم في القرى النائية ذات الحجم الصغير. وفي هذه الليلة، يتبادل الموريتانيون طلب السماح من بعضهم. ومن العادات المرتبطة بالشهر الكريم، تبادل الوجبات الغذائية بين العائلات، كما تكثر الدعوات والزيارات العائلية على وجبة الفطور. ويكثر الإنفاق، حيث ينظم إفطار جماعي في كل مسجد يتولى أهل الحي غالباً مصاريفه لتمكين المحتاجين من صيام الشهر. يذكر أنه في صبيحة يوم العيد، يخرج الأطفال بملابسهم الجديدة في الأحياء يطرقون الأبواب، طالبين من الكبار «ديونة».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©