الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الأزمة المصغرة» لبيرو تثير غيرة الجوار!

16 يوليو 2014 01:28
آندريس أوبنهايمر كاتب أرجنتيني متخصص في شؤون أميركا اللاتينية مقارنةً بمعظم جيرانها، لا تزال بيرو نجماً اقتصادياً بين دول أميركا اللاتينية، مع توقعات بتحقيق نمو نسبته 4.5 بالمائة هذا العام وانخفاض مطرد في معدل الفقر. لكن حقيقة أن هذه البلاد لم تعد تحقق معدل نمو بما يقرب من 7 بالمائة سنوياً، كما كان الحال خلال العقد الماضي، أثارت أزمة مصغرة. ويقر مسؤولو الحكومة وزعماء المعارضة وكبار خبراء الاقتصاد بأن الاقتصاد يشهد تباطؤاً مقارنةً بمعدلات النمو المرتفعة التي حققها في السنوات الأخيرة، لكنهم يختلفون حول الأسباب التي أدت إلى ذلك. ففي حين ترى الحكومة أن ذلك يرجع في المقام الأول لأسباب خارجية –مثل انخفاض صادرات بيرو إلى الصين، والتي تعد أكبر مشتر لمعادن بيرو -يقول النقاد إن السبب يعود إلى اللوائح المفرطة المفروضة على القطاع الخاص من قبل حكومة الرئيس «أولانتا هومالا». وقد ذكر لي الرئيس السابق، «آلان جارسيا»، والذي عادة ما يشار إليه في وسائل الإعلام المحلية باعتباره المرشح الأوفر حظاً في الانتخابات الرئاسية المقررة في عام 2016، أن حكومة «هومالا» قد «أضاعت» السنوات الثلاث الأولى لها في السلطة. وأضاف الرئيس السابق في مقابلة أجريتها معه: «بدلا من الاستفادة من معدلات النمو السريعة في البلاد وتقديم المزيد من الحريات للمستثمرين، فقد فعلت الحكومة العكس تماماً». واستطرد قائلا: «لقد وضعت الحكومة المزيد من العقبات أمام رؤوس الأموال الخارجية، وفقدنا فرصة مهمة عندما لم نتخذ إجراءات تظهر عزماً أكبر على تحقيق النمو». ومن هذه الإجراءات، استشهد «جارسيا» بـ«قانون التشاور السابق» الذي تم سنّه عام 2011، والقاضي بضرورة الحصول على موافقة الشعوب الأصلية قبل بدء تنفيذ المشروعات التنموية على أراضي أجدادهم. وقد وقع الرئيس «هومالا» على هذا القانون الذي تدعمه منظمات الشعوب الأصلية، بعد وقت قصير من توليه السلطة. ويقول النقاد إنه بسبب هذا القانون، فإن المستثمرين مثل المطور الذي يريد تشييد ناطحة سحاب أو شركة التعدين التي تريد البدء بمشروع جديد.. يجب عليهم أولا إثبات أن الموقع الذي سيقام عليه المشروع لا يحتوي على بقايا أثرية، وهي عملية بيروقراطية تستغرق سنوات. ونتيجة لهذه القوانين، فإن كثيراً من مشروعات النفط والتعدين غادرت البلاد أو قامت بوقف أنشطتها، ما أدى إلى انخفاض الاستثمارات الأجنبية. وفي محاولة لإصلاح الاقتصاد، قام الرئيس «هومالا» في الأسابيع الأخيرة بالإعلان عن عدة تدابير لخفض الروتين وتقديم المزيد من الاستقرار الضريبي لشركات التعدين وغيرها من المستثمرين. هذا إلى جانب تجميد معدلات الضرائب على الاستثمارات الكبيرة لمدة 15 عاماً. وقد أثنى معظم خبراء الاقتصاد على إصلاحات «هومالا» الأخيرة، لكنهم سخروا من أن الرئيس أمضى ثلاث سنوات ليصدر هذه اللوائح. وعلى عكس ما وجدت في معظم دول أميركا الجنوبية في الأشهر الأخيرة، فإن معظم شعب بيرو يشعرون أن الحكومة تسير في الاتجاه الصحيح، حتى وإن كانت شعبية «هومالا» آخذة في الانخفاض. وقد أظهر مسح أجرته شركة «جي إف كي» لاستطلاعات الرأي هذا الأسبوع أن 32 بالمائة ممن شملهم المسح يتوقعون أن يحقق الاقتصاد نمواً خلال الاثني عشر شهراً المقبلة، بينما يتوقع 15 بالمائة فقط حدوث تدهور، أما النسبة المتبقية (53 بالمائة) فتتوقع أن يشهد الاقتصاد استقراراً. وهذه ليست بالدلالة السيئة على أن البيرو –وإن كانت تمر بأزمة مصغرة– تحقق نمواً ضعف الذي حققته أميركا اللاتينية والذي بلغ 2.5 بالمائة. ومن جانبه، قال رئيس وزراء بيرو الأسبق «بيدرو بابلو كوزينسكي»، والذي يأتي ذكره أيضاً ضمن مرشحي الرئاسة لعام 2016: «ما نشهده الآن ما هو إلا تباطؤ طفيف». ويتوقع «كوزينسكي» أن يشهد الاقتصاد تحسناً في مطلع العام القادم، حيث من المنتظر أن تزيد بيرو من إنتاج النحاس، وقد قامت الصين مقدَّماً بشراء معظم ذلك الإنتاج لعدة سنوات مقبلة. وعندما سألت وزير التخطيط «بييرو غيزي» ما إذا كان يشعر بالقلق حيال «الأزمة المصغرة» التي تمر بها بلاده، اعترف بانخفاض النمو الاقتصادي في بيرو؛ «لأننا كنا راضين للغاية» عن الأداء خلال السنوات الأخيرة التي شهدت نمواً مرتفعاً. وقال إن بيرو بصدد القيام بإصلاحات كبيرة في مجالات التعليم والصحة والمؤسسات، ما يتيح لها استئناف معدلات النمو البالغة 7 بالمائة سنوياً في وقت قريب. وقال: «أعتقد أن متوسط معدل النمو في بيرو خلال السنوات القليلة المقبلة سيبلغ 5 بالمائة إذا لم نفعل شيئاً، و6 7 بالمائة إذا نجحنا في القيام بالإصلاحات المخطط لها». وفي رأيي؛ ربما تمر بيرو بأزمة مصغرة، لكن أداءها أفضل بكثير من أداء الدول المجاورة. والأكثر أهمية، ورغم سياستها الفوضوية، فإن بيرو تبدو وكأن بها توافقاً اجتماعياً على أن الثبات على الدرب خلال الخمس عشرة سنة الماضية قد أتى بثماره، وأثبت التطور أنه أكثر فاعلية، فيما يتعلق بالحد من معدلات الفقر. ووفقاً للبيانات الرسمية، فإن معدل الفقر في بيرو قد انخفض من 59 بالمائة من السكان إلى 24 بالمائة خلال العقد الماضي. وحتى إذا كان معدل النمو الاقتصادي قد بلغ 4.5 بالمائة هذا العام، فمن المرجح أن تواصل معدلات الفقر انخفاضها. إنها أزمة مصغرة تود دول مثل فنزويلا والأرجنتين لو كان لديها مثلها. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. تي. سي. انترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©