الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الكنيسي: الاحتكاك بثقافات الآخرين أنتج نظرات جديدة تجاه الكون والإنسان

الكنيسي: الاحتكاك بثقافات الآخرين أنتج نظرات جديدة تجاه الكون والإنسان
16 يوليو 2014 01:31
محمد عبد السميع (الشارقة) ضمن برامج إدارة الشؤون الثقافية بدائرة الثقافة والإعلام، في احتفالات الشارقة عاصمة الثقافة الإسلامية 2014م، عقدت في قاعة الكتاب بمركز اكسبو الشارقة يوم الاثنين الماضي ندوة بعنوان تأملات في الفكر العربي الإسلامي. شارك بها د. الدكتور علي الكنيسي أستاذ الفلسفة والفكر الإسلامي بجامعة زايد. وقدمها وأدارها الإعلامي محمد الحوسني، الذي أشار إلى أن الفكر الإسلامي فكر شمولي يقوم على أساس من العقيدة الربانية، وتأثيره في القناعات والسلوك كبير، وهو من أعظم حاجات الإنسان المسلم في كافة مراحل نموه. من هنا كان لا بد من التأمل في هذا الفكر والتعريف به تاريخه، مفهومه، مراحل تطوره. وقال الحوسني في هذا اللقاء يسعدنا ويشرفنا أن يكون معنا الأستاذ الدكتور علي الكنيسي، لإلقاء الضوء على جوانب متعددة من الفكر العربي الإسلامي. في البداية قال الكنيسي: صلتي بالفلسفة ترجع إلى أني عشقت هذا النشاط الإنساني، والدي كان أستاذ علم القراءات وكنت أستمع إليه وهو يقرأ، ثم أحاول التأمل فيما يقرأ. فأصبح هناك تأسيس مبدئي بالقرآن وفكر القرآن. الأمر الذي شجعني وحفزني أن أدرس الفلسفة في جامعة الاسكندرية وأحقق المركز الأول على دفعتي. فابتعثت للحصول على درجة الدكتوراه من جامعة بلجيكا، وكانت دراستي هناك في الفلسفة اليونانية والإسلامية، ودراسة اللغة اليونانية القديمة، واللاتينية أيضاً. وأثناء دراستي وقراءتي بالمكتبة عثرت على نسخة مترجمة لمعاني القرآن باللغة اللاتينية، اكتشفت فيها كماً كبيراً من الأخطاء. واستطعت استخراج معاني القرآن باليونانية وتصحيح ما اكتشفته من أخطاء، بعدها تمكنت من ترجمة القرآن الكريم باللغة اليونانية عام 1982م. وتابع الكنيسي: لازالت المعاهد الاكاديمية تتحسس من تدريس الفلسفة او تعليمها. مع أن الذي يتأمل كلمة «اقرأ» التي وردت في كتاب الله يظن أنها مرتبطة بالقراءة، ولكن هذا هو التعجل في التفسير، يقول الله جل جلاله «اقرأ» عن طريق الوحي، والله يعلم أن النبي لا يقرأ، وهنا يجب أن نعلم أن المعنى المقصود هو التفكر، والتأمل، والتدبر. وهي معان لا تستلزم معرفة القراءة والكتابة. فيستطيع أي إنسان أن يتدبر ويتأمل ويتفكر جوهر الإسلام. لابد أن تشكر الله على نعمه وان يكون الشكر من جنس النعمة. بمعنى الشكر على نعمة المال بالإنفاق، وعلى نعمة العلم بتبديد ساحة الجهل من عقول الأخرين، ونعمة العقل بالتعقل والتدبر والتفكر. وبهذا الشكر تتحقق كمال الإنسانية بكمال العبودية للخالق. وأضاف الكنيسي: في وقت نزول الوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم عاش المسلمون الأوائل حول الرسول، ولم تكن للأسئلة الوجودية مكان، فالرسول صلى الله عليه وسلم، قدم ميتافيزيقيا كاملة عن الجنة، الحساب، حرية الإرادة، البعث، عن كل ما أراد المسلمون معرفته والاستفسار عنه. فلم يجد المسلم الأول أنه بحاجة لإعمال العقل. لكن بعد الفتوحات الإسلامية انتشر الإسلام ودخل إلى بلاد لها ثقافات مختلفة وخاصة، موجود فيها ديانات سابقة كاليهودية والمسيحية وغيرهما من الملل والنحل. وكان على المسلمين الاحتكاك بهؤلاء الناس، هذا الاحتكاك أدى إلى نشوء المدارس الفلسفية. وكان القرآن والسنة مصدرين لإقناع المسلم ،ولكن ليس لإقناع غير المسلم فنشأ علم الكلام للدفاع عن القضايا الإيمانية بأدلة وحجج عقلية. وكان للفيلسوف العربي الكندي دور في إيجاد التوافق بين الفلسفة والعلوم الإسلامية الأخرى، وخاصة العلوم الدينية، حيث تناول في الكثير من أعماله مسائل فلسفية دينية، مثل طبيعة الله والروح والوحي. وقد كان لحركة التوسع والامتداد الجغرافي تلك، التي أسبغت عليها صفات دينية وشعارات لاهوتية مقدسة من فتح إسلامي وتبشير ديني ودعوة الناس للإسلام بهدف هدايتها وزعم نقلها من الظلمات إلى النور، الكثير من الآثار الإيجابية على صعيد الاتصال والاحتكاك بثقافات وحضارات جديدة كانت تتميز برؤى ومعارف ونظرات أيديولوجية معينة تجاه الكون والوجود والإنسان. وفي خضم هذه الأحداث السياسية والاجتماعية التي تمحورت حول قضايا الصراع السياسي والأيديولوجي المغطى بمسميات دينية، ظهرت الكثير من التيارات والمذاهب والآراء الفكرية الكلامية والفلسفية والعرفانية ادعى كل واحد منها بامتلاكه للحقيقة الربانية المقدسة.. وقال الكنيسي: انبهر الناس بفلسفة سقراط وأرسطو وفي لحظة الانبهار يغيب العقل، ويترك الأمر لأعلى درجات الوجدان. ثم يفتر الوجدان ويستيقظ العقل. فلسفة اليونان فكر خلاب عقلياً تتحدث عن الخير والجمال وما إلى ذلك، عندما استوعبت من الفكر العربي فكان هناك توافق بين العقل والنقل. وأكد الكندي أن لا تعارض بين العقل والنقل، بين الفكر الوافد والدين كليهما يسعى لهدف واحد هو البحث والوصول إلى الحقيقة. وتفسير الكندي للفلسفة والعقل وفهم الفلسفة فهم الدين عن طريق العقل، وقد استطاع من تقديم دراسة لردم الهوة بين الفلسفة والدين. وبما أننا لم ننجح في قراءة تراثنا قراءة صحيحة لم ننجح أيضاً في فهم تراث الغرب وإنجازاته الحضارية. هذا لأن حضارتنا وحضارة الغرب حضارة واحدة في جوهرها وذلك بفضل اعتماد كل من الحضارتين على التفكير المنطقي والموضوعي ما ضمن قبول الآخر في عصورنا الذهبية وقبول الآخر في الغرب. فالحرية الفكرية والسلوكية كانت متاحة في العصر الذهبي للحضارة العربية الاسلامية تماماً كما هي سائدة اليوم في الغرب ما سمح بصياغة فلسفات وعلوم جديدة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©