الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لن نقف أبداً عند الكائن في عُريه

لن نقف أبداً عند الكائن في عُريه
7 ديسمبر 2016 19:10
عبد السلام بنعبد العالي «ابتداءً من القرن التاسع عشر، أصبحت العلامات تترابط فيما بينها، لتشكل سلسلة لا يؤتى على نهايتها، ليس لكونها تقوم على تشابه عديم الحدود، بل لأن هناك انفتاحاً، وفوهة لا يمكن أن تنغلق». *** الكون فضاء سيميائي لامتناهي الدلالات، مسكون بأصوات الماضي وآثار التراث، وصخب الحاضر وآفاق المستقبل. *** «ابتداء من القرن التاسع عشر، عدنا إلى الاعتقاد بأن الحركات الخرساء والأمراض، وكل الأشياء التي تضج من حولنا، كلها تتكلم». م. فوكو *** كثيرة هي الأشياء التي تتكلم... من دون أن تكوّن لغة. *** جميع الكائنات تتكلم حتى وإن ظلت صامتة، وهي، إذ تتكلم، تعني أكثر مما تقول. *** «تعرف اللغة دائما أكثر مما نعرف». م.هايدغر *** الحداثة لم تُضْفِ معانيَ جديدةً على أشياء لم يكن لها معنى، وإنما غيرت طبيعة العلامة، وبدلت الكيفية التي كانت تؤَول بها. *** أصبحنا نعطي الأهمية الكبرى بالضبط لما يبدو بعيداً عن الأهمية وعن المعنى. *** لا تتوزع العلامات في مكان متجانس الأجزاء. إنها تتدرج في مكان متفاوت. *** التفاوت لا يتم في جميع اتجاهات المكان، بل وفق ما يطلق عليه نيتشه «العمق الخارجي». *** ليس العمق إلا ثنايا سطوح. من هنا يستمد الظاهر كل «عمقه». *** ليس التأويل وقوفاً عن أصل، ولا كشفاً عن باطن، ولا تقصّياً لدلالة بعينها. *** ليس التأويل «تفسيراً» وبحثا عن معنى خفي. إنه ليس استقصاء لمعنى أول، وتنقيباً عن أصول سواء، بالمعنى الحرفي أو الكرونولوجي. *** التأويل إعطاء أولويات وأسبقيات لمعنى على آخر. *** الأولويات لا تحكمها صعوبة النصّ، وتعذّر فهمه، وإنما تتحكم فيها إرادات القوة والسلطات التي توجد وراء التأويلات. *** ليست علاقة التأويل بالنصوص والمعاني علاقة تأمل ونظر. إنها، ومنذ البدء، علاقة استحواذ وعنف. *** عندما يجزم الفكر المعاصر بلا نهائية التأويل، فليس ليثبت تعدديته فحسب، وإنما أساساً ليؤكد عدم انطلاقه من «معطى أوَّلي»، ومن «درجة صفر للدلالة». *** مهما تراجعنا القهقرى، فلن نجد إلا تأويلاً أعيد تأويله، ولن نقف أبداً عند الكائن في عُريه. *** لا وجود للمُحال إليه référent. كل مُحالٍ إليه يحيل، أي يعني ويدل signifie. *** التأويل لا نهائي، لأنه لا ينصبّ على علامة عزلاء، تعطي نفسها بشكل انفعالي، وإنما على تأويل آخر متعنّت، يحاول أن يفرض نفسه بشكل فعَّال. *** ما يميز التأويل الحديث عن التأويل الميتافيزيقي، هو أن الأول لا يخوض عملية التأويل، لأن هناك علامات أوّلية غامضة، وإنما لأن هناك تأويلات. *** «التأويل لا يكشف خفايا مادة للتأويل، تعطي نفسها بشكل سلبي منفعل. إن التأويل لا يمكنه إلا أن يستحوذ، وبعنف، على تأويل آخر، سبق وجوده من قبل، فيَقْلِبُه ويُقَلّبه، وينزل عليه ضربات عنيفة». فوكو *** إذا كان معنى الشيء هو القوة التي تستحوذ عليه وتخضعه، نفهم لماذا يسكن الصراع عمليات إنتاج المعاني، ما دامت تلك القوة لا تنصبّ إلا على قوة مضادة، لأن العلامة لا تعطي نفسها، بل إنها لا تتحكم في ذاتها. *** لا يجد التأويل أمامه معطى خاماً، لا يلفي المجال خالياً، وإنما عليه أن يُخلي المكان ليفرض ذاته، عليه أن يكتسح المجال، أي أن يعلن الحرب على ما سبقه، ومن سبقه. *** هناك «نضال طبقي» في مستوى العلامة. فالعلامة لا تتحدّد منطقياً، ولا يكفي لتعريفها حدّها المنطقي، لا تكفيها «وداعة» المنطق ولا برودته. *** النضال الطبقي يتم «داخل» كل نص، بل في مستوى كل مفهوم. *** العلامة لا تُعطىَ حتى لنفسها، فبالأحرى لغيرها. إنها دوماً علامة «تنطوي على فائض سيميولوجي». *** التأويل، كما يقول نيتشه، ليس هو البحث عن الذي يعطي للأشياء قيمتها ومعانيَها، بل عن الذي يسعى لأن يفرض على الأشياء معانيَ و«طبائع». إنه البحث عـ «من» يسمّي الأشياء. *** هذا الـ «من» ليس ذاتاً فاعلة sujet، وإنما هو نموذج، أو عنصر في نموذج. *** زمن التأويل المعاصر ليس زمن الأجل المحدود، لكنه ليس أيضاً زمن الجدل والتقدم الخطي. إنه زمن دائري، زمن التكرار والعود الأبدي. *** الصراع بين التأويلات، والتكرار اللامتناهي، والتدرّج في المكان المنثني، والتراجع الذي لا يتوقف عند «شيء» يُؤَوَّل، كل هذا يجعل التأويل المعاصر لا نهائيا، لا ينطلق من درجة صفر المعنى، ولا ينتهي عند اكتمال.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©