الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صناعة الإنسان

19 يونيو 2006 00:42
إن أصعب صناعة يواجهها العالم في عصرنا الحاضر هي صناعة الإنسان في تفكيره، المتوازن في انفعالاته، والمبادر إلى كل ما هو جديد ومفيد· لكن هل إخراج إنسان بهذا المستوى أمر يسير، وهل نستطيع أن نصنع الإنسان الذي نريده بالمواصفات المثالية· أم أن التناقضات بين انفلات الحرية غير المنضبطة وبين الكتب هو الذي يجعل الإنسان يسير بين أشكال مختلفة ومدمرة ولا تملك ما ميزها الله به من عقل عن بقية الكائنات· والإشكال الذي نحن فيه اليوم ان الكل يدعي أنه يهتم بالإنسان وان الإنسان هو الهدف، وان كل الإنجازات التي تصنع هي من أجل صناعة إنسان لا مثيل له ولكن هل هذه حقيقة؟! والمشكلة في دول العالم الثالث في صناعة الإنسان ان الدولة هي التي تحكم كل شيء، فتتحكم في هذا الإنسان منذ ولادته إلى مماته، فتتحكم في تعليمه وتوجيهه من خلال المناهج التي تناسبها والخطط التي تسيرها والتغييرات التي تحدثها من المدرسين الذين تعينهم والمدراء والموجهين الذين توجههم· وتتحكم في تفكيره فلا يعبر عن رأيه، بل يعبر عن رأي مسؤوليه ولا يسمح له إلا بقول ما يراد منه أن يقوله ولا يكتب إلا ما يملى عليه، كما وتتحكم في مشاعره وانفعالاته ورغباته وتوجهاته وكل ما فيه خروج عن النص المقدر له· ثم يقال تعال لنناقش أهمية الإنسان وكيفية تطويره لأن الإنسان أغلى كنز على وجه الأرض، فكيف بالله عليكم نخرج الإنسان المبدع المتقن المتألق في مثل هذه الأجواء؟ فلابد لصناعة الإنسان الذي نريد أن نعلمه كيف يشارك الآخرين ويتقبل رأيهم في كل الأمور ونعلمه كيف يعبر عن رأيه حتى ولو خالف ذلك رأي المسؤول أو الرئيس، ونعلمه القليل من الشجاعة لكي يعبر عن حاجته ويدافع عن حقه بل ويدافع عن الصواب إذا رأى الخطأ، ونعمله الصدق - بدل التملق - ولو كان على حساب مصلحته الشخصية، وأن نأخذ رأيه فيما يمس حياته ومستقبله بدل أن نجرب عليه النظريات الفاشلة، لذلك كانت صناعة الإنسان أصعب من الصناعات الثقيلة والخفيفة بل هي أساس قيام كل الحضارات، فلا نستخف بها· وندرك أن صناعة الإنسان ليست كلمة يقولها مسؤول ويتشدق بها أمام الملأ وينسفها ألف مسؤول آخر بأفعالهم· * نصيحة: من شاور العقلاء شاركهم عقولهم، ولا كبير على النصيحة، فأشرك إخوانك وأهل الرأي في أمرك حتى ولو اختلفت معهم· محمد صقر الزعابي
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©