منى القرق: الاهتمام بالطلاب المتميزين وتشجيعهم أهم أولوياتي

تعتبر منى عيسى القرق، وجهاً آخر مضيئاً للمرأة الإماراتية بما حققته من إنجازات ونجاحات على صعيد العمل الاجتماعي، وإسهامات ملموسة في دعم الأنشطة الفنية والثقافية ليس فقط في الدولة بل في أنحاء شتى من العالم العربي، وإن تركزت غالبية هذه الجهود داخل الدولة عبر شغلها منصب نائب الرئيس لمنظمة القيادات العربية الشابة في الإمارات. شكّل وجود منى القرق في منظمة القيادات العربية الشابة في الإمارات مسؤولية لها فهي المعنية بالمضي قدماً في مبادرات أساسية متنوعة تستهدف جموع الشباب، تشتمل على التعليم وريادة الأعمال ومبادرات تنمية وتطوير المهارات من خلال وسائل الدعم المختلفة. أنشطة بارزة توضح القرق أن منظمة القيادات العربية تركز جل جهودها على الشباب العربي من سن 18 إلى 24 عاما، ولها مكاتب في عديد من البلدان العربية، منها دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن وفلسطين. تقول: «ضمن الأنشطة البارزة التي أشرفت عليها في هذا المجال، هو الاهتمام بالطلاب المتميزين من كافة إمارات الدولة وتقديم الدعم لهم من خلال المنح والدورات المختلفة بما يساعدهم على اختراق مجالات الحياة العملية بسهولة ويسر، عقب الانتهاء من دراستهم الجامعية، ومن ذلك الاتفاق الذي تم بين المنظمة وبنك H.S.B.C. ويقضي بتدريب وتشغيل مائة طالب سنوياً لفترة ما بين ثلاثة إلى ستة أشهر، وهو ما يمنح الطلاب خبرات عملية أكبر، وينعكس إيجاباً على أدائهم الوظيفي فيما بعد». في سياق مواز ذكرت القرق أنها بحكم اهتمامها الشخصي تسعى إلى نشر الثقافة والفن بين الشباب في الإمارات، وقد بدأ هذا الاهتمام يتبلور في العام 2005، حين شغلت منصب مدير في مجلس إدارة مسرح دبي الاجتماعي ومركز الفنون منذ ذلك وعملت على دعم هذا المشروع غير الربحي منذ مراحله الأولى أثناء مرحلة تامين الدعم المالي حتى يومنا هذا. دمج الجميع أكدت القرق أنها تؤمن بضرورة دمج جميع أفراد المجتمع مع بعضهم البعض ويطيب لها أن ترى أن المشروع الذي بدأ قبل بضع سنوات دون أي دعم مالي، وقد صار أحد المشاريع القائمة والعاملة على خدمة الناس من جميع الأعمار والثقافات، وهو ما يمثل أفضل طريقة لضمان تغذية عقول الأجيال الشابة. وبينت أن مركز الفنون -يقع مقره داخل مركز الإمارات- التجاري «مول الإمارات» يشرف على إنتاج مسرحيات ومعارض فنية عديدة، لجميع المقيمين في الإمارات من جميع الجنسيات، وذلك من أجل حثهم على الاهتمام بالثقافة والفنون بمختلف أشكالها، وكذا رعاية المواهب الشابة في أي من هذه المجالات، وذلك عبر تقديم دروس ومحاضرات وكذا إقامة ندوات تختص بمختلف أنواع الفنون، بما يرتقي بذائقتهم الفنية ويفعّل وجودهم في الحياة الثقافية والفنية داخل المجتمع الإماراتي. صعوبات حول دورها ومسؤولياتها في منظمة القيادات العربية الشابة، تقول: «كوني نائبة رئيس القيادات العربية الشابة لطالما اتجهت نحو المؤسسات اللاربحية لأنها تدعم المعاني السامية، فالقيادات العربية الشابة تنمي المهارات لدى الشباب الطموح في بلادنا، ونطمح لخفض نسبة البطالة في الوطن العربي، إضافة إلى هدفنا في تشجيع الشباب لإنجاز أهدافهم وتنمية قدراتهم وهذا بإعطائهم الفرص المهنية في شركات عالمية لاكتساب الخبرة وإعطاء الطلاب المتميزين المنح الدراسية لتنمية روح المبادرة لديهم وتشجيعهم على التقدم». وفيما يخص الصعوبات التي صادفتها في بداية حياتها العملية وكيف واجهتها، أوضحت أنها حين دلفت إلى عالم الأعمال بدأته من أصغر المناصب ولم تركن إلى اسم عائلتها ووضعها المالي، لذا واجهت صعوبات عدة تصنفها في خانة الصعوبات العادية التي يواجهها الإنسان سواء كان رجلاً أو امرأة، وتتمثل في التعود التدريجي على بيئة العمل الطبيعية. تدرج وظيفي بدأت القرق العمل في مجال التسويق، تقول عن تلك المرحلة: «كنت أتعامل مباشرة مع العملاء، وبمرور السنوات تدرجت إلى مدير تسويق، ثم إلى مدير عام للتسويق في الشركة، واعتمد هذا الترقي في الأساس على الخبرات المكتسبة والمتراكمة على مدى عشر سنوات منذ اليوم الذي التحقت فيه بإحدى الشركات العاملة في مجال التسويق والدعاية، وبعد ذلك كان من حسن حظي أن عملت في شركة ذات خبرة عالمية ما ساهم في تنمية مهاراتي إلى أن وصلت إلى منصب مديرة عامة لقطاع التجزئة في إحدى مجموعة شركات عيسى القرق». ورداً على سؤال عما إذا كان العمل متعة أم إرهاق أم أنه سنة الحياة الحديثة؟ ذكرت أنه من الطبيعي أن يكون العمل متعة حتى يستطيع الفرد الإبداع والتميز فيه، وهو ليس وسيلة لكسب الرزق فحسب ولكن لإثبات الذات وتحقيق أهداف حياتية مختلفة، وبقدر ما ننجز من عمل يفيد المجتمع بقدر ما نشعر بقدرتنا على أن نكون أشخاص فاعلين ومفيدين وإيجابيين في مجتمعنا، وفي حالة الشعور بأي إرهاق أو ضغوطات في العمل، فإن النظر للنتائج الملموسة والإنجازات التي تتحقق من شأنه أن يذهب بأي أثر للإحساس بالتعب». قيمة العطاء لفتت القرق أيضاً إلى أنها تسعى إلى الإجادة في عملها وممارسته على الوجه الأكمل، حتى تكون مثالا جيدا للأجيال الجديدة ومنهم ابنتها الطالبة في المرحلة الثانوية، ولذلك فهي تحاول أن تستغل طاقاتها في أن تعطي للغير، وهذا لا يتأتى سوى بالعمل وليس الركون إلى الراحة، ومؤخراً حصلت على ماجستير في إدارة الأعمال التنفيذية من مدرسة لندن للأعمال، وهذا كله ولا شك يدعم قدرتها على ممارسة مسؤولياتها المختلفة اعتماداً على الخبرة والعلم في آن. وعن التوازن بين طبيعتها كامرأة وأم، وبين نجاحها في عملها وفي الحياة العملية والاجتماعية، تقول: «أنا أبذل قصارى جهدي في أن أكون أماً مثالية في تربية ابنتي واصطحبها معي في كثير من الجولات السياحية والثقافية سواء داخل الدولة وخارجها للتعرف عن قرب على عالم الثقافة والفنون، وفي نفس الوقت أعطي عملي حقه الكامل بإنجازه على أكمل وجه وذلك بدعم عائلتي ومن حولي». وفي هذا الإطار أضافت القرق، أن العمل يضيف للمرأة ولا يأخذ منها، وهو تكريم للمرأة ولا ينتقص من قيمتها، ونصحت الفتيات المقبلات على العمل بضرورة الاستفادة من خبرات الآخرين وذلك لمعرفة المجالات التي ستكون مفيدة لهن للعمل وأن يكن جادات في اختيار تخصصاتهن حتى يجدن الوظيفة المناسبة لميولهن وعليهن أن يلتزمن بالنظام والانضباط، وينبغي أيضاً أن يعملن على تطوير مهاراتهن وقدراتهن الوظيفية من خلال مواكبة أحدث ما توصل إليه العلم في مجال تخصصهن، وذلك بالقراءة المستمرة والمداومة على دورات تطوير المهارات. أمنيات للمرأة العاملة ذكرت أيضاً أن المرأة لها دور مواز تماماً لدور الرجل وليست تابعة له، وهي مكملة للرجل وجزء لا يتجزأ من المجتمع ككل، وعندما ينجح الانسان في عمل ما، فإن المعيار الوحيد لذلك هو مهاراته وإمكانياته الذاتية بغض النظر عن جنسه، ولذا فإن النجاح الذي يحققه عنصرا المجتمع (الرجل والمرأة)، يفيد في مسيرته النهضوية، وينعكس على أبناء المجتمع كافة. لذا يمكن القول المرأة الإماراتية أسهمت بشكل كاف في النهضة الشاملة التى يشهدها المجتمع، حيث أننا نجد المعلمة والطبيبة والمهندسة والقاضية والمحامية والوزيرة وأيضاً قبطان الطائرة في الإمارات التي أعطت المرأة كامل حقوقها مثلها مثل الرجل في حين كانت تعمل المرأة في الماضي في مجال التعليم فقط. وعن الأمنيات التي تحملها للمرأة العاملة، أعربت عن أملها في أن تعمل الجهات الحكومية على مساعدة الأمهات العاملات وذلك بافتتاح حضانات للأطفال في المؤسسات والشركات الكبرى حتى تنجز المرأة عملها وهي مطمئنة على أطفالها، وترتفع إنتاجيتها وقدرتها على العطاء. هوايات متعددة وانتقالاً إلى الهوايات، قالت القرق، إنها تحرص على القراءة باستمرار وتقوم بكتابة مقالات أسبوعية لبعض الصحف الناطقة بالانجليزية، وتعطف حالياً على قراءة كتاب «شقة الحرية» وهو من مؤلفات وزير العمل والأديب السعودي الراحل غازي القصيبي. كما أنها تهوى جمع المقتنيات الفنية، ومن أفضل ما لديها من تلك المقتنيات، لوحة زيتية لفنان العراقي، حصلت عليها من معرض»أرت دبي» في العام 2007. ولفتت أيضاً إلى أنها تهوى السفر بغرض التعرف على معالم العالم الثقافية والفنية، واكتشاف مناطق الجمال فيها، وأكثر البلدان ملامسة لوجدانها هي بريطانيا، كونها قضت سنوات عديدة فيها حال عمل والدها سفيراً للدولة هناك، وأيضاً كلاً من فرنسا وإيطاليا، لاحتوائهما على عدد هائل من المتاحف الذاخرة بعظيم الأعمال الفنية لكبار فناني العالم التشكيليين. أما عن أجمل بقاع الأرض -وفقاً للقرق- فهي جزيرة زنجبار التي وجدت فيها لدى زيارتها للإشراف على بناء مدرسة في إحدى المناطق الريفية هناك ضمن أنشطة خيرية عديدة تساهم فيها؛ أماكن طبيعة ساحرة تفوق مثيلاتها في أرقى الدول الأوروبية التي يتوافد على زيارتها الملايين سنوياً، غير أن زنجبار تلك الموجودة في القارة السمراء تمتلك من إمكانيات الجذب السياحي الكثير والكثير، وهو ما يجعلها مقصداً لعشاق الجمال والطبيعة من أقطار الأرض المختلفة.