الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المبيدات الحشرية سموم قاتلة تهدد حياتنا

المبيدات الحشرية سموم قاتلة تهدد حياتنا
30 يونيو 2013 20:46
كما هو معروف تتكون المبيدات الحشرية من خليط من المواد لها دور في إبادة ومنع أو طرد أي آفة أو حشرة أو حشائش ضارة ليس لها فائدة، ورغم أن المبيدات الحشرية الكيميائية عامة، يمكنها أن تحد من الحشرات والحشائش والآفات الضارة، فإن الإسراف في استخدام مجموعات من المبيدات الممنوعة وغير المرخصة، يصبح خطراً يهدد الحياة البشرية والمجتمعات السكانية، وكذلك الحيوانات والطيور والأحياء المائية. هناء الحمادي (أبوظبي)- من فترة لأخرى تطالعنا الجرائد اليومية بأخبار حول الكثير من الحوادث الناجمة عن استخدام المبيدات الحشرية، فالانتشار الواسع لتلك المبيدات وسهولة الحصول عليها من الشركات المتخصصة في رش الفيلات والمنازل جعلها تمثل خطراً حقيقياً على حياتنا، فمنذ عدة سنوات شكلت حادثة وفاة الطفلة حبيبة، البالغة من العمر “سنتين”، وإصابة شقيقها عبدالرحمن “6 سنوات”، بحالة تسمم شديدة ناجمة عن استنشاق مبيد حشري، كانت قد استخدمته عائلة تسكن بجانب شقتهما في إمارة الشارقة، جرس إنذار يدق ناقوس الخطر لتنبيه المجتمع. كما سبقتها حادثة مماثلة في عجمان راح ضحيتها توأم “علي وسهيل”، اللذان كانا يبلغان من العمر خمسة أشهر، ومنذ عدة أيام السيناريو تكرر مع طفلتين من إحدى الجنسيات الآسيوية إحداهما تبلغ من العمر 3 سنوات والأخرى 7 سنوات، نتيجة قيام صاحب الشقة المجاورة برش مبيد حشري غير مرخص وغير قانوني في منزله، لكن لم يتم أيضا إبلاغ الجيران بهذا العمل، وهو الأمر الذي نتج عنه تسرب الغاز القاتل إلى منزل الجار ووفاة الطفلتين دون علم أهلهما بسبب الوفاة إلا بعد تحقيق الشرطة في الأمر. كل هذه الحوادث تشكل تهديداً كبيراً لجميع من يستخدم المبيدات الحشرية من دون وعي أو خبرة. الأطفال ضحايا المبيدات من جانب آخر، ومع دخول فصل الصيف، حيث تتكاثر فيه بعض أنواع الحشرات، يلجأ طالب هارون “رب أسرة” إلى رش منزله بالمبيدات الحشرية من خلال إحدى الشركات المختصة برش هذه المبيدات، وهو على حد قوله، غالبا ما يترك المنزل لعدة أيام لحين اختفاء رائحة تلك المبيدات من المنزل، وخوفاً على أفراد أسرته من تلك الروائح التي قد تؤثر صحياً وتنفسياً عليهم، ويقول في هذا الشأن “لعلمي بمخاطر تلك المبيدات فإنني دائماً آخذ الحيطة والحذر من تأثير تلك المبيدات على أفراد أسرتي، خاصة أنها ترش في الأماكن التي تكثر بها الحشرات مثل المطابخ والحمامات، مشيرا إلى أنه لابد أن يعلم الجميع بأضرار تلك المبيدات، وألا يستهان بها، فكم من أرواح راحت ضحيتها وأغلبها من الأطفال، وسواء قام الإنسان بنفسه بالرش أو استعان بشركة للقيام بهذه المهمة.. فالخطر قائم”. عواقب وخيمة وتقول رقية سالم (33عاما)، إنها تخشى على أبنائها من ضرر تلك المبيدات الحشرية أثناء قيامها برش المنزل بالمبيدات من فترة لأخرى، وأول ما يتبادر إلى ذهنها السؤال عن أضرار تلك المبيدات على أفراد أسرتها، بالإضافة إلى المواد الداخلة في تركيبتها، وذلك للتأكد من سلامة جميع أسرتها. وتضيف رقية “رغم حرصي الزائد على نظافة الفيلا إلا أنه من فترة لأخرى تظهر تلك الحشرات خاصة في الصيف، لذلك غالبا ما ألجأ لإحدى الشركات المتخصصة برش المبيدات الحشرية بالمنزل، وأثناء قيامها بالرش أترك أبنائي في منزل والدتي لمدة أسبوع خوفاً من تعرضهم لأي مكروه قد يؤثر على صحتهم نتيجة استنشاق تلك المواد”، وتتابع “بعد الرجوع للمنزل يكون تنظيف المنزل أولى أولوياتي قبل قدوم أفراد عائلتي إليه، وذلك حرصاً على سلامتهم، وبذلك أكون تجنبت أضرار تلك المبيدات، وحافظت على نظافة المنزل”. موضحة في السياق ذاته، أنه من الخطير جداً أن يقوم شخص ما بشراء دواء أو مبيد ومن ثم يقوم أيضا برشه بنفسه للقضاء على الحشرات أو القوارض من دون الاهتمام بمعرفة أو طبيعة المادة المستخدمة، أو معرفة المقادير الواجب اتباعها وغيرها من الأشياء المهمة، والتي قد تنتج عنها عواقب وخيمة قد تتسبب كأسوأ تقدير في وفاته أو وفاة أبرياء موجودين في أماكن قريبة منه”. أنواع المبيدات من جانبه، يؤكد مدير إدارة مكافحة آفات الصحة العامة بالإنابة في مركز إدارة النفايات- أبوظبي، محمد المرزوقي أن هناك أنواعاً كثيرة من المبيدات تنقسم حسب مكوناتها وتركيبتها واستخداماتها، حيث تقسم مبيدات الصحة العامة حسب القوانين المنظمة لاستخدامها في الدولة مثل “المبيدات المحظورة”، وهذه لا يجوز لأي شخص استيرادها أو تداولها أو بيعها أو استخدامها، و”المبيدات مقيدة الاستخدام” ويقتصر تداولها واستخدامها على الأشخاص المصرح لهم بذلك، ويجب عليهم استخدامها حسب تعليمات وإرشادات الشركة المصنعة ولا يجوز استخدامها من قبل الجمهور”. ويضيف المرزوقي: “تقسم مبيدات الصحة العامة حسب التجهيزات “التركيب والمكونات”، فهناك “مبيدات مركزة”، ويسمى هذا النوع “مبيدات مهنية”، ويقتصر تداولها واستخدامها على الأشخاص المصرح لهم بذلك، أيضا هناك المبيدات الجاهزة للاستخدام، وتسمى “مبيدات منزلية”، وهي مبيدات تباع بمحال التجزئة ويجب على الجمهور استخدامها حسب التعليمات والإرشادات المدونة على العبوة وينصح بتجنبها والحد من استخدامها متى ما أمكن ذلك. وعن دور مركز إدارة النفايات حول ترخيص واعتماد الشركات والمؤسسات المتخصصة في تقديم خدمات مكافحة الحشرات والآفات وإبادتها والرقابة والتفتيش عليها، يذكر المرزوقي أن مركز إدارة النفايات- أبوظبي قام بحصر كافة الشركات المرخصة سابقاً في المجالات المذكورة، وتم إخضاعها لعدد من المتطلبات والشروط لاستيفائها الشروط وفقاً للمستويات المحددة، كما ورد بقرار مجلس الوزراء رقم (27) لسنة 2012، بشأن تنظيم تداول مبيدات مكافحة آفات الصحة العامة والذي تناول شروط والتزامات شركات مكافحة آفات الصحة العامة وترخيص العاملين فيها، من مثل وجود مهندس مختص وجهاز فني مؤهل ومتخصص ولديهم خبرات مهنية، ويعمل في مكافحة آفات الصحة العامة وتداول أو تخزين مبيدات آفات الصحة العامة، وفريق من العمالة المتعلمة بمستوى الثانوية العامة ذوي الكفاءة العالية في هذا المجال، والاشتراطات الخاصة بالمخازن، ونقل واستخدام مبيدات الصحة العامة والتقيد باستخدام المبيدات المعتمدة والمسجلة بوزارة البيئة والمياه بدولة الإمارات العربية المتحدة، والتي لا يسمح باستخدامها إلا بمعرفة أشخاص فنيين معتمدين من قبل الجهة المعنية، وضرورة الاحتفاظ بسجلات كل العمليات المنفذة وتفاصيلها واستيفاء الشروط والمتطلبات الأخرى لضمان سلامة الجمهور والعاملين والبيئة”. أضرار المبيدات وحذر أساتذة الوقاية والآفات وخبراء الصحة العامة، من عشوائية استخدام المبيدات في مكافحة الحشرات المنزلية فضررها بالغ على الجهاز التنفسي، وعن ذلك يذكر إسماعيل نعمان، أخصائي الصدر والحساسية، أضرار تلك المبيدات الحشرية على صحة الإنسان، قائلاً: المبيدات هي ثلاثة أنواع، مبيدات حشرية، مبيدات القوارض، ومبيدات الحشائش، أما المبيدات الحشرية فهي تتكون من مركبات الكلور العضوية، المبيدات المصنوعة من مصدر نباتي، النفثالين، مركبات الفسفور العضوية، ومركبات الكرباميت. ويضيف نعمان: “تتمثل أضرار المبيدات إما بشكل مباشر وذلك بوصول المبيد الحشري أو أجزاء منه عن طريق اللمس أو الاستنشاق، للفم أو العين، وذلك في الأماكن القريبة من أماكن استخدام المبيد. أو بطرق غير مباشرة عن طريق استهلاك “المواد الغذائية والماء والهواء” الملوث بآثار المبيدات، ويتم ذلك من خلال “الاستنشاق”، حيث تدخل إلى جسم الإنسان جزيئات المبيد الحشري على شكل غازات يحملها الهواء، وذلك عن طريق التنفس ويختلف تأثير تلك الغازات الضارة بحسب تركيبها الكيميائي، فنلاحظ أن الغازات التي تذوب في الماء، تذوب أيضا في السائل المخاطي المبطن للجزء العلوي في الجهاز التنفسي مما يؤدي إلى الإصابة بالتهابات حادة. والغازات التي لا تذوب في الماء تسبب التهابات في الرئة ثم التليف في المرحلة النهائية، أما الغازات التي تذوب في الدهون فإنها تمر من خلال الرئة وتصل إلى الأعضاء التي توجد بها من خلال مجرى الدم مسببة العديد من الأمراض الحادة للكلية والكبد. ويوضح نعمان: تلك المبيدات السامة تخترق الجلد عند ملامستها له أو تدخل إلى الجهاز الهضمي عن طريق الخضراوات والفواكه الملوثة التي تحمل الآثار المتبقية من هذه السموم، ومن ثم تصل إلى الدم وإلى كافة أعضاء الجسم وتستقر فيها وتسبب العديد من الأمراض الخطيرة. وعن أكثر الفئات العمرية تعرضاً للمبيدات الحشرية، يذكر نعمان أن الفئات العمرية جميعها تقريباً تتأثر بالمبيدات، إلا أن الأطفال أكثر تأثراً بها، وذلك لأن سمية المبيدات تحدد عن طريق الجرعة القاتلة، التي تقاس بجرام أو ملليجرام من المبيد لكل كيلوجرام من وزن الجسم (جم/كجم) أو (ملجم/كجم) . ففي هذه الحالة هناك إمكانية كبيرة جداً لحصول الطفل على جرعة قليلة من المبيد تساوي الجرعة القاتلة بالمقارنة مع وزنه، لهذا السبب فإن الأطفال أكثر تأثراً بالمبيدات من غيرهم”. أعراض التسمم ويبين قاسم صعب، طبيب طوارئ في مستشفى خاص، أن المبيد الحشري يعد وسيلة قضاء وإبادة للحشرات والآفات المختلفة، مضيفا أنه ومهما اختلفت المسميات، فإنه إما أن يكون مبيدا عضويا أو مبيدا مركبا، مشيرا إلى أن خطورته وتأثيره تظل قائمة ومؤثرة على الإنسان، أو على غيره من المخلوقات الحية الأخرى، سواء عبر الاستنشاق أو الملامسة أو التناول، وخاصة “الجهاز التنفسي” الذي دائما ما تكون أعراض التسمم واضحة فيه بشكل كبير، موضحاً أن تلك الأعراض تبدأ بضيق في التنفس قد يصل في بعض الحالات المتقدمة والشديدة إلى فشل تام في وظائف التنفس، أو ما يطلق عليه مسمى “أزمة رئوية حادة”، وزيادة ضربات القلب مع عدم انتظامها، وكذلك الكحة المستمرة، بينما يكون تأثر “الجهاز العصبي” واضحا وملموسا عبر حدوث اختلال في حركة المشي، والاستجابة، أما بالنسبة للجهاز الهضمي، فتتعدد الأعراض من حيث آلام البطن الحادة، والقيء، والإسهال المستمرين، إضافة إلى حالات الجفاف الشديد. خلل في الوظائف أشارت الدراسات إلى أن التأثير السمي للمبيدات الحشرية يتمثل في احتواء بعض موادها على مركبات الفسفور العضوية الشديدة السمية، وخطورتها تكمن في تأثيرها في إنزيم “الكولين إستيراز” الموجود في الجسم وتثبيط عملها، هذا التثبيط تزداد نسبته باستمرار التعرض لهذه المبيدات، وخاصة عند المتعاملين معها، حيث إن قياس مستوى “الكولين إستيراز” في الدم دليل لمعرفة درجة التسمم. الوقاية من مخاطر المبيدات للوقاية من خطر تلك المبيدات الحشرية على أفراد الأسرة خاصة الأطفال الصغار، ينصح طبيب الطوارئ قاسم صعب، باتخاذ الأساليب الوقائية من قبل المستخدمين لحمايتهم من التعرض لاستنشاق المبيدات الحشرية، كترشيد الاستهلاك وعدم الاستعمال العشوائي للمبيدات الحشرية، وإبعاد الأطفال عن أماكن رش المبيدات، ورش المبيدات على جوانب الأماكن فقط، مع استخدام الأقنعة والقفازات الواقية، واستخدام ملابس خاصة أثناء رش المبيد الحشري، ثم نزعها والتخلص منها بعد الانتهاء، ووضع المبيدات في أماكن مرتفعة وبعيدة عن متناول أيدي الأطفال، وعدم ترك بقايا أطعمة مكشوفة أثناء عملية الرش، وكذلك تنظيف المياه الراكدة. إضافة إلى حفظ المبيدات الحشرية في أدراج مغلقة أو حقائب مغلقة أو أدراج مرتفعة وحفظها في عبواتها الأصلية، مع عدم نزع سدادات العبوات والحرص على إغلاقها بإحكام دائماً، فالطفل الذي يجد عبوة مفتوحة قد يشرب محتوياتها قبل أن يتمكن أحد من منعه، إلى جانب عدم ترك عبوات المبيدات والمنظفات المنزلية على الأرض أو تحت حوض المطبخ يمكن للأطفال الوصول إليها. أيضا يجب ألا تترك المبيدات بالقرب من الأطعمة والمشروبات، فقد يعتقد الطفل أنها شيء يؤكل أو يشرب، وربما يتناول شخص بالغ محتويات عبوة ما من دون أن يعرف ما يوجد فعلاً بها، كذلك من الأفضل عدم حفظ المبيدات في زجاجات مياه الشرب أو المياه الغازية، أو الأقداح أو العبوات المستخدمة عادة لحفظ الأطعمة والمشروبات.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©