الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رحلة الحياة

28 سبتمبر 2010 22:17
مساكين الصغار، كتب عليهم أن يبدأوا رحلة الشقاء من أجل الحياة مع أول أيام الدراسة، أولا بسبب الحقيبة المدرسية الثقيلة، وثانيا بسبب ثقل ما تحمله الكتب من مواد ومصطلحات قد لا يفهمها واحد مثلي يدعي أنه يعرف كل شيء. أذكر جيداً تلك الأيام الأولى عندما انخرطت في الدراسة، قبل دهر من الزمان، كانت أياماً مأساوية لكنني تأقلمت عليها وتعايشت معها مثل أشياء كثيرة تحدث في حياتنا نضطر إلى التعايش معها لأن الحياة يجب أن تستمر. فالصراع من أجل البقاء يبدأ مع الإنسان عندما يخرج من رحم أمه بتلك الصرخة التي قد تكون صرخة احتجاج أو مفاجأة أو خوف من المصير المجهول الذي ينتظره في هذه البيئة التي لا ترحم الضعفاء، العيش فيها يحتاج إلى قوة وجهد وصراع لدرجة أن يكون تنفس الأوكسجين يحتاج إلى جهد فهو لا يدخل إلى الرئتين إلا بطريقة الشهيق. وتلك فلسفة أخرى، وأعود إلى موضوع الأطفال وصدمة أول يوم دراسي، فقد وجدتني أشفق على ابنتي وأنا أراقبها وهي تخرج منذ الصباح الباكر وحيدة من المنزل لأول مرة في حياتها، تركب الباص المدرسي وحدها لأول مرة، تتفرس في الوجوه الصغيرة الغريبة التي تراها لأول مرة، تبحث عن مكان تجلس عليه ويتحرك الباص، فتجد نفسها تبتعد عن المنزل فتشعر بالخوف والغربة، تتطلع إلى المنزل فتجده قد توارى عن أنظارها فتجزم أن حياتها في خطر رغم كل التطمينات التي سمعتها من جميع المحيطين بها، ورغم كل الحماس لركوب الباص والذهاب إلى المدرسة، تصل إلى المدرسة فتجد الأغراب قد ازداد عددهم، لكن «المس» طيبة وحنونة حتى وإن كانت تطلب أمورا غريبة وعجيبة لم تعتد عليها من قبل، الساعات تمر بطيئة والوقت لا ينتهي فتتساءل ترى متى ستعود إلى المنزل وهي تشعر كأن والديها تخليا عنها ولم يعودا يحبانها، تشعر بأن عليها أن تتعايش مع المجهول، وكل ذلك يبعث الخوف من الغموض في رأسها الصغير.. لكن هناك في وسط هذه البيئة الغريبة لا شك توجد أشياء جميلة، فهناك الألوان والألعاب والتعرف إلى أطفال آخرين من العمر نفسه والكل يرتدي الملابس الجديدة.. وبرغم أنها قد تبدو تجربة قاسية وجديدة قد تعني الخوف وتثير القلق وربما البكاء، غير أنها قصة جميلة ومغامرة جديدة، هنالك عالم جديد وحياة ملأى بالأشياء الجميلة في الانتظار لاكتشافها، هناك الحياة بأسرها في المستقبل الغامض، ربما يستحق كل هذه المغامرات الجديدة والاستيقاظ المبكر. سعيد سالم rahal ae@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©