السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الكراهية .. والموضوعية الغائبة

30 يونيو 2013 20:52
تتهاوى معايير الموضوعية في الكثير من وسائل الإعلام إلى حد الشعور بالقهر. هذا واقع لم يعد من مفر منه حيال هذا التناقض الرهيب بين وجهات نظر ورؤى وسائل الإعلام في الوقت الذي تصطف فيه جهارا، نهارا وراء جبهات الانقسام والقتال مؤيدة أو معارضة لهذا الطرف أو ذاك. تبدو الموضوعية في الإعلام، على الأقل بالنسبة للمواطن العربي حلماً صعب المنال. الباحثون في الإعلام قد يستوعبون الأمر بتفسير منطلقات كل وسيلة وعلاقاتها، ولكن المواطن البريء لا يملك إلا ّ الحيرة والاستغراب أو اليأس من صدقية وموضوعية الإعلام. عندما يكثر اجتزاء الحقائق وتطغى المواقف المسبقة والعواطف الجياشة على معظم وسائل إعلامنا وسط واقع مليء بالانقسامات والنزاعات، يصبح الحديث عن موضوعية الإعلام ضرباً من الخيال أو مسألة نادرة في أحسن الأحوال. ويصبح الإعلاميون الموضوعيون أقرب إلى الحذر لحد الإرباك. وسط الموج المتلاطم من الأزمات تبدو الموضوعية هامشيةً إلى حد العجز، وتبدو سوريالية تلك التنظيرات عن أهمية الإعلام كأداة للاتصال. كتب أحدهم مرة (فرج ، د. شعبان ، الاتصالات الإدارية، 2009) أن كثيراً من رجال الأعمال والسياسيين والدعاة والمصلحين والمستشارين وغيرهم يظنون أن «جمع الأطراف المتخاصمة مثلاً وإنشاء الاتصال بينهم سيحل المشكلات» وأن الكثير من الاتصال يؤدي إلى نتائج أفضل وأن الاتصال هو دائماً شيء إيجابي. فإمّا أن هذه الميزات غير صحيحة، رغم تجربتنا لها بنجاح في حياتنا العامة والخاصة، وإمّا أن الإعلام لم يعد أداة اتصال، بل أداة حرب وإشهار. هذا الكابوس ماثل أمامنا يومياً، في الليل والنهار. ولا شيء يبشّر بأنه سينتهي قريباً. هناك اختناق إعلامي بدون أفق قريب «للمصالحة» ولنذر من الموضوعية، في انعكاس تام للاختناق وانسداد الأفق أمام أي حلول قريبة مُمكنة، سواء أكانت النزاعات سياسية أم أيديولوجية أو مصلحية حياتية أو عسكرية حربية. كأننا على أهبة نزاع طويل، يغذيه هذا التعصب اللامتناهي للمعتقدات وبالنظرة «الفلسفية» الفارغة إلى الحياة وما عليها والكون وما وراءه. قد يقول البعض ما دام هذا الإعلام هو انعكاس لواقع الحال فهو إذن موضوعي. إنما من المعايير التي لا تستقيم الموضوعية بدونها أن تحاول هذه الجيوش من الإعلاميين، القدماء والجدد، العثور على أجوبة مقنعة لهذا العجز المتواصل والمتنامي عن حل النزاعات بدون احتراب أبناء البلد الواحد والاقتتال في صفوف العقيدة الواحدة والكراهية بين مخلوقات إله واحد. من أبسط قواعد الموضوعية أن يحاول الإعلاميون العرب السؤال ومحاولة معرفة جدوى هذه الحال الدامية من الكراهية الإنسانية أو الأخلاقية أو الدينية، ومن المستفيد منها وتداعياتها على الجميع أياً كان المنتصر. ومن بديهيات الموضوعية –مثلا - ألا يؤجّجوا هذه الظواهر من الكراهية، أو لا يكونوا هم أنفسهم – على الأقل- وقوداً لها. د. إلياس البرّاج | barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©