الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإفراط في الطعام أصل كل داء

الإفراط في الطعام أصل كل داء
16 يوليو 2014 22:27
أحمد محمد (القاهرة) كلما تقدم العلم، تطابق مع الدين، وإذا كان الطب الحديث يعالج الأمراض بعد وقوعها فإن الإسلام يعطي وصفات راقية حتى لا نقع أصلا في هذه الأمراض، وذلك من خلال الاعتدال في الطعام والشراب، قال تعالى: «وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين»، يقول علماء التغذية إن هذه الآية اشتملت على نصف الطب، فإن أكثر الأمراض من التخمة، وإدخال الطعام على الطعام، فالله تعالى ينهانا عن الإسراف في الطعام والشراب، لأن فيهما مهلكة للجسد. ويؤكد هذا المعنى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فاعلاً فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه»، وقال: «أصل كل داء البردة»، والبردة هي التخمة، وقال: «المؤمن يأكل في معي واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء»، وهذه الأحاديث أصل جامع لأصول الطب كلها، فقد روي أن ابن ماسويه الطبيب لما قرأ هذا الأحاديث، قال لو استعمل الناس هذه الكلمات سلموا من الأمراض والأسقام، ولتعطلت المارستانات ودكاكين الصيادلة، وإن الحديث الطبي النبوي جاء ليعالج جسم الإنسان، فيركز على أخطر شيء فيه، وهو البطن، فيأتي الطب الحديث ليتكلم بهذا، فيعترف الأطباء بأن أصل الداء هو ملء البطن. شر الإفراط هكذا عرف شر الإفراط في الطعام والشراب وخطره على صحة الإنسان، بيقين في هذا العصر بظهور الأمراض الخطيرة المهلكة الناتجة بسبب الإفراط في تناول الطعام، وذلك بعد تقدم وسائل الفحص والتشخيص الطبي الدقيق الذي أفضى لمعرفة حقيقة هذا الشر، وبينما كان علماء المسلمين يحذرون الناس من أخطار التخمة وكثرة الأكل عبر خمسة عشر قرناً استناداً لحديث النبي صلى الله عليه وسلم، كان غيرهم يعتقدون أن كثرة الأكل مفيدة غير ضارة ويتسابقون في ملء البطون بالطعام والشراب. ولعلَّ اكتشاف أمراض السمنة وأخطارها المهلكة وعلاقة ذلك بالشراهة وكثرة الأكل، يجعلنا نزداد يقينا بعظم القاعدة الذهبية في حفظ الصحة البشرية المتمثلة في ترشيد الأكل والشرب والتي أرشد إليها الله ورسوله، وقد توصل العلم إلى أن السمنة من الناحية الصحية تعتبر خللا في التمثيل الغذائي وذلك يرجع إلى تراكم الشحوم، وأكدت البحوث العلمية أن للبدانة عواقب وخيمة على جسم الإنسان. ويقول الدكتور حسني حمدان الدسوقي - عضو لجنة الإعجاز العلمي بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية: أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه يكفي المرء لقيمات يقمن صلبه، فلا تسقط قوته ولا تضعف معها، فإن تجاوزها فليأكل في ثلث بطنه، ويدع الثلث الآخر للماء، والثالث للنفس، وهذا أنفع للبدن والقلب، فإن البطن إذا امتلأ من الطعام، ضاق عن الشراب، فإذا أورد عليه الشراب، ضاق عن النفس، وعرض له الكرب والتعب، وصار بمنزلة حامل الحمل الثقيل، هذا إلى ما يلزم ذلك من فساد القلب، وكلّ الجوارح عن الطاعات، وتحركها في الشهوات التي يستلزمها الشبع، وهناك حقائق أربع في الحديث النبوي، المعدة المشار إليها بالبطن بأنها الوعاء، وملؤها بكثرة الأكل شر، والاكتفاء من الطعام بقدر الاحتياج، وثلثا المعدة للطعام والشراب، والثلث المتبقي للتنفس. تحديد السعرات وبعد ما يزيد عن ألف وأربع مئة عام من حديث النبي، توصل العلم إلى الكشف عن العلاقة بين تحديد السعرات الحرارية وتحسين صحة الإنسان، وهي نفس العلاقة التي ذكرت في الحديث عن العلاقة بين إقامة الصلب والقدر الكافي من الطعام، ومن الرائع حقاً أن نلاحظ التوافق بين العلم والهدي النبوي في حديث الثلث. ويكشف الحديث، عددا من الحقائق أهمها، أن الإفراط في الطعام والشراب شر وخطر على صحة الإنسان، وإقامة الصلب والحد الأدنى من الطعام هذا ما يجب على العلماء تحديده وهو المتوسط العام للسعرات المفيدة للجسم، وملء ثلثي المعدة من الطعام والشراب هو الحد الأقصى، وثلث المعدة يطابق تماماً حجم هواء التنفس، وأن التوازن الغذائي مطلب أشار إليه الحديث، ويقول طبيب أميركي إنه اشهر إسلامه بسبب هذا الحديث لأنه من أصول الطب، ولو أن الناس نفذوه ما كاد يمرض أحد. والإسراف في الطعام يؤدي إلى اضطرابات شديدة بالجهاز الهضمي من أوله إلى آخره وهذا دائماً ما يؤدي إلى دوام شكوى المريض وعصبيته وقلقه وتردده على الأطباء ولو علم أن هذا كله يرجع إلى الإسراف في الطعام والشراب لكفى نفسه شر كل هذه الأمراض وغيرها ولتمتع بصحة جيدة. الشبع المفرط يضعف القوى أفرد ابن القيم في الطب النبوي فصلا حول هدي النبي صلى الله عليه وسلم، في الاحتماء من التخم، فقال والأمراض تكون عن زيادة مادة، أفرطت في البدن حتى أضرت بأفعاله الطبيعية، وسببها إدخال الطعام قبل هضم الأول، والزيادة في القدر الذي يحتاج إليه، وتناول الأغذية القليلة النفع، البطيئة الهضم، فإذا ملأ الآدمي بطنه من هذه الأغذية، واعتاد ذلك أورثته أمراضا متنوعة، فإذا توسط في الغذاء، وتناول منه قدر الحاجة، وكان معتدلاً في كميته وكيفيته كان انتفاع البدن به أكثر، فامتلاء البطن من الطعام مضر للقلب والبدن، والشبع المفرط يضعف القوى. قال عمر رضي الله عنه إياكم والبطنة، فإنها مفسدة للجسم، مورثة للسقم، مكسلة عن الصلاة، وعليكم والقصد فإنه أصلح للجسد، وأبعد عن السرف.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©